
1967 سقوط الخيـــار القومي- الحجاب و الجلباب و فرشاة الأسنان
تميزت فترة ما سمي بالصحوة الإسلامية من بعد السبعينات بنمو و تصاعد التيار الديني في مشرقنا العربي و عالمنا الإسلامي و ظهر بشكل واضح الإنجراف المتسارع نحو إحياء الشعائر و الرمزيات مثل الحجاب ، و إزدياد عدد الجوامع ، و عدد المصلين ، والصائمين والحجاج ، وكان التركيز على شعائر الإيمان ، و أعادت جمعيات و مجموعات و تيارات نشاطها الدعوي ، و ما لبثت أن تطورت تلك الجمعيات و التيارات و أصبحت أحزاباً و تنظيمات و جماعات تركز نشاطها على النواحي الإقتصادية الإجتماعية ، و الثقافية الإجتماعية تمهيداً و تسوية لفلاحة الأرض الخصبة ، لزراعة ونشر ما سمي بالوعي الديني و الثقافة الشرعية ولكنها كانت في أغلبها تدعو إلى الإلتزام بالرموزو الطقوس و الشعائر من الناحية الدينية ( و ليس الإسلام بمضمونه و حقيقته كما رأينا فيما بعد ) ، وبث الأفكار السياسية المغلفة بغلاف ديني مقدس!
و لأننا نحن الشعوب العربية و الإسلامية إنشغلنا في تلك لفترة بالبحث عن ( قيمة ) ، نتيجة لهزيمة 67 ، وكان دافعنا ذلك الخوف على ضياع هويتنا حيث أن الهزيمة كانت ضربة هزت كياننا و زاغ بسببها بصرنا و افقدتنا التوازن و الإتزان وقد لا أبالغ في التقدير إذا قلت أن هذا الشعور لم يعترِ أمتنا العربية وحدها ، بل و الإسلامية أيضاً .
كل هذا سبب قفزة في الهواء، وردة فعل عشوائية متخبطة و غاضبة أو حتى مرتعبة من فكرة ضياع ( الهوية ) ، و في ظل تصور أن الهزيمة العسكرية و إحتلال الأرض العربية و على رأسها القدس الشريف من قبل إسرائيل و بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية و الغرب ترتب على ذلك أننا نأينا بأنفسنا عن لوم أنفسنا و استسهلنا إتهام التجربة الإشتراكية ، و القومية الناصرية ، وفي ظل ثورة عصر المعلومات ، و التطور التكنولوجي ، و التغريب وإزدياد الهجرة و الإفتتان بالغرب كنمط حياة يضمن الرفاهية و العدالة الإجتماعية و الحرية السياسية و التقدم و التمدن ، و بفعل آلات الوسوسة الإعلامية الغربية أو المتغربة بدأ الناس بشكل عفوي يتهمون ناصر و القومية و كل المبادئ الثورية بالقصور و الفشل ولم يكن لديهم بفعل الصدمة من ناحية و بفعل من استغل الصدمة سيسيا وفق أجندة خاصة ، لم يكن لدى الشعوب العربية و الإسلامية وقت للتحليل السليم ، ولم تتواجد للاسف بينهم قدرة تثقيفية ضابطة و موجهة تحاول أن تتصدى بالشرح و التحليل و تنافح عن المبادئ و القيم الثورية السائدة حينها ، فلم يجد الناس أمامهم بداً سوى البحث عن خيار صراع البقاء ، و قد كان الغرب يراقب و يدرس هذا التحول بشكل مكثف و بإهتمام بالغ خاصة أن الفكر السائد قبل الهزيمة الداعي إلى بعث الروح و الثقافة القومية ، و بناء مجتمع الكفاية و العدل و الإشتراكية العربية ، كانت في حقيقتها ركائز و دعائم قيام المجتمع الذي نسميه ( المصطفوي ) و الذي يشبه إلى حد كبير مجتمع فجر الإسلام ، بكل ما فيه من عدالة إجتماعية و حكم مدني وطني لا يفرق بين الملل و الألوان ، ذابت فيه كل الأجناس و العقائد اللاهوتيه و الفلسفية في بوتقة واحدة ودولة واحدة ..
إلا أن ( ردة الفعل ) الرمزية الشعائرية تلك ، لم تقلق الغرب المستعمر ، بل أنها لاقت دعماً فيما بعد سواء لأنظمة تبنت هذا التوجه أو تنظيمات و جماعات معينة ، لسبب بسيط جداً ، وهو معرفة الغرب بأن التمسك بالتقاليد و الشعائر و المظاهر ، هو أبعد ما يكون عن جوهر الدين الصحيح الذي كان يمكن أن يبني دولة على الأسس التي بدأت في العهد الناصري و البعث القومي للأمة .
بالتالي أصبحت مجتمعاتنا في حالة لا محيص من وصفها بأنها حالة يشوبها التأزم و التقزم و الهزيمة ، تحركت بعض التيارات و الجماعات بنية صادقة ربما ، و أخرى بتشجيع مسيس ، ولكن الحصيلة أن الجميع بدأ البحث عن قيمة تنافسية ، نمتكلها و لا يمتكلها الغرب و المتغربون ، فلم نجد إلا بعض ( المظاهر الشعائرية ) لنتمثل بأنها ( قيم ) نملكها و لا يملكها الغرب .
و للأسف فقد ثبت لنا ، الآن ، بعد أكثر من خمسة عقود من اللهاث خلف الشعائر و الرموز ، و الحجاب و اللحية و الجلباب و إختلافات التأويل و المذاهب و إرضاع الكبير و زواج القاصر و عذاب القبر و غيرها من البدع و التمسك بالقشور و المروثات البائدة ، بأنها لا تبني دولة و لا توحد أمة ، بل أكثر من هذا ، فقد ثبت أنها فايروس لا يسبب إلا التشرذم و التمذهب و التحزب و الخلاف ، وصل إلى حد التكفير و التخوين ليس فقط للمجتمعات و الأفراد ، بل و بين بعضها البعض ، فكم جماعة إنشقت عن جماعة و كم من مهدي منتظر ظهر ، و كم من جماعة إدعت أنها الجماعة الناجية و الصالحة و السائرة على الصراط المستقيم و غيرها خارج عن الدين و الملة و الأصول و القيم و الأخلاق و الوطنية جميعـــا !
من العاقل جداً أن نعترف بالمرض ، حتى نستطيع أن نشخصه و نحدد علاجه ، و من الطبيعي جداً أن نعترف أن هزيمة 1967 كانت ضربة مزلزلة أفقدت الأمة العربية ، بل و الشرق و أفريقيا و العالم الإسلامي الصواب .. و بنفس القدر من الموضوعية علينا أن نعترف بأن الوصفة العلاجية ، بردة الفعل الشعائرية الرمزية ، حسنة النية ، أو تلك المسيسة ، لم تكن إلا مزيداً من السم و مزيداً من الهزائم ألحقناها بأنفسنا بأيدينا ، و أنها بشكل مباشر أو غير مباشر تمكين للغرب المستعمر من رقابنا و أحلامنا و أوطاننا
و بالتالي فإنه من المحتم علينا أن نفكر ، بأننا إذا اردنا مجتمعاً قوياً ، و تحرراً حقيقياً ، فالتمسك بالأصول و القيم لا يعني أبداً التمسك بمظاهر القيم ، أو شعائر الدين فقط ، بل بجوهرة ، فمكارم الأخلاق , وحقوق الإنسان ذكراً و أنثى و طفلاً و عجوزاً ، سليماً معافى أم معاقاً باي شكل ، والديمقراطية و العدالة الإجتماعية من أسس الدين ، و الحرية سنام الدين و العلم أساس الدين ، و"إقرأ" هي أول أمر في أول آية نزلت على الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام لتكون منهاج الأمة فيما بعد ، و التعلم بالقلم ( يعني بالمباحث المختلفة ، بتقليم و تبويب العلم و التخصصات ) ، بهذا يمكن أن تحافظ الأمة على قيمها ، و أصولها ، و تبني الأوطان الني يقرر فيها المجتمع حين يأمر ( يحكم ) بالعرف ( ما تعارف عليه المجتمع من قوانين ضابطة )، ماهية الحجاب و أشكال الأزياء ، و معاني الإحتشام و مظاهره ، و حينها يمكن أن ينصرف إلى ترف و أريحية المفاضلة بين المسواك و فرشاة الأسنان !

حماية الاطفال وخصوصا ذوي الاعاقة واجب انساني وقانوني

قرارات القمة في قطر

قمة الدوحة فرصة تاريخية ووأخيرة للعرب لاستعادة هيبتهم !!

الجمعية العامة والقوة الشعبية للفلسطينيين

أزمة إسرائيل الداخلية تتحوّل إلى تهديد مباشر: تجنيد العرب يقترب

عن نتنياهو وبريد رسائله المستمرة

عمليات مقاومة مثيرة للجدل.. هل يمكن العودة إلى ما قبل اتفاقية أوسلو؟
