ثلاث سيناريوهات تنتظر الشعب الفلسطيني
مقالات

ثلاث سيناريوهات تنتظر الشعب الفلسطيني

ساهمت زيارات " نداف ارجمان " رئيس جهاز الشباك الاسرائيلي  في الاشهر الاخيرة الى المقاطعة بشكل كبير في اتخاذ قرار الغاء الانتخابات الفلسطينية التشريعية و الرئاسية خوفا من فوز حركة حماس في الانتخابات  وبالتالي كان قرار الغاء الانتخابات الفلسطينية له تداعيات كبيرة على الشارع الفلسطيني ونقطة فارقة في المستقبل السياسي للنظام السياسي الفلسطيني بشكل عام.
وبعدها مباشرة تمكن نفتالي بينت ولبيد من تشكيل حكومة في اسرائيل وجلس نتنياهو يرأس المعارضة الاسرائيلية في الكنيست ينتظر الفرصة لكي يعود بقوة الى المشهد السياسي في اسرائيل ، ولكن المهم هنا التصريحات التي صدرت من نفتالي بينت  ولبيد وغانتس فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية و مستقبل الاراضي الفلسطينية المحتلة ويبرز السؤال المهم : ما هي القواسم المشتركة لحكومة بينت_ لبيد فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحل الدولتين؟؟
يبدو ان هناك اتفاقا وربما يمثل اجماع داخل الكابينت الاسرائيلي السياسي و الامني  ممثلا بقادة الائتلاف الحكومي بينت ولبيد وغانتس  واكدوا جميعهم " لا لدولة فلسطينية ولا لحل الدولتين و القدسة عاصمة موحدة وابدية لاسرائيل " وكل المعطيات تشير الى هذه الاستراتيجية التي يتبناها بينت ولبيد حيث اكد "بينت" لن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورفض مناقشة وطرح الدولة الفلسطينية  مؤكدا ان الحوار الاسرائيلي الفلسطيني يقوم على معادلة جديدة " الاقتصاد مقابل الامن" واكد بينت انه رفض عقد لقاء بين غانتس و ابو مازن الا بعد ان اكد له غانتس " لن يجري مفاوضات سياسية وان زيارته للمقاطعة سوف تبقى في اطار اقتصادي امني لتحسين الحياة المعيشية للسكان الفلسطينيين والحفاظ على امن اسرائيل من خلال الحفاظ على وجود السلطة الفلسطينية ودعمها اقتصاديا.
اما لبيد فقد اكد في مؤتمر هرتسيليا الاسبوع الماضي  بان حل الدولتين غير ممكن و المعادلة الجديدة تتعلق بالاقتصاد مقابل الامن وتخفيف معاناة السكان في الضفة الغربية و قطاع غزة  مع تقوية السلطة الفلسطينية واضعاف حركة حماس. وجاء جو بايدن في خطابه في الامم المتحدة واكد ان حل الدولتين غير ممكن ومازال الطريق طويلا للمفاوضات وربما كلمة طويلا تعكس اكثر من الفترة الزمنية التي سوف يبقى فيها بايدن في البيت الابيض  وبالتالي تصبح عملية السلام وحل الدولتين في مهب الريح بعد ان تكون اكملت اسرائيل كل المخططات الاستيطانية و اقامة البنى التحتية  و شبكة المواصلات التي تسمح للمستوطنين باقامة دولة لهم داخل دولة ويصبح حل الدولتين غير ممكن للتطبيق وغير مقبول فلسطينيا واقليميا ودوليا.
وهنا لا بد من طرح السؤال الكبير و المهم حول تداعيات انهاء حل الدولتين ونسف عملية السلام في الشرق الاوسط برمتها : ما هي السيناريوهات التي تنتظر الشعب الفلسطيني في المستقبل القريب على خلفية تصريحات الحكومة الاسرائيلية  وتصريحات الادارة الامريكية التي لم تعد القضية الفلسطينية  من اولوياتها وخارج اجندة البيت الابيض و الخارجية الامريكية؟؟؟
السيناريو الاول: تجسيد فكرة بينت _ بايدن في الاراضي الفلسطينية المحتلة "الاقتصاد مقابل الامن"  وهي بالاساس تقوم على استراتيجية ( نتنياهو _ ترمب)  ضخ المليارات للشعب الفلسطيني وتحسين الوضع الاقتصادي  واقامة المشاريع و الاستثمارات في الاراضي الفلسطينية المحتلة بدعم وتمويل بعض دول الخليج والحفاظ على السلطة الفلسطينية وعدم السماح بانهيارها  وبالتالي تقوية الاقتصاد الفلسطيني بالملايين من الدولارات وفتح البنوك وتسهيلات مالية عبر القروض  لشراء البيوت والسيارات الحديثة وبناء مشاريع الاسكان و الفلل في اريحا وضواحي رام الله ، واغراق السوق الفلسطيني بالدولارات واحياء الحفلات في روابي والفنادق واقامة حفلات التخرج  بداية من حفل التخرج في الصف السادس الابتدائي مرورا بحفلات التخرج في الثانوية العامة والتي تصل تكلفتها عشرات الالاف من الشواكل  وصولا الى اقامة حفلات الاعراس في القاعات و الفنادق والتي تصل اقامة حفل الزواج الى 150 الف شيكل في الفندق ما يعادل خمسين الف دولار ما يشبه اعراس امراء الخليج  وبقاء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة  لا يملك قوت يومه ويبقى محروما من الكهرباء و الغاز و الماء بحجة وجود الانقسام الفلسطيني.
السيناريو الثاني: الابقاء على سياسة " فرق تسد"  وهي تتمثل في تغذية الانقسام الفلسطيني الفلسطيني  من خلال دعم قطاع غزة وفتح المعابر وادخال الحقيبة القطرية والحفاظ على قوة معقولة لحركة حماس في قطاع غزة مع مراقبة المعابر و الحدود بمنع ادخال اسلحة او المواد الخام التي تسمح لحماس باعادة بناء قوتها العسكرية مقابل ضخ الملايين الى الضفة الغربية وابقاء السلطة الفلسطينية في رام الله  و ابقاء حماس مسيطرة في قطاع غزة مع الحفاظ على امن اسرائيل من خلال التوصل الى هدنة طويلة مع حماس تتمثل في فك الحصار عن قطاع غزة بشكل تدريجي وفق جدول زمني يتفق مع سياسة حماس وسلوك حماس على الارض من خلال التوصل الى هدنة مع حركة حماس عبر وساطات اقليمية  وربما تدخل تركيا على الخط  الى جانب مصر في الضغط على حماس  والتوصل الى هدنة سياسية بين حماس واسرائيل اذا ماقامت حماس ببيان صحفي او وثيقة جديدة تؤكد احترامها للاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع اسرائيل على الرغم من تحفظها على تلك الاتفاقيات.
السيناريو الثالث:  وهو السيناريو الاخطر بالنسبة لاسرائيل  و المؤسسة الامنية و السياسية في اسرائيل  وهو اعلان وحدة جماهيرية  وشعبية  بين حماس وحركة فتح نحو انتفاضة عارمة  وحركة جماهيرية تمثل كل الفضاء الاجتماعي و السياسي  والثقافي  و الديني الفلسطيني  من خلال انتفاضة شعبية في كل الاراضي الفلسطينية المحتلة وهو ما تراقبه يوميا اجهزة المخابرات الاسرائيلية وتسجيل جميع الاحداث التي تحصل في الاراضي الفلسطينية المحتلة و على الرغم من السيطرة على الاوضاع الامنية في الضفة الغربية مازالت تنظر الاجهزة الامنية الاسرائيلية ان جميع المواجهات الشعبية و الجماهيرية ضد الاحتلال ليست بالمستوى الذي يشكل خطر على الامن الاسرائيلي ولكن الاحداث التي حصلت بداية الشهر الجاري في تمكن ستة اسرى من الهرب من سجن جلبوع وقتل جندي من الوحدات الخاصة على حدود غزة واستشهاد خمسة من عناصر حركة حماس  يوم امس ، مازالت المؤسسة الامنية تنظر بدرجة من الخطورة حول اندلاع انتفاضة جماهيرية جديدة في الاراضي الفلسطينية وربما هذه الانتفاضة تحتاج الى حدث هام وكبير في الاراضي الفلسطينية المحتلة وباعتقادي  هذا الحدث ليس بعيدا وربما قريبا وفي كل الاحوال فانني اعتقد ان السيناريو الثالث  واندلاع انتفاضة جماهيرية  فلسطينية ممثلة في جماهير فتح وحماس هي الاقرب الى المستقبل السياسي الفلسطيني للقفز على الانقسام الفلسطيني الفلسطيني و مواجهة مشاريع الاستيطان و التوسع واجندة ولدت ميتة ممثلة في " الاقتصاد مقابل الامن"

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.