لماذا تعيد إثيوبيا الآن بناء قواتها البحرية رغم أنها دولة حبيسة؟
عربي ودولي

لماذا تعيد إثيوبيا الآن بناء قواتها البحرية رغم أنها دولة حبيسة؟

صدى نيوز - كشفت القوات البحرية الإثيوبية، عن شعارها الجديد والوسام والزي الرسمي، خلال حفل أقيم في كلية الدفاع الجوي بمدينة بيشوفتو.

ترأس الحفل رئيس أركان الجيش الجنرال بيرهانو جولا، وقائد القوة البحرية كيندو جيزو، والملحقون العسكريون لدول أخرى، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإثيوبية "إينا".

الشعار الجديد باللون الأحمر والأبيض والأصفر، حيث يرمز اللون الأحمر إلى التضحية والاستعداد، بينما يمثل اللون الأبيض السلام والمعرفة والعرق والهوية، والأصفر يدل على الأمل للبلاد وشعبها.

الشعار الذي كشف عنه هو مرساة، وهي رمز دولي للبحرية، ومجموعة من الزيتون تكشف عن قدرتها القوية، حسبما ذكرت الوكالة.

وتعمل إثيوبيا على تطوير القوة البحرية حاليا بعد أن فقدت البلاد منفذ البحر الأحمر قبل ما يقرب من ثلاثة عقود في أعقاب انفصال إريتريا آنذاك، وتسعى جاهدة لإعادة بناء قوتها البحرية كجزء من الإصلاحات العسكرية في البلاد.

إثيوبيا الغنية بالأنهار، باتت دولة حبيسة تماما دون أي حدود بحرية بعد فقدانها منفذ البحر الأحمر، ومن غير المفهوم كيف تخطط لاستخدام هذه القوات العسكرية البحرية.

في يونيو/ حزيران 2018، تعهد رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بإعادة بناء القدرات البحرية للجيش الإثيوبي، وفي غضون أشهر قليلة، وقع اتفاقية تعاون دفاعي مع رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، لتطوير سلاح البحرية الإثيوبي وتدريب البحارة الإثيوبيين بفرنسا.

أعادت إثيوبيا تأسيس أسطولها البحري العام الماضي، لأول مرة منذ أن حلت قواتها البحرية عام 1991، عقب انفصالها عن إريتريا المُطلة على البحر الأحمر، بعد حرب دامت عقدين من أجل الاستقلال.

على مدار الجزء الأكبر من تاريخها، كانت إثيوبيا حبيسة بلا سواحل، باستثناء فترات محدودة، عندما منحها البرتغاليون مطلع القرن الـ16 السيطرة على ميناء "مصوع" الإريتري.

لماذا إذن هذه الخطوة؟

قال تقرير لمركز مقديشو للبحوث والدراسات، صدر عام 2019 واستند إلى تحليلات معهد "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكي المتخصص في خدمات التنبؤ الجيوسياسي، فإن إثيوبيا ترغب في بناء أسطول بحري قوي، وتسعى لاستعادة "مجدها القديم" وبناء البحرية الإمبراطورية، وذلك ضمن خطتها السياسية والاقتصادية.

تريد إثيوبيا أن تصبح القوة الإقليمية الأقوى في أفريقيا والدليل على ذلك أنها قامت في السنوات الماضية بإصلاحات سياسية واقتصادية شاملة لتعزيز استقرارها الداخلي  والسيطرة على سكان البلاد الذي يبلغ تعدادهم نحو 100 مليون نسمة وتأمين حدوها وتوفير ميناء يساعدها على نقل صادراتها إلى العالم.

كما تسعى إلى منافسة الدول الكبرى على النفوذ والسلطة في القارة الأفريقية، إضافة إلى حاجتها ملحة إلى الحصول على موانئ في البحر الأحمر والمحيط الهندي، لأن فقدان إثيوبيا الوصول المباشر إلى البحر بعد استقلال إريتريا عام 1993 يثير قلقها ويضعف قدرتها على الدفاع عن مصالحها في البحر الأحمر أو خليج عدن.

وأشار التقرير إلى أن الحقول النفطية المكتشفة في مناطق بإثيوبيا وأخرى في سواحل الصومال وحدودها البحرية مع كينيا، يدفع أديس أبابا بقوة نحو بناء قوة بحرية تشارك في حماية تلك المناطق، لا سيما الواقعة في سواحل الصومال الذي ليس لديه جيش قوي قادر على تولي مسؤولية حماية هذه الثروة.

كما أن أديس أبابا يراودها حلم التواجد العسكري في مضيق باب المندب والمحيط الهندي وقيادة القوات الدولية التي تحارب القرصنة والتجارة غير الشرعية في سواحل الصومال.

ورجح التقرير عزم إثيوبيا بناء قاعدة عسكرية بحرية في إحدى دول منطقة القرن الأفريقي المطلة على البحر، الصومال، أو جيبوتي، أو كينيا أو إريتريا أو السودان، لكن لم يتم الكشف عن المكان الذي ستختاره اثيوبيا من بين تلك الدول، بيد أن هناك معلومات تتحدث عن تفكيرها في بناء قاعدتها البحرية بكينيا.

بعض التقارير رجحت بناء القاعدة في كينيا ضمن مشروع "لابسيت" الذي يهدف إلى تطوير ميناء مدينة لامو على المحيط الهندي بالقرب من الحدود مع الصومال، وبناء خط سك حديدية يكون ممر نقل يربط إثيوبيا بجنوب السودان وكينيا، لكن نفى مسؤولون إثيوبيون ذلك، رغم أنهم لم يستبعدوا إمكانية حدوثه.

الصومال أيضا من بين أبرز المرشحين لإستضافة هذه القاعدة نظرا للعلاقات الحميمية التي تربط الرئيس الصومالي المنتهية ولايته، محمد عبد الله فرماجو، مع رئيس الوزراء آبي أحمد والعلاقات الإثيوبية القوية مع الولايات الاقليمية الصومالية وخصوصا بونت لاند أرض الصومال المطلتين على البحر الأحمر.

اتفق الجانبان في يونيو عام 2018 على الاستثمار معا في أربعة موانئ بالصومال لجذب الاستثمار الأجنبي. كما حصلت إثيوبيا في عام 2017 على حصة بنسبة 19% في مشروع مشترك مع موانئ دبي العالمية لإدارة ميناء في بربرة، بمنطقة أرض الصومال، بحسب مركز مقديشو.

يحتمل أيضا أن تجد إثيوبيا موطئ قدم لها في جيبوتي التي تستضيف العديد من القواعد العسكرية لقوى عظمى، لكن هذا الاحتمال ضعيف؛ لأن إثيوبيا خائفة من تأثير القوى الأجنبية على جيبوتي وتتجنب إحراج جارتها التي ظلت منذ عقود منفذها البحري الرئيسي لصادراتها ووارداتها.