يعود تاريخهم إلى القرن الثاني قبل الميلاد.. من هم المكابيون الذين يستلهمهم نتنياهو في خطاباته؟
منوعات

يعود تاريخهم إلى القرن الثاني قبل الميلاد.. من هم المكابيون الذين يستلهمهم نتنياهو في خطاباته؟

صدى نيوز - خلال مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 6 ديسمبر/كانون الأول، وصف بنيامين نتنياهو جنوده بـ"المقاتلين المكابيين"، في استدعاءٍ جديدٍ للخطاب الديني للترويج لحرب الإبادة التي يقودها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والمتمثل في طائفة المكابيون.

 وقال نتنياهو: "مقاتلونا هم الجيل الذي يتابع مسيرة المكابيين، إذ يخوضون هذه الأيام القتال بشجاعة وبمنتهى الشهامة وبعزم. واليوم، كما حدث حينها، سنصلي معاً لأجل سلامتهم، وسنصلي معاً لأجل سلامة بلادنا، ليصنع الله -عز وجل- خلاصاً كبيراً".

وتأتي إشارة نتنياهو إلى جماعة لها ذكرها الخاص وتأثيرها الكبير في تاريخ الديانة اليهودية، وهي جماعة المكابيين، في إطار مساعيه من أجل دعوة جنود الاحتلال لتنفيذ عملية إبادة جماعية، عبر ترديد مقتطفات من التوراة، تعطي شرعية لإبادة الفلسطينيين، دون أن يفهم ذلك المستمعُ العادي من غير اليهود أو غير المتخصصين في الدراسات اليهودية، فمن هم المكابيون الذين استدعاهم نتنياهو في خطابه هذه المرة؟

من هم المكابيون، وما هي ثورتهم؟

 تاريخياً، المكابيون هم جماعة من المتمردين اليهود الذين ينتمون إلى حركة سياسية دينية يهودية، قادها في القرن الثاني قبل الميلاد يهوذا المكابي، في سبيل السيطرة على يهودا التي كانت جزءاً من الإمبراطورية السلوقية اليونانية التي كان يحكمها أنطيوخس الرابع، والسيطرة أيضاً على الهيكل وتطهير اليهود من الوثنية التي شاعت حينها.

فبعد وفاة الإسكندر الأكبر، قُسّمت إمبراطوريته إلى 4 أقسام، فسيطر البطالمة على رقعة واسعة مركزها مصر، والسلوقيون على رقعة أوسع مركزها سوريا، وبقيت فلسطين متأرجحة بينهما، إذ حكمها البطالمة أولاً، بداية من عام 301 قبل الميلاد، ولمدة قرن لم تشهد أحداثاً مهمة في تاريخ اليهودية.

في عام 198 قبل الميلاد، دخل أنطيوخس إلى القدس، ومنذ ذلك الوقت أصبحت تابعةً إلى الإمبراطورية السلوقية، التي سرعان ما دخلت في صراعٍ مع اليهود.

إذ حاول السلوقيون حينها فرض الدين والثقافية الهيلينستية على اليهود، الأمر الذي أدى إلى ثورة المكابيين من أجل تحقيق دولتهم المستقلة.

وفي سبيل ذلك، شنّ المكابيون بقيادة يهوذا المكابي حروب العصابات والشوارع ضد السلوقيين، عُرفت بالثورة المكابية، التي نجحت في السيطرة على الهيكل وتطهيره من مظاهر الوثنية اليونانية، وهي المناسبة التي خُلدت عند اليهود بما يُعرف بعيد الأنوار اليهودي.

 وفي إحدى الحروب قُتل يهوذا المكابي، وخلفه إخوته الذين انسحبوا بجيوشهم حتى انتصروا بالسياسة حين دعموا أحد المتنازعين على الكرسي السلوقي، واستمروا في هذه الألعاب السياسية حتى نالوا استقلالهم، لتقوم الدولة الحشمونية عام 140 قبل الميلاد، وتستمر حتى عام 37 قبل الميلاد، والحشمونيون هم أنفسهم المكابيون. 

ولكن الدولة الحشمونية التي أقامتها "الثورة المكابية" غرقت إلى آذانها بعدما وصلت إلى مراكز القرار والتأثير، لتسقط نهائياً بعد نجاح الإمبراطور الروماني بومبي الكبير في السيطرة على القدس سنة 63 قبل الميلاد.

ما أصل تسمية المكابيين؟

وتختلف الآراء في أصل تسمية المكابيين، إذ يُرجع بعض المؤرخين أصل المكابيين إلى الكلمة العبرية "مقبي" بمعنى المطرقة، وهو اللقب الذي أخذه يهوذا المكابي، إشارة إلى شجاعته وشدة بأسه في حرب السلوقيين.

بينما يرى آخرون أن كلمة "مكبي" اختصار بالحروف الأولى لجملة في التوراة جاءت في نشيد انتصار موسى على فرعون، وهي "مي كموخا بئليم يهوه"؛ أي "من مثلك بين الآلهة يا رب"، وهي العبارة التي خطها يهوذا المكابي على رايته التي خاض بها حروبه.

ليست المرة الأولى التي يستشهد فيها نتنياهو بالمكابيين

لم تكن المرة الأولى التي يستدعي فيها نتنياهو سيرة المكابيين في حديثه عن المواجهات مع الفلسطينيين.

ففي 19 ديسمبر/كانون الأول 2017 تحدّث أمام حزب الليكود، واهتم بالرد على قرارات الأمم المتحدة التي أقرّت بأن حائط البراق أرض فلسطينية، فقال "كان لنا وسيبقى، لم يكن للفلسطينيين أي وجود في فترة المكابيين"، كما أنه إستدعى العماليق في خطابه الذي سبق الهجوم البري الإسرائيلي على غزة.

قائلاً: "عليكن بتذكر ما فعله العماليق بالإسرائيليين. نحن نتذكر، ونحن نقاتل".

ويقول نتنياهو إن جنود جيش الاحتلال جزء من إرث المحاربين اليهود الذي يعود تاريخه إلى 3000 عام منذ عهد يوشع بن نون إلى أبطال حروب 48، و67، و73، وكل حروب إسرائيل، حسب تعبيره، وأكد أن هدفهم واحد: "دحر العدو القاتل، وضمان وجودنا في أرضنا".

عربي بوست