هجرة الشباب تدق أبواب غزة.. هل سيتحول القطاع لـ"بلد عجوز"؟
تقارير مميزة

هجرة الشباب تدق أبواب غزة.. هل سيتحول القطاع لـ"بلد عجوز"؟

متابعة صدى نيوز - في مشهد بات متكرراً، يتجمع عشرات الشبان أمام بوابة لمقر شركة خاصة في قطاع غزة، تختص بإصدار تأشيرات سفر إلى تركيا.. فأصبح هذا الأمر يشغل الشارع في قطاع غزة، فهل سيرحل شباب غزة إلى المنفى هرباً من واقع مؤلم؟ ومن الجهة المسؤولة عن وقف "نزيف العقول والقوى الشابة"؟  

صورة طبيعية في مجتمع محاصر منذ سنوات، يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة جداً، وبطالة كبيرة، وسط عدم اكتراث من مسؤولي حماس في قطاع غزة، والحكومة الفلسطينية في رام الله، يعلق أحد الاقتصاديين في قطاع غزة. 

ويقول أحد المتابعين للاكتظاظ اليومي أمام مقر شركة التأشيرات في قطاع غزة: "لا أحد يكترث لهؤلاء الشباب لأن المهم هو الأموال التي تصدر عن تجديد الجوازات بغرض السفر، وكافة الرسوم المترتبة على عملية سفر كل شخص".

وما يقارب 60 شاباً ممن يغادرون المعبر هذه الأيام بغرض السفر، تكون وجهتهم تركيا، ثم الهجرة لليونان، باتجاه "قوارب الموت".  

ما يُجمع عليه أهالي غزة عند نقاش هذا الملف، كما رصدت صدى نيوز، هو أخطر من كون الأمر مجرد رحلة سياحية ترفيهية لمنطقة ما في العالم والعودة، بل يتعداه ذلك لـ"الهجرة"، فالكثير من الشبان تركوا جامعاتهم وقرروا السير بتجربة الهجرة، على أمل أن يعودوا بعد سنوات وهم يملكون أموالاً كثيرة، وينقذون أسرهم من الفقر المدقع، ولكن النتيجة إما فشلهم في الغربة وعدم تحقيق أي شيء أو عدم عودتهم للقطاع أبداً.

ويعاني الشباب في قطاع غزة من افتقارهم للتوعية من الجهات المختصة الحكومية أو المؤسسات الخاصة أو الأهالي، عن أضرار أو منافع الهجرة لاستخدامها بالشكل الصحيح، فلا تُعتبر الهجرة دائماً سيئة، ولكن لذلك مقاييس ومعايير معينة، وليست لهذه الأعداد الكبيرة أيضاَ. 

أحد المدافعين عن هجرة الشباب يضرب مثلاً ويقول: "من يهاجر مثلاً إلى بلجيكا، الحكومة البلجيكية تستعد لتوفير سكن وراتب شهر له، مع استمرار تعليمه، ومن ثم انخراطه في سوق العمل، وتوفير حياة كريمة له، فأين بلدنا من ذلك". 

وآزره في الرأي أخر: "موضوع الهجرة للبحث عن مصادر الرزق أو التطور الذاتي أو التعلم ليست مشكلة،بل لها ايجابيات ربما تفوق سلبياتها، وغزة بقعة جغرافية  مساحتها تقريبا 10٪ من مساحة القاهرة، مواردنا الطبيعية مسروقة، لدينا احتلال يحاصرنا في كل مناحي الحياة، كثافة سكانية عالية، وعوامل أخرى كثيرة لا يمكن أن تحصر توجهنا بمنع الهجرة".  

والمناقشون في هذا الملف من اقتصاديين ورجال أعمال في قطاع غزة يجمعون على ضرورة تعامل الحكومة في غزة مع ملف الشباب من زاوية أخرى، تشجعهم على البقاء، كخلق فرص عمل شابة، وصرف رواتب معقولة تمكنهم من تأسيس حياتهم ومساعدة أنفسهم وعائلاتهم. مؤكدين أن الدور الكبير يقع على عاتق المجتمع والنخب والعشائر والعائلات والإعلام.

ويؤكدون: "هؤلاء الشباب لديهم القدرة على صنع المستحيل إن أعطيت لهم الفرصة لذلك". 

وطالبوا بضرورة الاهتمام بالشباب والحد من هجرتهم لأن البلد التي لا يوجد بها شباب تعتبر "بلدٌ عجوز". 

وأكد أحد الاقتصاديين في قطاع غزة: "لا حكومة غزة ولا حكومة رام الله تنظر إلى الشباب، فجميعنا نُطالع قرارات لجنة العمل الحكومي، وقرارات مجلس الوزراء، التي تُنشر بشكل أسبوعي، ولا نجد في قرارتهم أي دعم أو تخصيص أو توظيف للشباب". 

وعلق آخر: "على أصحاب القرار أن يفكروا جيداً بأن القنبلة المؤقتة وسريعة الانفجار هي الكثافة السكانية، فالزيادة السكانية الهائلة في قطاع غزة، وانعدام الفرص تؤثر سلباً على مصير هؤلاء الشبان". 

وفي زوايا هذا الملف الحساس، يبرز دور الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا بد أنه يعمل وعلى مدار سنوات لبث الإحباط والفقر بين أهالي القطاع، لتشجيع الشباب على الهجرة وترك غزة المحاصرة.

وتساءل متابعون: "هل سنشهد خلال الأشهر القادمة أساليب هجرة منظمة للكفاءات بعد الانتهاء من ملف الشباب الذين يخرجون ويهاجرون بشكل جماعي هذه الأيام؟".