فاتورة الرواتب والأجور تهدّ حيل السلطة الفلسطينية مالياً
اقتصاد محلي

فاتورة الرواتب والأجور تهدّ حيل السلطة الفلسطينية مالياً

خاص بـ"صدى نيوز": تدخل الأزمة المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية منعطفاً خطيرا، مع تصنيف المُسير لوزارة المالية د. اسطيفان سلامة بأن الأزمة لم تعد أزمة مالية عميقة، بل ازمة وجودية تهدد السلطة الفلسطينية.

 فحجم الدين العام وصل إلى قرابة 14.6 مليار دولار وهو ما يزيد عن حجم الناتج المحلي الفلسطيني، في ظل عجز الحكومة الفلسطينية عن الايفاء بالتزاماتها كاملة.

بمستحقات الموظفين العموميين الذين لم يتقاضوا رواتبا كاملة منذ تشرين الثاني2021 وصلت إلى نحو2.61 مليار دولار دون وجود أفق لحل قريب مع استمرار اسرائيل باحتجاز اموال المقاصة للشهر السابع على التوالي، فيما تهدد 380 قضية مرفوعة بالمحاكم الاسرائيلية تقدر قيمتها بنحو 20 مليار شيقل بالتهام كافة اموال المقاصة المتحجزة والمقدرة بنحو 13مليار شيقل.

أمام هذا الواقع الصعب، يبرز في الواجهة فاتورة الرواتب وأشباه الرواتب الشهرية التي شهدت تضخما واضحا خلال السنوات الأخيرة، والتي بلغت مؤخرا نحو 1.047 مليار شيقل (فاتورة رواتب كل شهر)، إذ أن السلطة الفلسطينية تدفع رواتب وأشباه رواتب شهريا لـ 291844 مستفيداً منهم 120472 موظفا مدنيا و52353 عسكريا(35 ألف على رأس عملهم في الضفة الغربية، بالإضافة إلى رواتب متقاعدين وتفريغات في قطاع غزة ومخصصات اجتماعية. 

هذه الفاتورة حسب تصريحات من وزارة المالية تابعتها صدى نيوز تشكل نحو 82% من إجمالي الموازنة العامة، وهو مؤشر خطير إذ أن الخبراء يعتقدون بأن فاتورة الرواتب يجب ألا تزيد عن 50-60% من حجم الموازنة، كون أن هذا الأمر سيزيد من أعباء السلطة المثقلة مالياً من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن الرواتب تكون على حساب تقديم خدمات تنموية تفيد المجتمع.

تراوحت أعداد الموظفين خلال سنوات سابقة بين 141و153 ألف، حسب تصريحات رسمية سابقة صادرة عن وزارة المالية، لكنها وصلت حالياً إلى نحو 172 ألف موظف، ما يعني للوهلة الأولى أن هناك زيادة في أعداد الموظفين بما لا يقل عن (30) ألف موظف(حسب الأرقام المعلنة)، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه تم احالة عشرات آلاف الموظفين خلال السنوات السابقة إلى التقاعد، دون أن يتمكن صندوق التقاعد من الايفاء بكامل التزاماته تجاه المتقاعدين، في ظل مديونية عالية من قبل الحكومة التي استدانت على مدار سنوات من هذا الصندوق سواء عن طريق الحصول على أموال او على صعيد عدم تحويل اشتراكات الموظفين الشهرية للصندوق.

 يقول الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة لـ"صدى نيوز" أن الفارق بين الأرقام لا تعني أن السلطة وظفت عشرات الآلاف، ولكن في تفسير تلك الأرقام، فالرقم 172 ألف موظف يشمل موظفي المياومة والعقود، والموظفين قيد التعيين وغيرها، بينما الرقم الرسمي لأعداد الموظفين المسكنين هو نحو 90 ألف موظف في القطاع المدني ونحو 53 ألف موظف عسكري اي قرابة 143 ألف موظف وهو قريب من الرقم المعتمد، إذ اعتمدت السلطة الوطنية سياسة صفر توظيف بمعنى (التوظيف واحد مقابل واحد أي توظيف واحد مقابل احالة موظف للتقاعد). ويضيف "هناك تقنين في التوظيف في كل القطاعات باستثناء قطاعي الصحة والتعليم حسب الحاجة"، مشيرا إلى أن التضخم في فاتورة الرواتب لا يعود إلى توظيفات جديدة، ولكن إلى عدة أسباب أخرى، منها الاتفاقيات مع النقابات والتي أفرزت علاوات وتكاليف جديدة خاصة في القطاعات ذات الوزن النسبي الأكبر للموظفين، إضافة الى قضايا حقوقية قانونية مثل الزيادة في الحد الأدنى للأجور، والعلاوات الإدارية السنوية بموجب القانون، والترفيعات الدورية في القطاعين المدني والعسكري.

مع هذا التضخم في فاتورة الرواتب، أصبحت السلطة الفلسطينية تلهث وراء تأمين هذه الفاتورة الشهرية دون نجاحها في هذه المهمة، منذ أكثر من أربع سنوات لم يتقاض الموظفون راتبا كاملا، لكن الموضوع ازداد سواء من زيادة اسرائيل لاقتطاعاتها من اموال المقاصة، قبل أن تتوقف تحويلها بشكل نهائي منذ سبعة أشهر. فمن أجل تأمين نسبة 60% من الراتب وحد أدنى 2000 شيقل تحتاج السلطة الفلسطينية قرابة 750 مليون شيقل، بينما كان هذا الرقم كافيا لدفع فاتورة الرواتب كاملة في سنوات سابقة.