حرب المستوطنين الدينيه والقومية
مقالات

حرب المستوطنين الدينيه والقومية

عند التمعن في سلسلة احداث العنف والاعتداء التي قامت بها اسرئيل ضد الفلسطينيين نجد أنها مدروسة ومخطط لها سياسيا ومتفق عليها بين رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو والمستوطنين، وذلك من اجل تعزيز وتنفيذ بعض بنود اتفاقية القرن وقانون القومية، وفي ذات الوقت تحقيق رؤية المستوطنين الدينية والعنصرية، وعلى النطاق الشخصي لبنيامين نتينياهو دعمه من الاحزاب المتشددة دينيا لتشكيل الحكومة، مما يترتب عليه النجاة من التبعات القانونية المترتبة على تهم الفساد الموجهة له.

إن سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين بدأت من ساحة باب العمود، حيث قام الجيش الاسرائيلي بفرض اجراءات قمعية وعنصرية بحق الفلسطينين، حتى يسهل دخول المستوطنين للمسجد الاقصى  وإقامة طقوسهم الدينية، وبدورهم قام المستوطنون بالاعتداء على الفلسطينين، فحرقوا المقبره الإسلامية في القدس، وذلك لفرض التقسيم المكاني والزماني في المسجد الأقصى على غرار الحرم الابراهيمي. وبالتزامن مع هذه الإجراءات صدر قرار سياسي اسرائيلي بتهجير سكان حي الشيخ جراح واستبدالهم بالمستوطنين، وتقييد دخول الفلسطينيين من الداخل المحتل إلى القدس والمسجد الأقصى.

لقد كان الهدف من عنف المستوطنين في القدس والداخل المحتل تعزيز فكرة ان اليهود المتدينين لا يستطيعون تأدية صلواتهم وشعائرهم الدينية بحرية، وخير دليل على ذلك عندما نادوا بالتجمع أمام حائط (البراق)  المبكى للاحتفال بأهم أعيادهم الدينية، وكان من بين الحضور نتنياهو وزوجته، وتم إخلاء المكان من المحتفلين بسبب تصدي شباب القدس لهم، وهذا ما صرح به نتنياهو في بداية الحرب على غزه.

إن الهدف الرئيسي للمستوطنين من وراء هذه الاحداث هو تعزيز فكره الدولة القومية، من خلال إظهار أن فكره تعايش العرب واليهود قد فشلت  سواء في القدس او في الدخل المحتل عام   1948 وإقناع العالم بهذه الفكرة. وفي خطوات لاحقة واستنادا إلى فكره فشل التعايش يتم تهجيرالعرب وخاصة في المدن والمناطق ذات الاقلية العربية، وهذا هو الهدف المباشر والحقيقي من ترحيل وتهجيرالسكان العرب من حي الشيخ جراح, فنجاح فكرة التهجير في الشيخ جراح ستكون الخطوة الاولى لتطبيقه لاحقا على باقي المدن والمناطق ذات الاقليمية العربية كحيفا وعكا ويافا واللد والرمله وبئر السبع والقدس، وتمهيدا لهذه المرحلة تم اعتقال قاده العمل الوطني والاسلامي في الداخل المحتل.

أما الهدف غير المباشر فهو تكريس اتفاقية القرن التي تكرس فكرة أن القدس كاملة هي عاصمة دولة إسرئيل، وكذلك تكريس قانون القومية من خلال فرضيتين اولهما تهجير السكان العرب في المناطق والمدن والقرى العربية في الداخل المحتل اذا نجح (تهجير سكان حي الشيخ جراح) والفرضية الثانية في (حال فشل التهجير) هو اقتطاع المناطق العربية وضمها الى مناطق السلطة الفلسطينية (سلطة خدماتية) وبالمقابل تفرض اسرئيل سيطرتها القانونية والكاملة على المستوطنات المقامة على اراضي الضفة الغربية في مسار يتماشى مع تعزيز فكره تبادل الاراضي والسكان التي جاءت بها اتفاقية القرن.

لم تكن إسرائيل ومنذ اللحظة الاولى معنيه بإشعال انتفاضة جديدة بالضفة الغربية، وذلك من أجل عدم تهديد حياة مستوطنين الضفة الغربية، وبنفس الوقت العمل على تعزيز دور السلطة الفلسطينية (دور خدماتي للفلسطينين ودور أمني للمستوطنات الاسرائيلية)، لقد نجحت السلطة الفلسطينية بهذه المهمة حيث تم قمع بعض المظاهرات من قبل الأجهزه الأمنية الفلسطينية، ومن خلال ضبط التنظيمات المسلحة وإجبارهم على عدم استخدام السلاح خلال المظاهرات الاحتجاجية في الضفة الغربية، علما ان السلطة الفلسطينية وعلى لسان رئيسها محمود عباس دعت الى مظاهرات شعبية سلمية.

إن عدم رغبة إسرائيل بالتصعيد في الضفة الغربية يمكن قراءته من خلال سلوك مستوطني الضفة الغربية الذين هاجموا المناطق العربية في القدس و الداخل المحتل ولم يلعبوا دورا فعالا في مناطق السلطة الفلسطينية, كما يمكن قراءته من خلال ردود أفعال جيش الاحتلال في قمع المظاهرات داخل الضفة الغربية التي اتسمت نوعا ما (بالعنف المحدود والمدروس)، ويعزز هذه الفكره ايضا تصريح الرئيس الامريكي جون بايدن ردا على احد أعضاء الكونغرس الامريكي ( رشيده طليب فلسطينية الاصل) بأن عائلتها بالضفة الغربية هم بأمان ولا خوف عليهم.

كما يمكن قراءة موقف الولايات المتحدة الامريكية الداعم للحرب على قطاع غزه من خلال اعطائها غطاءً في مجلس الامن الدولي، وما زالت حتى اللحظة تعمل على عرقلة الجهود الدولية من أجل استصدار موقف يحمل اسرئيل مسؤليتها عن الحرب على قطاع غزه، بل وعلى العكس من ذلك، فمنذ اللحظة الأولى للحرب، أعلنت من خلال قنواتها الدبلوماسية والسياسية أن لأسرائيل حق الدفاع عن نفسها، وهذا الموقف والاعلان تم تعزيزه من قبل دول اوروبية فعاله على الساحة الدولية والساحة الاوروبية كفرنسا والمانيا.

إن الموقف الفرنسي الداعم لاسرائيل كان لافتا للنظر من خلال الاتصالات والتصريحات التي قام بها كل من الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته مع الجانب الاسرائيلي للتعبير عن وقوفهم مع اسرائيل بحق الدفاع عن نفسها, كما يلاحظ أن فرنسا منعت خروج مظاهرات في باريس مؤيدة للشعب الفلسطيني، ورافضة ومندده بالحرب الاسرائيلية على قطاع غزه (تم اعتقال عشرات المتظاهرين وعلى راسهم منظم هذه المظاهرات رئيس جمعية فرنسا- فلسطين)، وقد تدحرجت ألمانيا باتجاه الموقف الفرنسي، وصرحت على لسان المستشاره انجيلا مريكل بأن لاسرائيل حق الدفاع عن النفس.

من أجل الإعلان عن وقف لإطلاق النار على قطاع غزه، ستتمحور الجهود الدولية  على إقناع اسرائيل بوقف لاطلاق النار حتى ولو كان من جانب واحد، وضمانها بمساعدات مادية وعسكرية، ولدغدغة الشعوب العربية تم الاعلان عن وجوب حل الدولتين، وستتمحور الجهود العربية على إقناع المقاومة بوقف اطلاق النار من خلال الضغط علىيها من قبل قطر الدولة المستضيفة لحركة حماس ورئيس المقاومة اسماعيل هنية، بالتزامن مع الضغوطات المصرية
 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.