صدام الحضارات ينتقل الى الهند بديلا للتسامح 
مقالات

صدام الحضارات ينتقل الى الهند بديلا للتسامح 

تناول المفكر صمويل هنتنغتون في كتابه صدام الحضرات تفاصيل الصراعات المحتملة بين الصدامات في العالم . وهو في كتابه اكمل مما توقعه   رئيس وزراء بريطانيا بنرمان كامبل عن الصدام المحتمل في العقد الاول من القرن العشرين وبالتحديد في مؤتمر اوروبي عقد في لندن سنة 1907 وخلص الى وضع مباديء الصدام بين الحضارة الغربية والحضارة العربية التي وصفها بانها المنافس الاول للحضارة الغربية . ومنذ ذلك الحين تعرض العالم العربي  لهجمات استعمارية متوالية افضت الى تقسيمه الى دول متناحرة وضعيفة تكللت بخلق جسم غريب وهو الكيان الصهيوني  .هنتنغتون  من جانبه تنبأ باستمرار هذا الصدام ايضا وما زال مستمرا للإبقاء على العالم العربي في حالة من الانقسام والضعف وتحت غطائه يستمر نهب الثروات العربية وابقائها متخلفة حضاريا وعلميا بإعتبار ان كامبل اكد على ضرورة الإبقاء على مناهج التعليم العربية في قالب الحفظ وليس الابتكار   والابداع وحجب العلوم عنها. وطرحت  احتملات صدام محتملة للنيل من العالم العربي والاسلامي وفي احشائها تم توليد تيارات دينية الاسم للايغال في تفتيت العالم العربي اهمها اختلاق المذهب الوهابي بجهد بريطاني واحداث فجوات في الاسلام بين السنة والشيعة ايضا  في ايران والعراق من قبل بريطانيا  .وعمل البريطانيون على تغريب المرجعيات الدينية في العراق ابان الحرب العالمية الاولى وسلموها لرجال  دين من الفرس والافغان والهنود. وبعد عقد من نهاية الحرب الاولى اظهر البريطانيون جماعة الاخوان في مصر ودعموا تشكيل فروع لها في الاقطار التي كانت تحت احتلالهم بهدف كبح التطلعات نحو الاستقلال في مصر بضرب التيار القومي الوطني بحزب ديني ،كم لعب الغرب ككل دورا في تفريخ جماعات دينية قتلت من العرب والمسلمين اكثر مما قتلت من الاجانب امثال داعش واخواتها . ولعب تيار الاخوان دورا مفصليا  في تقسيم الهند  من قبل محمد علي جناح وكانت بريطانيا عمليا تدعم الانفصال   رغم دعوات المهاتما غاندي بعدم الانفصال لكن بريطانيا كانت تخشى  من  تحول الهند الى دولة شبه اسلامية كبرى.
ولعل ظهور الحزب القومي الهندوسي في الهند ادى الى اثارة الصراع الديني في الهند برغبة وتصميم من   رئيس الوزراء مودي الذي كان ناشطا هندوسيا متطرفا ضد المسلمين في بلاده بل ودعا الى طردهم منها وكأنهم اغراب بينما يطالب بعض الهندوس المتطرفين بمشاركة الجاليات الهندية العاملة في بعض دول الخليج في الحكم بل ذهب بعض غلاة الهندوس الى الزعم ان مكة معبد  هندوسي في الاصل وكأنهم يسيرون على خطى يهود بحر الخزر في الادعاء ان فلسطين  بلادهم ولا علاقة تاريخية لهم بها. اظن ان هنتنغتون توقع صداما هندوسيا اسلاميا من قبل وتوقع فيه ان الكونفوشية الصينية  ستدعم المسلمين فيه. وفي الجانب الآخر من العالم العربي نشط الاستعمار الفرنسي في ابراز القومية البربرية او الامازيغية كخصم للعرب وفي بعض الاحيان كتيار ضد الاسلام بدعم صهيوني واضح وتجري وجرت محاولات لخلق القومية الافريقية جنوب الصحراء كعدو لدول الشمال العربية كصدام مستقبلي . وقد  وثق مودي علاقات بلاده مع الاحتلال الاسرائيلي وسمح لمرتزقة هنود بالالتحاق بجيش الاحتلال في غزة وهندست  مخابراته الهجوم في كشمير ضد السياح لإثارة حرب مع باكستان وللتغطية على سياسة  تهنيد كشمير المسلمة . الهند لن تربح في عدائها مع المسلمين ولن يكسب المسلمون من هذا العداء ايضا وقد عاش المسلمون والهنود على مدى قرون في تسامح وانتجوا حضارة ما زالت معالمها قائمة حتى الآن .بقي   ان نقول ان ابو الصواريخ والقنبلة النووية الهندية هو زين العابدين عبد الكلم وانتخب رئيسا للهند في اوقات التسامح كثالث رئيس مسلم في الهند . فهل تكون هذه الزوبعة الحربية  الحالية فرصة  لإعادة التفكير في صدام لا رابح فيه!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.