الحكومة القادمة التي نريد
مقالات

الحكومة القادمة التي نريد

إثر زيارة الرئيس محمود عباس للدوحة الأسبوع الفارط، والأنباء التي تحدثت عن موافقة حركة حماس على تشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة الحكم في الضفة والقطاع، فإن ملامح حكومة جديدة قادمة ناجمة عن احتياج فلسطيني وعن ضعف في كلا الحزبين الحاكمين؛ فحركة فتح غير قادرة على إدارة قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية، وحركة حماس عاجزة عن تلبية الاحتياجات الناجمة عن التدمير الهائل في قطاع غزة، هذا الأمر يدفع لوجود حكومة تحظى بمباركة كلا الفصيلين وطبعا الفصائل الأخرى، وفي ذات الوقت تتمتع بقوة القواعد الدستورية المنصوص عليها في القانون الأساسي، وسمو المصلحة العامة على المصالح الضيقة للفصائل.
 الحكومة القادمة مهما كان شكلها وطبيعة أعضائها هي حكومة "إنقاذ وطني" بمهام فوق وطنية ضخمة وصعبة، والنجاعة في إنجازها في آجال زمنية ضيقة نسبيا وظروف غاية في الصعوبة، تتمثل مهمتها بإعادة الحياة للشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة، وتوحيد المؤسسات بإنهاء الانقسام، وإعادة إعمار كلي في قطاع غزة، وإعادة الانبعاث لمصادر الرزق فيها، وتخفيف الأعباء الناجمة عن الإجراءات الإسرائيلية، وصولاً إلى إجراء الانتخابات العامة "الرئاسية والتشريعية"؛ ليأتي ذلك تتويجا لمسار مواز يتعلق باستعادة الوحدة الوطنية أي الاتفاق على البرنامج السياسي الموحد واستراتيجية المقاومة والمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي بحيث لا يتمكن أي طرف فلسطيني التقرير بمصير الشعب الفلسطيني حربا أو سلاما وحده بل في إطار الجسم التمثيلي للشعب الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية التي تشمل جميع الفصائل الفلسطيني بما فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي. 
الحكومة القادمة نريدها أن تكون؛ قوية وفاعلة وصادقة تُعنى بتحقيق النتائج وليس فقط العناية ببذل الجهد؛ أي بمعنى آخر تقديم الحلول لاحتياجات المواطنين وتسيير دواليب الإدارة بثقة واقتدار، وتتحمل مسؤولية العيوب والاخفاقات قادرة على التراجع عن قرارها، حينما تدرك خطأها، في الوقت المناسب بأفضل معايير الحكومة المستجيبة لمواطنيها. ونريد حكومة شجاعة ومسؤولة عن قراراتها وتدافع عنها ولا تتهرب من أعمالها. ونريد حكومة منفتحة تؤمن بشراكة المواطنين في صناعة القرار، وتقوم بتوزيع الأعباء بعدالة لا تظلم الفقراء والمحتاجين وتنظر الأغنياء والمتنفذين. ونريد حكومة شفافة تعلن عن قراراتها وسياساتها وخططها لحظة إقرارها دون خوف أو خفية. نريد حكومة ساعية لتطبيق القانون على الجميع دون تمييز أو محاباة، وساعية لإعلاء سيادته دون اعتبار لمكانة اجتماعية أو زعامة سياسية أو قدرة اقتصادية أو ثروة عائلية أو سلطة ثقافية.
نريد رؤية رئيس حكومة ووزراء يؤمنون بقيم دولة فلسطين الديمقراطية المجسمة في وثيقة إعلان الاستقلال، ويقبلون سماع قوارص الكلم والنقد، ويحترمون آراء ومواقف المختلفين معهم، ويتحملون المسؤولية عن أفعالهم وأخطاء موظفي الحكومة في مؤسساتهم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.