هل تؤثر ثورة الذكاء الاصطناعي على سوق العمل؟

صدى نيوز - يزداد القلق من تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل العالمية. ومع تجاوز الدين الأميركي حاجز الـ36 تريليون دولار، وتصاعد التوترات التجارية، تلوح في الأفق أزمة جديدة: هل ستتمكن الوظائف الحالية من الصمود أمام زحف الآلات؟

تتوقع تقارير صادرة عن مؤسسات كبرى مثل "برايس ووترهاوس كوبرز" و"ماكينزي" و"المنتدى الاقتصادي العالمي" أن تشهد سوق العمل تحولاً جذرياً بحلول عام 2050، حيث ستحتاج نحو 60% من الوظائف الحالية إلى إعادة هيكلة جوهرية بفعل الذكاء الاصطناعي، وفقاً لتقرير لمجلة "فوربس"، اطلعت عليه "العربية Business".

وتشير التقديرات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل معظم الوظائف خلال فترة تتراوح بين 10 و30 عاماً. وتتوقع شركة الاستشارات "ماكينزي" أن يتم أتمتة 30% من الوظائف في الولايات المتحدة بحلول 2030، بينما ترى "غولدمان ساكس" أن نصف الوظائف قد تختفي تماماً بحلول 2045، مدفوعة بتطور الذكاء الاصطناعي التوليدي والروبوتات.

وفي حين توقعت "غولدمان ساكس" سابقاً أن 300 مليون وظيفة حول العالم مهددة بالزوال، فإن بعض القطاعات ستظل أكثر أماناً، مثل البناء، والصناعات اليدوية، والصيانة، والإصلاحات.

من جانبه، حذر مؤسس صندوق التحوط "بريدج ووتر" راي داليو، من "تفكيك اقتصادي كبير" قد يحدث خلال عقدين، حيث تتفوق الإنتاجية على قدرة السوق على خلق وظائف جديدة.

أما لاري فينك، الرئيس التنفيذي لـ"بلاك روك"، فقد أشار إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي بدأ يظهر بوضوح في قطاعات مثل المالية والخدمات القانونية، متوقعاً "إعادة هيكلة" واسعة للوظائف المكتبية بحلول 2035.

وذهب الرئيس التنفيذي لـ"جي بي مورغان" جيمي ديمون، أبعد من ذلك، متوقعاً أن تهيمن تقنيات الذكاء الاصطناعي على المهام المتكررة خلال 15 عاماً فقط.

من يسقط أولاً؟

لن يكون تأثير الذكاء الاصطناعي متساوياً على جميع الوظائف. فبعضها سيختفي سريعاً، بينما سيصمد البعض الآخر لفترة أطول.

المهام الإدارية

دراسة لمعهد السياسات العامة عام 2024 وجدت أن 60% من المهام الإدارية قابلة للأتمتة. شركات كبرى مثل "بلاك روك" بدأت بالفعل في تقليص وظائف الدعم الإداري باستخدام الذكاء الاصطناعي.

المحاسبة والتحليل المالي

من أكثر الوظائف عرضة للخطر، حيث باتت منصات مثل "بلومبرغ تيرمينال" قادرة على تحليل البيانات وإعداد التقارير بسرعة تفوق البشر.

الوظائف القانونية

من إعداد العقود إلى البحث القانوني، باتت أدوات مثل "هارفي" و"كوكاونسل" قادرة على أداء هذه المهام بدقة تصل إلى 90%، وفقاً لدراسة لجامعة ستانفورد عام 2025.

الإعلام والتصميم

التصميم الجرافيكي، الكتابة الإعلانية، والصحافة التقليدية تواجه تحدياً من أدوات مثل DALL·E ومنصات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وبحسب تقرير لمركز "بيو" عام 2024 توقع أن 30% من وظائف الإعلام قد تختفي بحلول 2035.

البرمجة والهندسة

رغم أن الذكاء الاصطناعي يعزز إنتاجية المبرمجين، إلا أنه يهدد المهام الروتينية في هذا المجال، حيث أشار تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي عام 2025 إلى أن 40% من مهام البرمجة قد تؤتمت بحلول 2040.

من سيصمد؟

الوظائف الإنسانية: التمريض، العلاج النفسي، والعمل الاجتماعي تعتمد على التعاطف والتواصل الإنساني، ما يجعلها أقل عرضة للأتمتة.

توقعت دراسة لـ"لانسيت" عام 2023 اختفاء 25% فقط من المهام الإدارية في القطاع الصحي بحلول 2035.

التعليم والإدارة العليا: التدريس، خاصة في مجالات مثل الفلسفة والتعليم المبكر، يتطلب ذكاءً عاطفياً وتفاعلاً بشرياً يصعب على الآلات تقليده.

قدر تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2024 أن 10% فقط من مهام التدريس قابلة للأتمتة بحلول 2040.

القيادة الاستراتيجية: يرى كل من ديمون وأكمان أن الأدوار القيادية التي تتطلب اتخاذ قرارات معقدة وتحفيز الفرق ستظل في يد البشر لفترة طويلة.

كيف تحمي مستقبلك المهني؟

في ظل هذه التحولات، ينصح الخبراء بالتركيز على تطوير المهارات التي يصعب على الذكاء الاصطناعي تقليدها، مثل التفكير النقدي، والذكاء العاطفي، والمرونة الرقمية.

كما يوصون بالتوجه نحو قطاعات أكثر مقاومة للأتمتة، مثل الرعاية الصحية والتعليم، والمطالبة ببرامج تدريبية تعيد تأهيل القوى العاملة.