التجمعات البدوية في أتون حرب المياه الجديدة
صدى نيوز- حذرت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو في فلسطين من مخاطر السياسيات الأسرائيلية التي تحرم التجمعات البدوية من المياه.
جاء ذلك في أعقاب إغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي، خط المياه الوحيد الذي يغذي التجمع البدوي في راس العين شمال غرب مدينة أريحا، باللحام وصفائح حديدية والردم بالحجار، حيث قامت قوات الاحتلال اقتحمت التجمع، وأغلقت خط المياه الوحيد الذي يزوّد حوالي 1200 مواطن بالمياه، عبر لحامه بالحديد وردمه بالحجارة، مما حرم العائلات من المياه الصالحة للشرب، ولا يخفى على احد سعي دولة الاحتلال لتدمير البنيةُ التحتية المائية في المناطق المصنفة(ج)، ومنع سكان تلك المناطق من الاستفادة منها، خاصة التجمعات البدوية المنتشرة هناك، حيث كانت هدفًا مقصودًا لمنع التنمية المجتمعية الفلسطينية، ودفع السكان البدو للرحيل من تلك المناطق، وهذا الهجوم على البنية التحتية المائية ليس ممارسةً جديدةً، بل هو جزءٌ لا يتجزأ من الحملة الإسرائيلية المتواصلة لعرقلة عجلة نمو المجتمعات الفلسطينية وجعل الحياة اليومية فيها لا تُطاق.
وقال المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، المحامي حسن مليحات، إن البدو في الضفة الغربية يحرمون من المياه بشكل ينتهك الملحق الإضافي باتفاقية جنيف الرابعة لعام 1977 حول استهداف البنية التحتية المائية، والذي ينص على أنه "سحظر مهاجمة او تدمير او نقل او تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية، التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب، وشبكاتها وأشغال الري، إذا تحدد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية، مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين ام لحملهم على النزوح أم لأي باعث أخر".
وأضاف مليحات، أنه ومن أجل وقف الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للبنية التحتية المائية، لا بد من الاعتراف بأن الضرر، الذي ألحقه بمصادر المياه الفلسطينية الحيوية هو ضررٌ ممنهج، ولا بد أيضًا من توثيقه، ثم صدِّه على مستويات المجتمع الفلسطيني كافة من خلال حملات التوعية ومبادرات المجتمع المدني، ويجب على أصحاب المصلحة الدوليين، كالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، أن يضغطوا أيضًا على إسرائيل كي تكفّ، فسياسةُ حرمان التجمعات البدوية من الحصول على المياه، هي أداةُ حربٍ يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي والسلطات العسكرية بلا هوادة، وهي تُفضي إلى تقويض الوجود الفلسطيني في تلك المناطق، ولهذه السياسة تداعيات جمة، منها التدهور البيئي بعيد المدى، والمخاطر على الصحة العامة في المدى القريب والبعيد، والحرمان الفعلي لشريحة معتبرة من السكان المدنيين من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، والقضاء على مصادر الرزق، حيث تعتاش التجمعات البدوية في جلها من تربية الماشية ورعيها ومن اعمال الزراعة.
وتابع مليحات: إن دولة الاحتلال تشنُّ هجومَها المستمر على البنية التحتية المائية الفلسطينية على جبهتين اولهما إحداث الضرر المباشر والمكثف والمتعمد ضمن عمليات عسكرية واسعة النطاق، وثانيهما إحداث الضرر بعيد المدى جراء منع واغلاق مصادر المياه عن السكان البدو، ورغم أن استهداف البنية التحتية المائية قلما يكون على الأجندة السياسية، فإنه تكتيكٌ عسكريٌ موثّق يتبعه الجيش الإسرائيلي.
واستدرك مليحات قائلا إن تدميرَ البنية التحتية المائية مثل خزانات أو ينابيع المياه التاريخية لا يَحرم المجتمعات المهمشة في المنطقة (ج) من المياه وحسب، بل يُدمر أيضًا مُكونًا مهمًا للتاريخ الفلسطيني وعلاقة المجتمع القديمة المتأصلة بالمصادر الطبيعية وإرث المصادر المدارة محليًا،وقد يتسبب تعذر الوصول إلى مصادر مائية منتظمة ونظيفة في تراجع اقتصاد البدو الذي يعتمد على الثروة الحيوانية، وبالتالي يؤدي الى رفع نسبة البطالة في صفوفهم ويهدد الامن الغذائي لدينهم.
وأوضح مليحات، أن هناك حربًا مائيةً ممنهجة تُشنُّ ضد السكان التجمعات البدوية، وسوف تدمِّر هذه الحرب مصدر رزقهم الوحيد وستؤدي الى افقارهم بطريقة تهدد حياتهم ،ويُعد تدمير البنية التحتية المائية ضربةً مباشرةً لمخططات التنمية البشرية الفلسطينية، وهذا يعرقل عملية احداث أي عملية تنمية لدى للمجتمعات البدوية، التي تعتبر الاكثر الحاحا للإغاثة الإنسانية، وإن تصرفات إسرائيل تنتهك اتفاق لجنة المياه المشتركة المبرم سنة 2001، وهذه اللجنة أُنشئت كآلية لضمان حصول الفلسطينيين على المياه في الضفة الغربية من خلال ابقاء ادارة البنية التحتية المائية خارج "دائرة العنف".
واشار مليحات الى ضرورة ايجاد واستكشاف طرقٍ بديلة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها في مجال المياه، واعداد تقرير بتلك الانتهاكات ورفعه إلى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورفعه إلى يوثِّق التقرير انتهاكات إسرائيل في قطاع المياه، ويحث على التحرك انطلاقًا من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي وقعت إسرائيل عليه، غير أن ثمةَ حاجةً لبذل جهود أكثر كهذه من أجل التعبئة في هذا الاتجاه محليًا ودوليًا، وعلى صعيد المجتمع المحلي، فثمة نقصٌ عام في الوعي، وشعورٌ سائد بالعجز ازاء إحراز الحقوق المائية، ومن أجل التصدي لهذا الوضع، يتعين على المؤسسات الحكومية والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني تبني الحقوق المائية باعتبارها عنصرًا مهمًا في النضال الشعبي ضد الاحتلال. وهذا يقتضي العملَ الجماعي على توثيق الانتهاكات التي تطالها ويمكن توظيف هذه الجهود من أجل التوعية بحرب إسرائيل المنهجية على المياه، وهناك حاجةٌ ملحة للدعوة إلى فضح انتهاكات الحقوق المائية في جميع المحافل، وبذل الجهود للانضمام إلى الحملات الشعبية العالمية الداعمة لحقوق الشعوب الأصلية في المياه. وعلاوةً على ذلك، يجب أن تكون سلطة المياه الفلسطينية ومجتمع المانحين الدوليين أكثر استنكارًا لانتهاكات المياه، وعليهم السعي لمحاسبة إسرائيل على جرائمها.