
دراسة: احتمالية وقوع الانحرافات الإدارية في عمل سلطة النقد الفلسطينية تُعد منخفضة
اقتصاد صدى- عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) جلسة لمناقشة مسودة تقرير بعنوان "إدارة مخاطر الفساد لدى سلطة النقد الفلسطينية"، وذلك بمشاركة ممثلين عن سلطة النقد، وهيئة سوق رأس المال، وجمعية البنوك الفلسطينية، ووزارة الداخلية، وديوان الرقابة المالية والإدارية، وهيئة مكافحة الفساد.
افتتح الجلسة الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد، موضحًا أن هذا النوع من الدراسات يُعد تجربة جديدة جاءت في إطار تبنّي الائتلاف لاستراتيجيته المحدّثة. وأكد أن أهمية الدراسة تنبع من كونها نابعة من داخل المؤسسة نفسها، حيث يشارك الكادر الإداري في تحديد السياسات والإجراءات والأولويات استنادًا إلى التحديات العملية والمناطق التي تستدعي مزيدًا من الرقابة، ما يجعلها منتجًا محليًا يعكس بيئة العمل المؤسسي بدقة.
وقدّم الباحث كايد طنبور عرضًا تفصيليًا لمحتوى الدراسة، موضحًا أن سلطة النقد الفلسطينية هي الجهة الرئيسية المسؤولة عن تنظيم ومراقبة القطاع المصرفي في فلسطين، لما تضطلع به من دور محوري في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي، وضمان نزاهة العمليات المالية وتعزيز ثقة الجمهور بالنظام المصرفي.
هدفت الدراسة إلى تحليل وتقييم مخاطر الفساد لدى سلطة النقد الفلسطينية، من خلال استكشاف احتمالية وقوع تلك المخاطر، ودرجة خطورتها، والآثار المترتبة عليها، مع تقديم توصيات عملية قابلة للتطبيق بهدف الوقاية منها أو الحد من تداعياتها في حال وقوعها.
وقد ركزت الدراسة بشكل خاص على الإدارة العامة للرقابة في سلطة النقد، والتي تضم دائرة الرقابة المصرفية، الرقابة غير المصرفية، وإدارة انضباط السوق، باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنظيم عمل البنوك ومؤسسات الإقراض المتخصص وشركات الصرافة وخدمات الدفع، كما تناولت دور الإدارة في فرض العقوبات الإدارية والغرامات المالية كأداة لضمان الالتزام بالتشريعات واللوائح التنظيمية.
اعتمدت الدراسة منهجية تحليل دقيقة لمسارات اتخاذ القرار داخل هذه الإدارات، وحددت الفرص المحتملة للانحراف في الإجراءات الإدارية والقانونية. كما عملت على تقييم المخاطر من خلال قياس احتمال وقوع الانحراف وتأثيره المحتمل، آخذة بعين الاعتبار التحديات والفرص المحيطة بسياق العمل، ومدى فعالية آليات السيطرة الحالية في منع الفساد أو التخفيف من آثاره.
توصلت الدراسة إلى أن احتمالية وقوع الانحرافات الإدارية في عمل سلطة النقد الفلسطينية تُعد منخفضة، وذلك بفضل وجود أنظمة رقابية فعالة، وإجراءات محوسبة تعمل على توثيق العمليات وتوفير مسارات واضحة لتتبعها، ما يحد من فرص التلاعب والتدخلات غير المهنية. غير أن الدراسة شددت على أن أي انحراف محتمل، وإن كان ضعيف الاحتمال، قد يكون له أثر بالغ الخطورة على نزاهة المؤسسة وثقة الجمهور بها، وعلى منظومة الحوكمة المالية بشكل عام. كما أظهرت أهمية التوثيق الإلكتروني في تعزيز الشفافية، وأشارت إلى دور الرقابة الداخلية في تقليص فرص الإهمال وتحسين مستوى الالتزام بالقوانين والأنظمة.
وفي سبيل تعزيز إدارة مخاطر الفساد، أوصت الدراسة بجملة من الإجراءات، من أبرزها ضرورة اعتماد نظام إلكتروني متكامل لتوثيق جميع إجراءات منح التراخيص، وتحسين آليات الرقابة الداخلية من خلال مراجعات دورية لضمان النزاهة والشفافية في عمليات الترخيص والعقوبات. كما دعت إلى إنشاء نظام لتتبع أداء الموظفين وتقييم مهنيّتهم بشكل منتظم، وتنظيم دورات تدريبية مستمرة حول أخلاقيات العمل وإدارة مخاطر الفساد. وشددت أيضًا على أهمية نشر معايير وإجراءات منح التراخيص عبر الموقع الإلكتروني لسلطة النقد، والإعلان عن قرارات العقوبات والغرامات وأسبابها، بما يعزز من مبدأ الشفافية. كما أوصت الدراسة بتطوير نظام متقدم لإدارة المخاطر ضمن إجراءات منح التراخيص، وفرض عقوبات رادعة، وتعزيز التعاون مع الجهات الرقابية الوطنية والدولية. وفي هذا السياق، شددت على ضرورة إجراء تقييم دوري لآليات العمل، وتعزيز الوعي المجتمعي، ونشر النظام الداخلي لسلطة النقد الفلسطينية بشكل علني عبر موقعها الرسمي، بما يضمن وصول المعلومات للجمهور، وزيادة وعيهم بإجراءات العمل وآليات التظلّم، الأمر الذي يسهم في تقليص فرص الفساد ويعزز صورة المؤسسة كمثال للنزاهة والشفافية في القطاع المالي.
تعقيبات مختلفة
وفي مداخلة له، أشار إياد نصّار، مدير الرقابة المصرفية في سلطة النقد الفلسطينية، إلى غياب "الرقيب الأول" المتمثّل بالمجلس التشريعي، معتبرًا أن هذا الغياب يُلقي بظلاله على منظومة الرقابة الشاملة. وأوضح أن هناك ثلاثة مستويات من الرقابة على عمل سلطة النقد، وهي: الرقابة الداخلية باعتبار أن هناك دائرة مستقلة في سلطة النقد مختصة بذلك، والرقابة الخارجية المنصوص عليها قانونيًا، إضافة إلى رقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية.
وبيّن نصّار أن سلطة النقد ترفع تقاريرها إلى السيد الرئيس، وكان من المفترض أن تُرفع أيضًا إلى المجلس التشريعي، لولا تعطّله الحالي. وأضاف أن الإجراءات داخل سلطة النقد تخضع لتسلسلات إدارية واضحة ومدد قانونية مُحددة، خاصة فيما يتعلق بمنح التراخيص، وذلك تفاديًا لأية تجاوزات زمنية قد تؤدي إلى انحراف إداري.
وتحدث نصّار عن دور الأتمتة في الحد من التلاعب البشري، مشيرًا إلى أن كل عملية إلكترونية تُسجل من حيث المستخدم والوقت والتعديلات التي أُجريت، وهو ما يعزز الشفافية والمساءلة. كما أشار إلى وجود أنظمة رادعة وإجراءات رقابية فعالة، تقع ضمن صلاحيات شؤون الموظفين.
وفيما يتعلق بمجلس إدارة سلطة النقد، أكد نصّار أنه يتم الإفصاح سنويًا عن الذمم المالية للأعضاء، وأن سياسة الغرامات المفروضة على البنوك والمُقرّة من المجلس نفسه لا يمكن التلاعب بها، كونها تخضع لتسلسل إجراءات محدد سلفًا حسب القانون وطبيعة المخالفة وفق متابعة اقتصاد صدى. أما عمليات التفتيش على البنوك، فأوضح أنها تتم من خلال لجان برئاسة مدير التفتيش، وتخضع لمتابعة دقيقة وتوزيع مهام محددة، ولا تُنفّذ إلا بموافقة محافظ سلطة النقد شخصيًا.
من جانبه، أكّد بشار ياسين، مدير عام جمعية البنوك الفلسطينية، أن مثل هذه الدراسات تسهم في تعزيز الانضباط داخل القطاع المصرفي، وتقليل فرص الانحراف الإداري، مشيرًا إلى أن البنوك تعمل ضمن تعليمات سلطة النقد بما يضمن قطاعًا مصرفيًا آمنًا وسليمًا لجميع المتعاملين.
وأضاف ياسين أن التعليمات المصرفية عادةً ما تُبنى استنادًا إلى معايير بازل، وقانون سلطة النقد، إلى جانب القوانين السارية التي تنظم عمل جمعية البنوك. وأوضح أن الجمعية تقوم بتجميع الملاحظات والمقترحات ومناقشتها فنيًا، ما يخلق بيئة تشاركية تُسهم في اتخاذ قرارات مدروسة وتحد من الانحراف.
وأشار كذلك إلى أن بعض البنوك تخضع لإجراءات رقابية أشد من غيرها بسبب اتساع أثرها على القطاع، مؤكدًا أن أي إجراء يُتخذ ضد بنك ما، يكون خاضعًا للتظلم أمام لجنة مستقلة، ولا يحق للجهة المتخذة للإجراء أن تكون هي ذاتها الجهة الحاكمة فيه.
وفي السياق ذاته وفق متابعة اقتصاد صدى، أوضح أمجد قبها، ممثل هيئة سوق رأس المال، أن موضوعَيّ التراخيص والغرامات يُعدان من المسائل الشائكة، كونهما يقعان ضمن صلاحيات مجلس الإدارة، بينما ترفع الطواقم الفنية توصياتها إلى المجلس. وأشار قبها إلى أن التوازن في اتخاذ القرارات هو عنصر أساسي، مشددًا على أن هناك فرقًا بين الفساد كجريمة، وبين وجود انحراف إداري يمكن الطعن فيه عبر القضاء. وقال: "ليس كل قرار إداري منحرف يُعد فسادًا، فالقانون يتيح الطعن في القرارات أمام المحكمة الدستورية، ما يكرّس مفهوم الرقابة القانونية."
من جهته، شدد الدكتور عزمي الشعيبي على أهمية تحصين المؤسسات المستقلة من أي تدخلات، لا سيما السياسية منها، معتبرًا أن الحفاظ على التوازن بين المصالح هو من صميم اختصاص المجلس التشريعي، وليس من مهام أي جهة تنفيذية. وأكد أن أي انحراف في تنفيذ أحكام القانون يمثل شبهة فساد، داعيًا إلى ضرورة نشر تقرير مخاطر الفساد الذي سبق أن طُرح بالشراكة مع البنك الدولي، دون أن يُنشر حتى الآن، رغم مطالبات ائتلاف أمان المستمرة خلال السنوات الماضية.
وحذّر الشعيبي من فقدان المواطن ثقته بالمؤسسات العامة، مشيرًا إلى أن أزمة الثقة لا تقتصر على النخبة السياسية، بل تمتد لتشمل عمق مؤسسات الدولة، وسط الواقع السياسي والاقتصادي المعقّد الذي تعيشه فلسطين.

أسعار العملات مقابل الشيكل (17 أيار)

"موديز" تخفض تصنيف أميركا الائتماني بسبب تصاعد الدين الحكومي

البنك الدولي يعلن استئناف برامج مساعدة سورية ويحدد أول مشاريعه

أسعار العملات مقابل الشيكل (16 أيار)

صندوق قطر السيادي يخطط لاستثمار 500 مليار دولار في أميركا خلال عقد

5 نقاط تشرح تأثير رفع العقوبات الأميركية على اقتصاد سوريا

ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في إسرائيل خلال شهر أبريل
