شعب نصفه خائن!؟
مقالات

شعب نصفه خائن!؟

كنت أفضل أن أكتب بعد أن تكتمل الصورة ، و يتقلص منسوب الأدرينالين في الدم ، و نهجع و نبدأ في دراسة ما تم .. ولكن هذه السيريالية في المشهد ما بين الإتهام بالخيانة العظمى ، و الوطنية المثلى ، ما بين الإتهام بخدمة أهداف و أجندات خارجية ، و السعي لتقويض الحركة الوطنية و القبول بحدود مؤقته و إقامة إمارة كيان مسخ مأجور في غزة ، و بين الإتهام بالتنسيق الأمني و منع المقاومة و الديكتاتورية و الفساد و بيع القضية و التفريط بالثوابت .. 
طرفا نقيض ، يجتمعون ( سبحان الله ) رغم إتهام بعضهم البعض بالخيانة العظمى ، يجتمعان حتى يصل بهما التفكير إلى النزول إلى الإنتخابات بقائمة موحدة بسم الله ما شاء الله .. ثم ينقلب الحال بين ليلة و ضحاها ، لتعود ريما لعادتها القديمة ! 
الحقيقة أنا كمواطن ، يصيبني حالة حول سياسي ، و إنفصام  .. 
فأنا ممكن أن أتفهم الحملات الإنتخابية و ما يشوبها من دعاية و دعاية مضادة ، تصل إلى حد التجريح و الفضح و الإتهام بالفساد ، ولكن أبداً لا يمكن أن يكون هناك إتهام بالخيانة .. 
في الحال الذي نعيشه هذه الأيام ، و الهجمة الصهيونية اليهودية لتهويد القدس ، و تزييف هويتها ، و توسيع مستوطناتها ، بدأت المواجهة بشكل حقق إنتصارات و نجاحات مشهودة ، وواسعة ، و لوم  واضح للطرف المعتدي . 
وما أن بدأت المقاومة المسلحة من غزة ، حتى بدأت الإنتقادات ، و بات الرأي العام يطالب ( الطرفان ) بالعدول و الإحتكام إلى العقل , بدأ اللوم يصب على راس الضحية . 
و ربما فينا من سوف يقول ، طز في الراي العام العالمي ، و طز في أوروبا و أمريكا ، بل طز في الأمم المتحدة التي لم تنصفنا يوماً . 
و فينا من يقول أن الكفاح المسلح الذي إنطلق من غزة ، حقق حتى الآن نتائج مهمة ، و توازناً في الرعب ، و شجع الأهالي في فلسطين التاريخية ، و شفى قلوب قوم مؤمنين .. 
ولكن يظل السؤال ، محلقاً في العقول و القلوب ، ألم يكن من الأجدر  أن (  توحد القائمة  ) هنا ، و ليس في الإنتخابات ؟ 
بمعنى ، أن يتفق الرأيان ، على كيفية و مدى و أين تكون المقاومة الشعبية السلمية ، و كيف و أين و متى و إلى مدى يكون الكفاح المسلح ؟ 
إن العمل المسلح ، و القصف و النار ، ستؤدي إلى نتائج خبرناها و عشناها ومازلنا منذ 2008 و حتى 2014 و الآن في 2021 ، و السياسة التفاوضية و الديبلوماسية ( السكر زيادة ) ستؤدي إلى نتائج خبرناها منذ عهد الشهيد ياسر عرفات و حتى يومنا هذا .. 
و في كلتا الحالتين ، لم تعد القدس ، و لم تتوقف المستوطنات ، ولم يتم تحرير شبراَ جديدا ولا حتى إنتقلت مناطق  ( ب إلى أ ) ، و كلما زاد الإنقسام ، إلى حد التخوين ، زادت عنجهية المحتل ، وكلما  إدعى طرف أنه  و أنه وحده الذي يملك الحقيقة ، و أنه الوصي على الوطن بلاداً و عباداً ، إنفض الناس من حوله ، و أخذوا في البحث عن طريق ثالث و رابع و سادس ، و زاد تعرضهم لإغواءات أباليس السفارات و المنظمات غير الحكومية ( المدعاة ) و تغلغل بينهم الطابور الخامس ، فتشتت شملهم و ذهبت ريحهم .
إننا اليوم ، أمام إمتحان حقيقي ، لابد أن نصل فيه إلى كلمة سواء ، بين معسكري ( النضال ) الفلسطيني ، بين المقاومة الشعبية السلمية ، و المقاومة المسلحة ، بين الشمال  و الجنوب ، بين غزة و الضفة ، فحماس وحيدة ، لا تمثل الكل الفلسطيني ، و فتح وحيدة لا تمثل الكل الفلسطيني ، و ليس من الطبيعي أن يصبغ الفلسطينيون جميعاً بلون واحد .. 
وليس من الطبيعي أن يوصم مؤيدوا  الحل العسكري المسلح بالخيانة أو العمالة لأطراف خارجية ، وليس من الطبيعي أن يوصم مؤيديوا الحراك الشعبي السلمي و التفاوض وسيلة للكسب بالخيانة و العمالة .. مالكم كيف تحكمون .. و إلا أصبحنا شعباً نصفه خائن ، فهل يقبل أي وطني هذا ؟

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.