تأجيل الانتخابات بين المتضرر والمستفيد
مقالات

تأجيل الانتخابات بين المتضرر والمستفيد

استمرار بل و استقرار الدول يعتمد على مدى حفاظها على الحياة الديمقراطية وتطبيق الانظمة والقوانين واحترام الدستور ، وتاخير الانتخابات الفلسطينية لاكثر من ١٥ عام جعل القضية الفلسطينية  في اسوء اوضاعها  بل ان وجود السلطة اصبح مهددا وبدات الشرعيات بالسقوط واحدة تلو الاخرى وتمسك الشعب بالشرعيات  سببه وجود الاحتلال واعذار اخرى مثل الانقسام و  اخرى لا احد يستطيع انكارها لكن مهما كانت يمكن مواجهتها ولكن الفصائل ينطبق عليها القول : " مثل الجمل اللي بيعرج من شفته " .
الشعب لم يكن سعيدا بقرار الذهاب للانتخابات كهدف بل سعادته كانت لرغبته في انهاء الانقسام و وحدة الشعب و الوطن وفتح المجال لاجيال غاب دورها عن المشاركة في الحياة السياسية ، فقرار الانتخابات تم دون ازالة عراقيل كبيره اهمها صفاء النية بين الجميع و غياب برنامج سياسي موحد او رؤيا موحده للفصائل  او قواسم مشتركة ولو بحدها الادنى بينهم لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي بل شعر الجميع ان قرار الانتخابات معركة سلمية بين فريقين كل يرغب في اقصاء الآخر بل واكثر من ذلك دخل هذه المعركة و بيده فتيل تفجيرها في حال لم تاتي على مقاسه ، حماس حافظت على غزة وسلاحها وانفاقها ولديها سلطة لا احد يستطيع تجاوزها مهما كانت نتيجة الانتخابات وكذلك فتح بيدها الضفة الغربية وباجهزتها المنظمة والمدربة تملك القرار بقبول او رفض اي نتائج للانتخابات ولا احد قادر على اجبارها لقبول نتائج خارج توقعاتها ، وكان السؤال الاكثر ترددا من الشعب ماذا بعد الانتخابات ؟ هل انقلاب جديد ؟ واشتباك وشهداء جدد ام ماذا؟؟ لا احد مقتنع ان هناك طرف سيسلم السلطة بارادته للطرف الفائز ، و لذلك كان يردد المواطن إتفقوا على كل ذلك ثم اذهبوا لخيار الحسم الديمقراطي ، ولكن يدرك الشارع ان كل فصيل " يقف مكتوف الأيدي ورغم ذلك يمسك العصا بذراعه " .
القدس عقبة اخرى لا امكانية لاي فصيل تجاوزها او اجراء انتخابات دونها ، بل ان كل فلسطيني من اقصى اليمين الى اقصى اليسار يعتبر اجراء الانتخابات دون القدس تنازل عنها وعن سكانها ،  وبعضهم اعتبرها خيانه وتنازل عن عاصمة فلسطين وقبلته الاولى ، وسؤال المواطن لماذا لم تبذل الفصائل جهد داخلي ودولي لضمان الزام اسرائيل وموافقتها على اجراءها داخل اسوار القدس قبل تحديد موعد الانتخابات ؟ وهل من المقبول اشغال وإشعال الشارع بحُمى الانتخابات ثم الغاءها ، وسؤال آخر لماذا لم يتم وضع خطة جماعية لتحدى الاحتلال و مواجهته واجراءها داخل القدس سواء بالمواجهة الشعبية بالشراكة مع المتضامنين الدولين او بتكتيكات وبدائل متفق عليها؟ وكذلك لماذا لا نرى توافق على نغمة التاجيل التي تصرح بها القيادة وتستخدمها بعض الفصائل ممسك و نقطة سوداء في ملف القيادة و تعتبرها تَهرب من استحقاق الانتخابات رغم مواقف كل القوائم واحدة بضرورة مشاركة ابناء القدس ترشحا وانتخاباً و في صندوق يوضع في قلب القدس وعكس ذلك اجمع الجميع  مسبقا في كل اجتماعات الفصائل انه لا انتخابات دون القدس.
نعلم  ان قرار التاجيل متفق عليه مسبقا وبشكل علني و محدد في حال عدم مشاركة المقدسين ، لكن ما في القلوب باطنيا مُختلف ، والسؤال الكبير من المستفيد من هذا التاجيل ؟! .
اسرائيل المستفيد الاول والسبب ان اجراء الانتخابات قد يوحد اطياف الشعب الفلسطيني وهذا ليس في صالح العدو الاسرائيلي ، والتاجيل سيخلق اشتباك و لو لفظي بين الفصائل ويعمق الانقسام .
حركة فتح المستفيد الثاني  ولو نسبيا وخاصة بسبب الاشكالات الداخلية وعدم توحدها خلف قائمة واحدة وخروج قيادات وازنة عن قرارات الاطر القيادية فيها  وهذا يمنحها فرصة الى اعادة لملمة صفوفها استعدادا لموعد آخر ، رغم حاجتها المُلحة لتجديد شرعيات قيادتها و مؤسساتها.
حركة حماس المستفيد الثالث بسبب رغبة جامحة لدى الغزيين بالخلاص من الظروف الصعبة التي يعشونها على الصعيد الاقتصادي والصحي والتعليمي و غياب حرية الراي والتعبير تحت سلطة حماس منذ ١٥ عاما ، وكذلك سبب اخر لا يقل اهمية عن الاول انه في حال فوزها كيف ستدير الحكومة البلد ومن اين ستوفر رواتب ومال وصحة وتعليم ومشاريع لشعبنا  ام ستعاود استخدام اسطوانه ان هناك مؤامرة عليها من فتح وغيرها وخاصة ان موقف العالم من حماس واضح انه لا علاقات معها اطلاقا الا باعترافها باسرائيل وتنفيذها لكل الاتفاقيات بين فلسطين واسرائيل اذن حماس مستفيد كبير من تاجيلها ولكنها تحاول عدم اظهار ذلك وتهاجم القيادة لانها بدات بالتلحين لتاجيل الانتخابات .
الفصائل الاخرى المستفيد الرابع حيث ان معظمها في ظل اجراء الانتخابات  لن تحصل على نسبة الحسم ، وتاجيل الانتخابات تطويل في عمرها وحفاظ على مكاسبها .
القوائم الاخرى لا وجود لبرنامج سياسي لها ومعظمها عاجزة عن الفعل على الارض والانتخابات سوف تعريها امام شعاراتها الرنانة والتي لا تستند لمقومات الفعل والاستمرار وبشكل خاص الملف السياسي بل ان بعض افردها الذين لديهم رغبة في التغير سيدفعون ثمن هذه الشعارات ويجدوا انفسهم عاجزين و وحيدين داخل قبة البرلمان.
الواقع يتحدث بطلاقة ان الانتخابات حصلت او تاجلت فلا فروق بين الخيارين  ، رغم انها مطلب شعبي عارم في حال تمت حسب الاصول ، لا مُبشر باقتصاد جديد ولا صحة ولا تعليم ولا حريات بل كل ما سيحصل اعادة شرعنة الموجود ، و لا قدس ولا عودة لاجئين و لا مقاومة ولا تحرير ، بل ان السواد الاعظم من الشعب يخشى ان تجلب له الانتخابات الاشتباكات وقتل الاخ لاخيه ، في حال خسر احد الاطراف الوازنة ، او الفقر والجوع في حال استلمت فصائل غير مقبولة دوليا ، وعدم اجراءها سيبقى ايضا فساد واستفراد بالشعب و اقرار قوانين مجحفة في ظل غياب التشريعي في غزة والضفة ، وحال الشعب يقول : نحن بين نارين احلاهم مُر فقرار التاجيل لا يختلف عن قرار التنفيذ والتعجيل فلا نتوقع من جميعكم سوى التزمير والتطبيل وبيع الوهم  ، ونصيحة الشعب  لكم : عودوا للضمير واجعلوا من الانتخابات اداة للتغير  قبل ان يبدء غضب الشعب وتنفجر بوجوهكم الزلازل والبراكين.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.