نتنياهو: تكتيك يائس!
مقالات

نتنياهو: تكتيك يائس!

في أعقاب إطلاق قذائف صاروخيّة من قطاع غزّة على غلافه الاستيطاني، كرّر رئيس قائمة الصهيونية الدينية والفاشية سموتريتش معارضته الشديدة لتأييد ودعم حكومة يشكلها نتنياهو بدعمٍ خارجي من القائمة الموحّدة، باعتبار أن هذه القائمة من وجهة نظره امتداد للحركة الإسلامية في قطاع غزة والمتمثلة في حركة «حماس» التي تطلق الصواريخ على إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يبقى إسرائيل رهينة لموقف القائمة الموحدة في حال دعمها لحكومة نتنياهو، تأكيد سموتريتش الجديد جاء بعد محاولات من قبل نتنياهو لإشاعة مناخات تشير إلى توافق مع نفتالي بينيت لتشكيل الحكومة، بعد تسريب جملة من الأنباء التي تبيّن زيفها حول تعيينات للوزارات وربما مناوبات، وذلك لإقناع سموتريتش بأن عملية تشكيل الحكومة باتت على قدم وساق، وأن هناك إمكانية حقيقيّة لنجاح نتنياهو بتشكيل حكومة يمينية برئاسته، وأن على سموتريتش ألا يبقى خارجها، لكي يتبيّن فيما بعد أنه ليست هناك من توافقات بهذا الشأن، الأمر الذي دعا نتنياهو إلى تغيير تكتيكاته بشكلٍ مفاجئ بعدما لم تنطلِ حيله على سموتريتش.
والغريب أن التكتيك الجديد كان استجابةً لنصيحة من التيار الصهيوني الفاشي، فقد نصح المستشار الإعلامي للصهيونية الدينية أريك بن شمعون، نتنياهو بدعوة حزب تيكفا حداشا برئاسة جدعون ساعر إلى مفاوضات تشكيل الحكومة، وسرعان ما تلقف نتنياهو هذه النصيحة وكأنها كانت بعيدة عن تفكيره، ودعا بشكلٍ مفاجئ وملح جدعون ساعر إلى العودة إلى البيت الليكودي حيث سيُستقبل بأذرعٍ مفتوحة لتشكيل حكومة يمين مستقرة بدعم من سموتريتش وبينيت، بعد أن توضع كافة الاعتبارات جانباً لتشكيل مثل هذه الحكومة التي تحتاجها دولة إسرائيل، حسب زعمه.  
هذه الدعوة اليائسة، حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، تعكس نجاح بينيت باحتلال موقع نتنياهو واستنساخ سياسته التفاوضية، المعتمدة على الابتزاز المتواصل، نفتالي بينيت يدرك عمق الأزمة التي يواجهها نتنياهو في تشكيل الحكومة، لذلك رفع من مستوى اشتراطاته، فالأمر تجاوز الحصول على وزارتي المالية والخارجية والدفاع، بل أنه يريد إضافة إلى كل ذلك وزارة العدل التي أصر نتنياهو على أن تظل في يد الليكود، وأكثر من ذلك وعلى ضوء هذا القدر من الابتزاز، فإن بينيت اشترط المناوبة على رئاسة الحكومة، إثر هذه الاشتراطات والابتزازات تراجع نتنياهو عن تسريبات أولية بأن بينيت لا يتلاعب معه وأنه بات شريكاً له إلى القول: إن هناك من يتحمّل مسؤولية الذهاب إلى انتخابات خامسة.    
بينيت متلبساً طريقة تفكير نتنياهو، سرب إلى وسائل الإعلام أنه بصدد عقد مشاورات مع جدعون ساعر بهدف تشكيل حكومة تستند إلى معارضي نتنياهو، وذلك للمزيد من ابتزاز نتنياهو. ودعوة نتنياهو لساعر للعودة إلى البيت الليكودي تعكس تخوفه من أن هناك إمكانية فعلية لإزالة الخلافات بين بينيت وساعر على خلفية التوجه إلى تشكيل مثل هذه الحكومة، من هنا كانت الدعوة اليائسة من قبل نتنياهو لجدعون ساعر لاستقباله بالأحضان في حال عودته إلى البيت الليكودي في محاولة لوضع الإسفين بين بينيت وساعر، لكن المؤشرات تفيد بأن الأخير مهتم ببناء بيته الحزبي الخاص وليس العودة إلى الليكود على الأقل حتى الآن.  
بعد سلسلة طويلة من الابتزازات من خلال محاولات نتنياهو المتكرّرة إثر الانتخابات الأربعة السابقة، يبدو وكأن أطراف المعادلة اليمينية المؤثرة على تشكيل الحكومة باتت أكثر حذراً من تلاعبه، واكتسبت هذه الأطراف خبرة بالتعامل مع ابتزازاته، الأمر الذي لم يعد يوفر فرصاً أفضل لنتنياهو.  

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.