إلى المجتمعين في القاهرة..
مقالات

إلى المجتمعين في القاهرة..

 ستجتمع الفصائل الفلسطينية في القاهرة خلال الأيام القادمة بعد إصدار المراسيم الرئاسية الخاصة بالانتخابات، وذلك لمناقشة الأمور التنفيذية حتى تسير الانتخابات بشكل سلس وطبيعي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن من بين المسائل المطروحة الرقابة على الانتخابات، وتشكيل القوائم الانتخابية، بحث إمكانية تشكيل قائمة مشتركة أو عدة قوائم انتخابية، دون أن يوضح إن كانت القائمة المشتركة بين «حماس» و»فتح» (أخضر أصفر)، أم لجميع الفصائل؟!
اسمحوا لي أن أتحدث بصراحة، الشارع الفلسطيني كفَرَ بجميع حوارات المصالحة منذ الانقسام خصوصاً في السنوات الأخيرة وحتى هذه اللحظة التي أكتب لكم بها هذا المقال، ما جعل الشارع الفلسطيني يعتبر هذه المحادثات في عدد من العواصم كأنها فترة نقاهة واستجمام لمن يشارك في الحوارات في ظل الانقسام.
تُستخدم الحوارات الوطنية كآليات لجمع أصحاب المصلحة الرئيسيين معًا عند نزع الشرعية عن المؤسسات السياسية والحكومات أو انهيارها. كما يتم استخدامها بشكل متزايد في المجتمعات الانتقالية كوسيلة للتداول الجماعي حول القضايا الرئيسية الأساسية للتقدم.
الانتخابات في ظل عدم المصالحة ستكون لها نتائج كارثية، لهذا فإن الحوار ليس إستراتيجية مقاس واحد يناسب الجميع! الانتخابات في ظل عدم المصالحة ليست حلاً سحريًا لإنهاء الانقسام وكافة الأزمات التي تتالت بعده، حيث يوجد شلل سياسي عميق وتاريخ طويل من العنف الداخلي بمختلف أشكاله. الانتخابات في ظل عدم المصالحة يمثل أداة واحدة فقط في صندوق أدوات صانعي السياسات إن لم يتم أخذ المتطلبات التمهيدية لإجرائها!!
تطلب الانتخابات أن تكون الشروط الأساسية موجودة أولاً. عند العنف والكراهية وعدم الثقة تبقى أقوى من الإرادة لتكوين توافق، أو إذا كان هناك اختلال كبير في توازن القوى أو انعدام الإرادة السياسية بين المشاركين فإن الوضع قد لا يكون ناضجًا لتنفيذها، علاوة على ذلك، يجب أن يشعر المشاركون بالانتخابات بحرية التعبير عن آرائهم دون خوف من الانتقام، أو الرفض.
يُقصد بالانتخابات بعد الانقلابات والنزاعات أن يكمل الأشكال الأخرى من العمليات الإصلاحية السياسية، ويكملها الأساس لمحادثات مستقبلية وأكثر رسمية، وليس اعتبارها بأنها الهدف لإنهاء الانقسام. ففي الحوار لا يوجد فائزون؛ في حين أن الغرض من التفاوض هو التوصل إلى تسوية ملموسة، فإن الهدف من الحوار هو جسر المجتمعات وتبادل وجهات النظر واكتشاف أفكار جديدة «مرارًا وتكرارًا»؛ كما نيلسون مانديلا  ذات مرة «يتم حل النزاعات من خلال التحولات التي لم يكن من الممكن تصورها في البداية» وبعد ذلك تأتي الانتخابات وليس قبل!!
الى المجتمعين في القاهرة عليكم أن تعلموا بأن الانتخابات ليست الهدف ذاته بل وسيلة للوصول لإنهاء الانقسام الذي أرهق القضية الفلسطينية، لهذا عليكم التحلي بروح المسؤولية الوطنية: ويجب أن ألا يشعر المواطن أن الانتخابات مفروضة من أعلى أو من الخارج. هذا يسمح للأصوات أن تكون مسموعة من مختلف أصحاب المصالح ليشعروا بمسؤولية أكبر عن النتائج التي تم التوصل إليها.
الى المجتمعين عليكم فَهُم الفاعلين المعنيين؛ بحيث يجب الانتباه إلى المؤسسات ومجموعات المصالح والأفراد. أتمنى عليكم إدراك السرد التاريخي للأزمة وكيفية تطور الأحداث، وما هو السياق السياسي الذي أوصلتمونا له.
أصبحنا مصابين بالإحباط بسبب جولات لا تنتهي من المحادثات دون اتخاذ إجراءات ملموسة. لهذا عليكم الاستفادة من احترام الحوار من خلال العمل على ضمان مشاركة الوسطاء_ وما أكثرهم_ وغيرهم قدر الإمكان لتقديم نتائج فعالة وطويلة الأمد، في النهاية أتمنى عليكم أخذ نصيحة ألبرت أينشتاين، الذي لاحظ بشكل صحيح أن «المشاكل لا يمكن حلها بنفس مستوى التفكير الذي أوجدها».

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.