كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟
مقالات

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

«انظرني يا إيك.. أنا نظيفة تحمّمت بصابون لوكس». هذا شرح لكاريكاتور نشر في مجلة أميركية رئيسة. «إيك» هو اسم التحبُّب للرئيس الأسبق دوايت أيزنهاور، أواخر خمسينيات القرن المنصرم.
الموضوع إعلان أميركا عن إنتاج قنبلة نووية «نظيفة» خلاف قنبلتين «قذرتين» ألقتهما قاصفة أميركية من طراز (B1) أو (B2) على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين.
في تلك الحقبة، كانت ثلاث دول تملك قنابل نووية هي: أميركا، روسيا.. وبريطانيا، مع الإشارة إلى أن عالمين زوجين أميركيين أعدما لأنهما سرّبا أسرار القنبلة الأميركية إلى روسيا السوفياتية.
في أيامنا، هناك خمس دول عظمى في النادي النووي الرسمي، وهناك دول نووية وصيفة هي: الهند، باكستان، وكوريا الشمالية.. وإسرائيل، وتقف إيران الإسلامية على العتبة النووية.
لم ينشغل بال أميركا كثيراً بعد أن اجتازت الهند والباكستان العتبة، وانضمتا إلى النادي، مع شيء من الضجة حول القنبلة الإسلامية الباكستانية.
الهند النووية وازنت في الردع الصين الشيوعية النووية. الباكستان النووية وازنت في الردع الهند النووية. في النتيجة انتهت الحروب الكلاسيكية بين هذه الدول، وتحقق ما يمكن اعتباره «سلاماً نووياً» وصار النزاع والصراع سياسياً واقتصادياً.
لماذا كوريا الشمالية النووية تشغل بال أميركا؟ ولماذا إيران النووية تشغل بالها ومعها إسرائيل؟ كوريا هي بلاد كيم: الجد، والابن والحفيد، وكوريا الجنوبية هي بلاد سيارات «كيا» وغيرها.
تتطلع بلاد كيم إلى توحيد شطري كوريا، كما وحّدت فيتنام الشمالية بلادها بحرب شعبية أولاً قادها رجال فيتمنة؛ وثانياً: رجال فيتكونغ، أو بلاد هوشي منّه والجنرال فونغوين جياب.
بعد الهزيمة الأميركية انصرفت واشنطن إلى تكرارها للنموذج الألماني، حيث ألمانيا الغربية صارت بلاد المرسيدس والتكنولوجيا والديمقراطية الغربية، قبالة ألمانيا الشرقية الشيوعية.. وانتهى الأمر إلى ما تعرفون من انهيار جدار برلين.. والانهيارات اللاحقة للمنظومة الشيوعية، دون حرب نووية، وحتى دون إطلاق رصاصة.
صارت بلاد دكتاتور كوريا الجنوبية المتخلفة، نغوين ديام، بلاد الديمقراطية والتكنولوجيا، وكوريا الشمالية الشيوعية بلاد كيم: الجد، والابن.. والحفيد والترسانة النووية والصواريخ العابرة الحاملة لها، ووضع الجد كيم نظرية «زوتشه» للاعتماد على الذات.. وتحقيق الوحدة بين شطري البلاد سلماً أو حرباً!
بلاد كيم النووية تشكل تحدياً لأميركا، وإزعاجاً لليابان، وخطراً على كوريا الجنوبية.
انتصرت الرأسمالية على الشيوعية، في أوروبا والصين إلى حد ما، لكن الحرب الأيديولوجية لم تحسم بين الكوريتين. الصين شيوعية سياسياً ورأسمالية اقتصادياً؟
قنبلتا هيروشيما وناغازاكي حسمتا الحرب بين الإمبرياليتين الأميركية واليابانية.. والسبب، أن اليابان لم تعرف السرّ، وهو أن أميركا لم تكن تملك سوى قنبلتين نوويتين آنذاك.
تسامح الغرب مع مشروع إيران الشاهنشاهية النووية، بدءاً من مفاعل بوشهر، لكن الأمر خلاف ذلك مع إيران الإسلامية، التي تهدد احتكار إسرائيل النووي منذ مفاعل ديمونا الذي بنته فرنسا، وادعت إسرائيل أنه «مصنع نسيج» إلى أن فضح مردخاي فعنونو الأمر.
لدى إسرائيل بين 100 – 200 رأس نووي، وحاولت اتفاقية فيينا فرملة وصول بلاد الملالي والعمائم إلى الرأس النووي الإسلامي الأول.
منذ انسحاب أميركا من الاتفاقية طورت إيران قدرتها النووية والصاروخية، وواصلت دعم أذرعها، فما الذي تخشاه إسرائيل النووية من إيران النووية؟
لا تريد إسرائيل توازن ردع نووياً في المنطقة، لأنها تخشى أن لا تستطيع حسم حروبها الكلاسيكية بعدها، وكل محاولات التخريب والاغتيالات الإسرائيلية لم توقف البرنامج النووي الإيراني، ولا العقوبات الاقتصادية الأميركية.
تريد أميركا تعديل اتفاقية فيينا لتشمل سلاح الصواريخ، وترفض إيران هذا؛ وتريد إيران رفع العقوبات أولاً؛ وتريد أميركا ضمّ دول الخليج إلى اتفاقية جديدة ومعدّلة، وترفض إيران هذا الاقتراح، لأنها دول ميّالة إلى الموقف الأميركي.
كم يلزم من الوقت لصنع الرأس النووي الإيراني الأول؟ أسابيع حسب وزير الخارجية الأميركية الجديد، أو شهوراً حسب إسرائيل، ومن الواضح أن إيران تدير معركتها بذكاء سياسي ودبلوماسي.. وأيضاً بزيادة تخصيب اليورانيوم.
فإلى مناقرة أميركية ـ روسية حول مسألة الكسي نافالني الروسي، بما يذكّر ببداية الانهيار الاشتراكي في بولندا، حيث كان مقر حلف وارسو، وقصة ليخ فاونسا، النقابي البولندي المعارض للشيوعية، وتمرّد عمال أحواض السفن في غدانسك، والتغطية الكبيرة للتمرد، وكيف يعيش أبو الشوارب فاونسا؛ وكيف يتناول إفطاره، وكيف يقود التمرد.. وفي النهاية تمّ أوّل شرخ في حلف وارسو، الذي كان استخدم الدبابات السوفياتية لقمع تمرد براغ التشيكية ووارسو أيضاً.
تريد أميركا والاتحاد الأوروبي استخدام سلاح حقوق الإنسان لخلخلة سلطة الزعيم الروسي القوي فلاديمير بوتين، ومزيداً من تفتيت الجمهوريات الاتحادية الروسية، بعد تفتيت الإمبراطورية السوفياتية، وجمهوريات الاتحاد السوفياتي فإلى الصراع الأميركي مع الصين، حيث استخدم الغرب قصة الدالاي لاما في ستينيات القرن المنصرم، ثم قضية هونغ كونغ، والأقلية الإسلامية من إثنية الإيغور، ولا يبدو أن الصين يمكن أن تتزعزع، أو تشكل القطب الاقتصادي والعسكري والسياسي المناوئ للغرب.
***
كان هناك خطر الفناء النووي، وصار هناك واقع السلام النووي، الذي لا يلغي النزاعات الحدودية، والحروب الأهلية والاقتصادية.
خطر الفناء النووي، صار الخطر البيئي ومنه الخطر الوبائي إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، بعد فناء نووي حيث يرثها النمل والصراصير العملاقة والعقارب والزواحف العملاقة، بعد أن ورثها الإنسان من الديناصورات، من بعد كارثة كونية.
***
بماذا يستخدم اليورانيوم النووي حالياً؟ في توليد الكهرباء، وفي الطب.. وفي قذائف اليورانيوم المستنفد في خرق دروع الدبابات.
حسن البطل

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.