البدو المشروع الدفاعي الاول ضد المصادرة والضم،،،،،، واختبار الديمقراطية العصيب !!
مقالات

البدو المشروع الدفاعي الاول ضد المصادرة والضم،،،،،، واختبار الديمقراطية العصيب !!

في  ظل مناخ عربي عاصف بالحروب  والازمات  تضيع لدى البعض خريطة  الطريق وبوصلة الاهداف الى بر الامان الذي بات احد اسباب انهيار الشعوب وانكسارها بعدما غابت عنها الانتماءات، مناخ لم تكن فلسطين بمنأى عنه، او محصنه ضده، في ظل انقسام طال مداه واضعاً بصمته وبقوه على واقع  هو متأزم اصلاً ساهم في تغذيته الاحتلال.. 
فلربما قد تسرعنا في الحكم بسلبيه على العام الجديد، ليلحق بنا تباعاً، ليفاجئنا بالمبشرات،  فبإصرار وامل كبير ينفض الفلسطيني عن نفسه رماد خلفته اربعة عشر عاماً من الانقسام وسط استعدادات لانتخابات برلمانيه واخرى رئاسية، رأت فيها الفصائل  فرصة لرأب الصدع وتصفير الخلافات، قاطعين الطريق  على من  يتاجرون بمصائر الشعوب،  ويعملون بالظلام في حين رأت فيها السلطه الفلسطينيه وسيله لا غنى عنها  لدرء مخاطر الانشقاق، و فرصة للإصغاء لإارادة الشعب، وسبيلاً للخروج من مستنقع الفرقه والخلافات المزمنه التي اثقلت كاهلنا ووضعت مصير قضيتنا على المحك ..على امل ان تكون حقبة جديده في عامنا الجديد هذا  وقد اوشكنا على الاستعانه بقارئة فنجان لتبدد لنا خوفاً وشعوراً بفرحة قد تكون منقوصة يشوبها القلق والترقب لرؤية ما كنا نسميها بأشياء ملموسه على الارض وضوء بعد نفق طويل وحجر اساس لتوافق قد ينهي صراع لم يعرف هدنة.. ورغبة لدى الاخوة الاعداء للقفز من سفينة هزتها أمواج اسرائيل المتلاطمه فبدت لهم بلا شك غارقة،  لعلها تبعث بقضيتنا من جديد بعد ان هرمت في نظر المطبعين، في  حين هي في نظر اهل الحق شابة لا تشيخ، حيث باتت اللاءات الثلاث " لا تفاوض، لا سلام، لا اعتراف " والتي إستبقت ما سواها من شعارات للعديد من الدول العربيه، بعيدة جداً عنها وعنا. فخروجاً عن المألوف أغرقت المنطقه  العربيه في كتل من اللهب بعد ان وقع الاختيار على اسرائيل لتكون الشريك والحليف الاستراتيجي لها تحتمي في احضانها تحت وهم اسطوانتهم المشروخه المتمثله بالأمن والخلاص ...!
وانطلاقاً من المصلحه الوطنيه العليا، لعل وعسى ينجح المشرع الفلسطيني بتبديد مخاوف من إفرط بالتشاؤم وراهن على فشل الانتخابات وبالقدره على إخراج  قانون انتخابي عصري وتوافقي فكراً ومنهجاً وعملاً،  يجتمع حوله مكونات  المجتمع الفلسطيني بمختلف أطيافه، يكون بمثابة مستودعاً لإرادة الشعب وتطلعاته بحيث  يتناسب مع التحديات التي تفرضها علينا الاستراتيجيات والتحالفات الدخيله، ويجنب الفلسطينيين  الذين لا يرجون المعجزات الفراغ والمأزق السياسي  الخطير  وليس الانتخابات من اجل الانتخابات...  
وتماشياً مع القرار بقانون رقم "1" لسنة "2007" بشأن الانتخابات  الفلسطينيه وضمن المادتين " 27 ،28" اللتان أقرتا تصريحاً وليس تلميحاً  بحق  ممارسة الانتخاب  لكل فلسطيني يتواجد بالضفه الغربيه وقطاع غزه بغض النظر عن الدين والرأي والانتماء السياسي  والمكانة  الاجتماعيه،  تقف السلطه الفلسطينيه  على المحك امام اختبار للديمقراطية عصيب ومجموعة تحديات فرضت تساؤلات اكثر من الاجابات،  لعل اهمها حول وضع الآلاف الذين لم  يتمكنوا من ممارسة حقهم المكفول دستورياً لدرجة انه  لم يتم احصائهم الى الآن من قبل دائرة الاحصاء او الموسسات المدنيه.

  لتتجه الانظار تباعاً نحو التجمعات البدويه "حرّاس الارض " الذين يملكون الهويه وجواز السفر ويحق لهم الترشح و الانتخاب ولكن، لربما عن  جهل او سوء تخطيط وبدون قصد تم تهميش ما يقارب "بأربعمئة الف" مواطن بدوي ينتشرون في الضفه الغربيه من منطقة المسافر جنوب شرق الخليل حتى طوباس شمالاً اغلبهم لاجئون، من اراضي الثماني والاربعون... فبين الحضور والنسيان وعلى وقع مطرقة الاحتلال واطماعه التوسعيه وسندان التهميش الرسمي الفلسطيني يعاني البدو ويتألمون بصمت،  حيث الاحتضان  الفلسطيني لهم يتراجع والاهتمام بقضيتهم يندثر.. يواجهون تهديداً وجودياً يقارعون حياة ملؤها المخاطر 
والتحديات ...!
وقد رأت فيهم اسرائيل تهديداً حقيقياً لفكرة الدوله القوميه الاسرائيليه، وتهديداً لما تخشاه من إمكانية قيام دوله فلسطينيه مستقله ، ومن باب الدهاء وذرء الرذاذ في العيون،  سعت اسرائيل  لتغليف مخطط التطهير العرقي ضد الفلسطينيين عموماً وبدو النقب على وجه الخصوص التي تقع تحت سيطرتها وسلتطها ضمن المناطق المصنفه "جيم"، كاشفه للمستتر وفاضحه لما تم كنسه تحت البساط على مدى اعوام  بانه مخطط يهدف لتحسين وتطوير حياتهم، الا انه في اول الامر ومنتهاه مخطط يهدف الى تدمير النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لهم، وخلق بيئه قسريه تستحيل معها الحياه.
وفي مثال واقعي ومؤلم يعمل الاحتلال على خرق وخنق مميزات حياة الانسان البدوي، التي شهد له القاصي والداني بتاريخه الطويل من الانتماء للمكان وللارض.. فعندما يدورالحديث عن الانتخابات في اسرائيل تثار مسألة البدو من حيث مكان إقامتهم وعنوانهم كذريعه تلجأ لها لتهجيرهم من المناطق الغير معترف بها الى داخل أحياء وقرى مصممه خصيصاً لهذا الغرض،  فارضه من خلالها قيوداً على تحركاتهم فتتجاهل نصب صناديق إقتراع في أماكن تواجدهم ، مما يدفع العديد منهم للسفرعشرات الكيلو مترات من اجل ممارسة حقهم الديمقراطي،  في حين يحجم البعض عنها  تجنباً للمشقة والعناء،  ليتحولوا تلقائياً لرعايا بلا وطن وفقاً لمزاج المحتل،  يعانون من شرخ اجتماعي ناجماً عن حرمانهم من الاندماج في المجتمع الاسرائيلي، فضلاً عن النظره العنصريه السافره اليهم ، مما انشأ حاله من السلبيه الاجتماعيه والسياسيه  لديهم، وهذا اخطر ما يمكن ان يصيب شعب مضطهد ومحتل،  ليتضح لنا ان مصطلح التعايش الفارغ الذي افرزته السياسه الاستعماريه التي قامت على اساس عزل الناس عن بعضهم البعض قامت واستمرت مع نشوء الحركه  الصهيونيه.
 وليس الحال بأفضل منه  في المناطق التي تخضع تحت سيادة السلطه الفلسطينيه... خصوصاً ان حق الانتخاب  في اماكن التجمعات البدويه ما هو إلا حبراً على ورق، ولم يتم الإعمال به وفقاً لمبدأ المساواه التي تضمنه الدستور الفلسطيني ، مما قد يشكل خرقاَ للقيم والمبادئ  التي  تقوم عليها العمليه الديمقراطيه  على النحو المقرر في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وتكريساً لعزلتها، الذي كان بالاساس نهج الاحتلال و بمثابة حجر الزاويه الذي حسب  له  الاحتلال ألف حساب ضمن سياسته التهويديه، فمن المؤكد وبما لا يدعوا مجالاً للشك ان البدوي لا يمثل شخصه فحسب، فيكفيه ما فيه انه مشروعاً دفاعياً وتحالفاً مضاداً لمصادرة الاراضي والضم... لهذا فإن العبث به وبنمط حياته ليس شأناً بدوياً بقدرما هو شأناً فلسطينياً بحت،نظراً للارتباط الكبير بين ثباته وصموده في ارضه وبين التهديد الوجودي للانسان الفلسطيني والارض.
 فوفقاً لمنطق الاستعمار الاستيطاني القائم على مبدأ "ارض اكثر وعرب اقل " باتت المناطق التي يتواجد  فيها البدو هي الأكثر اغراءاً للضم،  لهذا  فلربما لم يفت الاوان بعد... لتنهض المؤسسات المدنيه والحقوقيه  والسلطه الوطنيه على وجه الخصوص  بدورها  بلا ابطاء، باعتبارها الورقة الرابحه بيد اصحاب القرار وتوعيتهم بما لهم من حقوق وعليهم من واجبات، وان تكون اصوات مسموعه يوجد من يتكلم باسمهم ويتحدث بصوتهم لا سيما ان العديد منهم  ينظر الى الانتخاب كترف غيرمؤهلين له بعد  ...! فالاعتراف بحقوقهم وإشراكهم في تقرير مصير حياتهم انجازاً ينبغي ان لا يستهان به لما قد يساهم في جذب الاهتمام الدولي بقضيتنا وبنضالهم تحديداً في قضية الحق والأرض... فتجاهلهم لربما يفتح الباب على مصراعيه امام المزيد من التجزئه والتفتيت للشعب الفلسطيني وتثبيتاً لسياسة المحتل القائمه على مبدأ "فرق تسد" وكيف لا وهم كجزءاً من الشعب الفلسطيني  لطالما  كانوا شوكة علقت في حلق المحتل.....!

__________

* كاتبة وباحثة فلسطينية 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.