نميمة البلد: فراس الطويل وتحقيق الرسوم
مقالات

نميمة البلد: فراس الطويل وتحقيق الرسوم

أثار تهديد الصحفي فراس الطويل بسبب تحقيقه الاستقصائي حول رسوم أو أتعاب المحامين على السندات العدلة والوكالات والعقود مسألة ضمانات حماية الصحفيين الفلسطينيين من الأطراف الداخلية. هذا التهديد بقطع الأيدي وفقأ العين من قبل أحد حراس القانون والذي من المفترض ان يكون حاميا للحريات، وضامنا لحقوق المواطنين من تعسف الإدارة وتغول المتنفذين، ومدافعا عن الضحايا والمظلومين في مواجهة المجرمين والمعتدين، وساعيا للحقيقة وإظهار عينها.
 هذا النوع من التهديد الصادر من قبل أحد أفراد أهم فئة مدنية مؤثرة في الدولة المدنية المنشودة يعيد الى الاذهان النمط القبلي في التفكير للدفاع عن المصالح الخاصة والفئوية في تعارض واضح مع شرف المهنة وقانونها واخلاقياتها، وفي سقطة مستغربة من فئة ذات المكانة الرفيعة والمرموقة في المجتمع والدولة.
حماية الصحفيين واجب الدولة بأجهزتها المختلفة السياسية والإدارية بما فيها أجهزة إنفاذ القانون كالنيابة العامة التي مهمتها بالأساس حماية المجتمع ومنع الاعتداء على المواطنين بمساندة المؤسسة الشرطية والأمنية. كما هو واجب نقابة المحامين حماية أخلاقيات المهنة وآدابها وضمان سلوك أعضائها بعدم التعرض أو التهديد قولا أو فعلا لحماية المهنة ذاتها وسمعة أعضائها الساعين للحقيقة واثباتها بالبينات والوثائق وبالحجة والبرهان لا بالتهديد والوعيد.   
في ظني أن ما ذهب إليه الزميل الإعلامي والصحفي فراس الطويل كان عين الصواب في التدقيق والتمحيص في مسألة دفع الرسوم أو أتعاب المحامين لمعاملات بعينها هي بالأساس لا يبذل فيها جهدا أو أن الجهد المبذول فيها محدود جدا لا يضاهى مع يتم تقاضيه؟ كما يفتح تمويل النقابة من قبل مواطنين هم ليسوا أعضاءً أو مستفيدين من خدماتها التي توفرها لأعضائها مسألة مشروعية الحصول على هذه الأموال (قد يقول قائل إن النقابة تحصل على هذه الأموال من المحامين كجزء من مساهمته في النقابة وهو أمر مردود عليه بان المواطن يتحمل هذه المساهمة بتضمينها بالمبلغ المدفوع).
في ظني أن التحقيق الاستقصائي للزميل الصحفي فرس الطويل يحتاج إلى معالجات متعددة وفي جوانب مختلفة منها ما يتعلق بقانونية فرض هذا الرسم أو الاتعاب، ومشروعية حق النقابات المهنية فرض الرسوم او اتعاب تنظيمية تجبر الناس على دفعها دون تعب حقيقي من قبل هؤلاء المهنيين من جهة، وتقدير هذه الرسوم من جهة ثانية ومدى عدالة هذا الرسم أو الاتعاب، ان كان قانونيا، بما يتناسب مع أوضاع البلاد والعباد.
هذا الأمر لا يقتصر على نقابة المحامين بل ينطبق على نقابات مهنية أخرى مهمة الحكومة اليوم النظر فيها وضمان حقوق المواطنين في الوقت الذي تضمن النقابات حقوق أعضائها بهدف تحقيق التوازن المطلوب لضمان العدالة في تحمل الأعباء من قبل الجميع ومنع حصول افراد أو أطراف على مكاسب غير مستحقة أو تحمل أطراف أعباء أكثر من الآخرين.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.