انعقاد مجلس الشراكة الأوروبي الإسرائيلي، هل يخدم إنهاء الاحتلال ووقف جرائمه المستمرة؟
مقالات

انعقاد مجلس الشراكة الأوروبي الإسرائيلي، هل يخدم إنهاء الاحتلال ووقف جرائمه المستمرة؟

في ظل القتل اليومي والاقتحامات اليومية وكل ما يجري من استمرار لجرائم ترتكب من دولة الاحتلال ومن انتهاكات لكافة المواثيق الدولية والقانون الدولي ، وفي ظل تصاعد وتيرة رفض كل مكونات المجتمع إلاسرائيلي واحزابه الصهيونية لفكرة وجود دولتين بين النهر والبحر أو حتى لأي حديث عن السلام في ظل تسارع وتيرة الاستيطان الكولنيالي بقرارات من حكومة الاحتلال نفسها ، فمن المتوقع أن يصل رئيس وزراء حكومة الاحتلال يائير لابيد إلى بروكسل في 6 أكتوبر القادم للقاء وزراء خارجية جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28 دولة ، لعقد اجتماع بين اسرائيل والاتحاد الأوروبي ، والمعروف باسم "مجلس الشراكة".

مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل هو أعلى هيئة على المستوى الوزاري تناقش العلاقات الثنائية فيه، حيث لم يجتمع هذا المجلس منذ عام 2012 بسبب الخلافات الأوروبية حول قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ، وتحفظات عدد من دول الاتحاد الاوروبي في حينه على عقد المجلس .

وقد وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قبل اسبوعين على عقد اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بعد توقف اجتماعته متذ عقد من الزمن ، دون ان يتغير من واقع سياسات وجرائم إسرائيل شيئا بل أصبحت اكثر عدوانا في تنفيذ مشروعها الاستعماري والعنصري  .

وكانت قد وقعت إسرائيل اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995 لكنها ألغت المحادثات السنوية بموجب الصيغة في عام 2013 احتجاجا على قرار الاتحاد الأوروبي بالتمييز بين المستوطنات وبقية إسرائيل في جميع الاتفاقات.

ولعدد من السنوات اللاحقة منذ ذلك التاريخ ، منعت دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي منفردة الاجتماعات ، ودعت إلى مزيد من التقدم في مسيرة السلام المفترضة معنا نحن الفلسطينين قبل الانتقال نحو علاقات أوثق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

الملفت للنظر اليوم إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وافقت على عقد المجلس المشترك بحجة انها لا ترى سبباً للانتظار حتى إجراء محادثات مشتركة لحين الانتخابات الإسرائيلية المتوقعة في نوفمبر القادم وتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

ورغم أن الاوروبين يعلمون تماما بعدم وجود اي مسيرة سلام بحكم المواقف الاسرائيلية ويعرفون
ان إسرائيل تتصرف وفق قانون الغاب كدولة تمارس الإرهاب المنظم وتسرق  الارواح والارض والمصادر الطبيعية كما ما زالت تمارس سياسات توسيع واستدامة الاحتلال الاستيطاني في مخالفات وانتهاكات واضحة لكافة المواثيق الدولية ، وتمارس سياسة الابرتهايد والفوقية اليهودية كنظام فاشي في مخالفات واضحة وبما يتعارض مع اسس نشؤ الاتحاد الأوروبي نفسه .

 كما انهم  يعرفون تماما تفاصيل الوضع على الأرض في مناطق دولتنا المحتلة ، لكن وزرائهم اتفقوا على أن مجلس الشراكة سيكون مناسبة جيدة للتواصل مع إسرائيل بشأن قضايا مختلفة ومن أهمها موضوع الطاقة مع قرب حلول الشتاء والأشكال القائم بخصوص توريد الغاز الروسي على أثر القرارات العقابية  الأوروبية والتي أصبحت ترتد على القارة الأوروبية نفسها بشكل سلبي وتؤثر على الاستقرار الاقتصادي فيها ، حيث انخفض اليورو اليوم بنسبة 0.3 ٪ مقابل الدولار ، إلى أدنى مستوى للعملة في العشرين سنة الماضية  منذ 2002.

ان حرية شعبنا الفلسطيني بما يحاول به الإسرائيليين من انكارها ورفض التسليم بها  متذ جريمة النكبة ، يريدون حصرها اليوم لتكون خاضعة لتنافس اقطاب الحكم والمعارضة بإسرائيل على مدى اضطهاد ابناء شعبنا وللاحتياجات السياسية الداخلية للسياسيين الإسرائيليين في ظل التنافس الانتخابي لهم  ، طالما ان  المجتمع الدولي يغض النظر بل و يسمح بذلك ويعطي اسرائيل غطاء "الشرعية الدولية" بالدفاع عن النفس ، حيث يتصرف لابيد وغانتس بهذه الطريقة لأنهم يعلمون أنهم يستطيعوا  كما استطاع نتنياهو وغيره من قبلهم ، فلن تفرض عليهم أو على غيرهم من مجرمي الاحتلال أي دولة في العالم عقوبات شخصية أو على حكومتهم لارتكاب جرائم حرب بحق شعبنا الفلسطيني أو حتى لاضطهاد منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية كما حدث بالأسبوع الماضي من أوامر اقتحام وإغلاق لها ، سوى قيام الاتحاد الاوروبي  باصدار بيانات  بالاعراب عن عدم ارتياحهم واستمرار مراقبتهم عن كثب لما يجري ، وكأن ما يجري هو شيئ جديد خارج عن سياسات ملازمة للاحتلال منذ عقود طويلة . رغم ان منظمات حقوق الإنسان الدولية بالعالم ترى في تصريحات وأعمال وزير الحرب غانتس هجوم مستمر وغير مبرر على التجمعات والمراكز الفلسطينية لحقوق الإنسان والتي تحظى بمساعدات أوروبية.

ومن خلال قرائة مواقف عدد من دول الاتحاد الاوروبي التي تطالب بوجوب ان ينصب تركيز الاجتماع الأول لمجلس الشراكة بعد انقطاع بين الطرفين على الوضع المتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط ، الأمر الذي يتطلب من وجهة نظر تلك الدول من الدول الأعضاء كافة أولاً وضع موقف مشترك مسبقاً.

لكن واضح إن الدول الأعضاء منقسمة بشأن مدى الأهمية التي يجب أن تأخذها هذه القضية إلى ثلاث فئات وفق اهمية ذلك ، رغم تصريحات عدد من المسؤولين بالاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم منسق السياسات الخارجية بوريل الذي قال : "لم يتغير موقف الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط" ، في إشارة إلى الموقف الذي تبناه الاتحاد في عام 2016 الداعم لحل الدولتين.

وبالرغم من ان 9 دول من أصل 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تعترف بدولة فلسطين ومعظمهم فعلوا ذلك عند اعلان الاستقلال عندما كانوا اعضاء بالمنظومة الاشتراكية قبل انهيارها عام 1991 ، اضافة الى السويد كأول دولة من خارج مجموعة تلك الدول تعترف بدولة فلسطين عام 2014 اضافة الى اعترافات مالطا وقبرص قبل انضمامهم إلى الاتحاد الأوروبي .
 الا ان باقي الدول والتي شكلت أساس نشؤ الاتحاد الأوروبي قبل توسعه ما زالت ترفض فكرة الاعتراف بدولتتا الفلسطينية وفق حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية رغم إعلانها دعم حل الدولتين واعترافها باسرائيل كدولة دون حدود معلنة ، رغم اننا عملنا مع البرلمانات الأوروبية المختلفة التي اتخذ معظمها توصيات أمام حكوماتها بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، وما زال الموقف الفلسطيني بكافة اللقاءات الرسمية مع الحكومات وعلى كافة المستويات يطالب بذلك حتى ينسجم الأمر مع ما يعلنوه من مساندة حل الدولتين ولكي تتساوى معادلة الاعتراف بالدولتين .

لقد اَن الأوان ومنذ فترة طويلة أن ينسجم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء مع نفسه ومع ما تنص عليه نصوص مبادئ نشؤ الاتحاد من جهة ، ومع مواقف شعوب دوله وقواها السياسية الديمقراطية التقدمية بالاعتراف الفعلي بدولة فلسطين من جهة اخرى ، واتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة بحق دولة الاحتلال ، بما ينهي سياسة ازدواجية المعايير والنفاق السياسي عند البعض منهم . كما والابتعاد عن التبعية للسياسات الخارجية للولايات المتحدة التي تاخذ أوروبا إلى المجهول في مواجهة الشرق سياسيا وحضاريا بما يهدد استقرار هذه القارة واستمرار وجود الاتحاد الأوروبي نفسه .
 أن  ذلك يجب ان يكون هو معيار علاقاتنا مع هذه الدول بما يحقق اقترابنا الفعلي من إنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال الوطني في دولتنا أسوة بدول الاتحاد الأوروبي نفسه التي خاضت كفاحا من أجل استعادة استقلالها عبر التاريخ السياسي لها .
 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.