أوباما : نتنياهو ماكر ومناور وعباس قليل الكلام
أهم الأخبار

أوباما : نتنياهو ماكر ومناور وعباس قليل الكلام

صدى نيوز -بعد مرور بضعة أيام على انتهاء سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، التي انعقدت ، والتي لم تعلن نتائجها رسميا بعد، أصدر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ، كتابًا حقَّق مبيعات ضخمة، يحمل عنوان :"أرض الميعاد"، وهو عبارة عن مذكرات رئاسية للرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة تتناول حياته السياسية حتى الفترة الأولى التي قضاها في البيت الأبيض، ومن بينها مواقف إدارته إزاء قضايا الشرق الأوسط وتعاملاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والانقسامات العرقية داخل المجتمع الأميركي، ويختتم بالعملية الناجحة لقتل "أسامة بن لادن" في ايار 2011 في غارة "أبوت آباد".

وبالنسبة لإسرائيل، ينتقد أوباما " لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "أيباك"، والتي تعمل على ضمان تقديم الدعم الأميركي الثابت لإسرائيل، والمعروف عنها سيطرتها على أعضاء الكونغرس، مشيرًا إلى أن نفوذ "أيباك" يمكن أن يطال كل سياسي في واشنطن حتى هو نفسه.

وفي الوقت الذي اتخذت فيه الدولة الإسرائيلية إجراءات تتعارض مع السياسات الأميركية، وأصبحت سياساتها أكثر يمينية، ضمن اللوبي الصهيوني في واشنطن بشكل عام، و"أيباك" بشكل خاص، استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل ومعارضة الجهود المبذولة لإدانة أو عزل إسرائيل في الأمم المتحدة. واتهام الذين انتقدوا السياسة الإسرائيلية علنًا بـ"معاداة السامية". وفي هذا الإطار، أشار إلى أن البعض اتهمه بتعدد الولاءات نظرًا لتعاطفه مع الفلسطينيين، والصداقة التي جمعته بأشخاص معادين للسياسة الإسرائيلية، إلى جانب كونه مواطنًا أسود البشرة باسم مسلم. وهنا تجدر الإشارة إلى التحديات التي واجهته أثناء حملته الانتخابية، لافتًا إلى أن اسمه وتاريخ عائلته وكونه أسود، فضلًا عن حمله أفكارًا اشتراكية، جميعها كانت بمثابة التحدي الأكبر لإثبات الولاء للولايات المتحدة.

ويسلَّط أوباما الضوء في كتابه على التباين الحاد في وجهات النظر بينه وبين رئيس وزراء إسرائيل "بنيامين نتنياهو" فيما يتعلق بسبل التوصل إلى عملية السلام؛ مشيرًا إلى أن "نتنياهو" كان مترددًا بشأن محادثات السلام في الشرق الأوسط، وكان يؤكد على أن السلام يجب أن يحدث وفقًا لما يخدم مصالح إسرائيل الأمنية، وأن الفلسطينيين هم من يُعيقون عملية السلام. كما رفض "نتنياهو" تمامًا مقترح "أوباما" بتجميد بناء المستوطنات في الأراضي المحتلّة، كخطوة أولى للسلام، واتهمه البعض بمحاولة إضعاف التحالف الأمريكي الإسرائيلي، وذلك بالتركيز على المستوطنات بدلًا من التركيز على أعمال العنف الفلسطينية.

ويصف أوباما في كتابه نتنياهو بأنه "سياسي ذكي ومخادع ويتقن التواصل بالعبرية والانجليزية وصاحب قدرات اتصال استثنائية"، وحمله المسؤولية عن فشل الجهود الهادفة إلى "حلّ الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي".

وأضاف أوباما أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها من أجل حلّ الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي، إلا أن نتنياهو واجه هذه الجهود بالرفض مما حال دون حدوث تقدم في مسار المفاوضات، معتبرا أن نتنياهو رأى في نفسه "حائطا للدفاع عن الشعب اليهودي، وهو ما جعله يضفي صدقية على كل خطوة يقدم عليها وتضمن بقاءه في الحكم".

ولفت أوباما إلى استغلال نتنياهو علاقته ومعرفته الكبيرة بالنخبة السياسية والإعلامية الأميركية، في سبيل التصدي لجهود الإدارة الهادفة إلى دفع عملية تسوية الصراع مع الفلسطينيين قدماً.

وأوضح أن كبير موظفي البيت الأبيض في عهده رام عماونئيل (الإسرائيلي الأصل) حذره بعيد انتخابه رئيساً، من أنه لا فرص للتعاون بينه وبين نتنياهو في كل ما يتعلق بحلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بسبب الاختلاف في التوجهات السياسية لكل منهما، منوها بأنه أدرك صحة حكم عماونئيل عندما التقى نتنياهو وعباس.

ويصف الرئيس الأميركي السابق أوباما الرئيس محمود عباس قائلا :"إنه رجل بشعر أبيض لا يعبر إلى حد كبير ويكتفي بالإيماءات .. لقد فضلت أميركا وإسرائيل تولي عباس القيادة لأنه يعترف بصراحة في إسرائيل، وينبذ "العنف"، وأبدي استعدادا وحماسة كبيرة من أجل استئناف المفاوضات، لكن هذه المفاوضات ظلت عقيمة ولم تصل إلى نتيجة.

ويعبر الرئيس الأميركي عن إحباطه بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالقول "كنت أحياناً أتساءل: هل كانت الأمور (في ما يتعلق بالمفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل) ستكون أفضل لو كان رئيساً غيري في المكتب البيضاوي، ولو كان شخص آخر غير نتنياهو يمثل إسرائيل ولو كان محمود عباس أكثر شباباً".

وأضاف أوباما أنه ظل يعتقد أن إسرائيل كالطرف الأقوى، مطالبة بأن تقوم بالخطوة الأولى تجاه الفلسطينيين وتقدم على تجميد البناء في المستوطنات في الضفة الغربية، وهذا ما عارضه نتنياهو، الذي لم يكتفِ بالرفض، بل عمد إلى توظيف أصدقاء إسرائيل في واشنطن للضغط على إدارته.

وتطرق أوباما أيضًا إلى الانقسامات القائمة داخل المجتمع الأميركي، مشيرًا إلى أنه منقسم للغاية في الوقت الراهن أكثر مما كان الوضع عليه عند عندما انتخب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية عام 2008، وملقيًا باللوم في ذلك على دور الرئيس "ترامب" في تأجيج نيران الانقسامات الداخلية من أجل تحقيق مكاسب سياسية. وأرجع أوباما بعض أسباب الانقسام هذا إلى عوامل اجتماعية واقتصادية، مثل: تزايد عدم المساواة، والانقسامات بين الريف والحضر داخل المجتمع الأميركي.

وفي خاتمة كتابه، يذكر أوباما أن قضية العرق في الولايات المتحدة تُعد أحد خطوط الصدع المركزية في التاريخ الأميركي. فخلال العام الجاري، برز الأمر جليًّا في ظل الاحتجاجات واسعة النطاق التي شهدتها معظم المدن الأميركية، وتجددت المطالبات بالمساواة العرقية والعدالة عقب مقتل المواطن الأميركي الأسود "جورج فلويد" على يد رجل شرطة أبيض. وعلى الرغم من ذلك، أبدى أوباما تفاؤله الحذر على المدى البعيد بمستقبل العالم، داعيًا إلى إعادة رسم العالم من جديد، والنهوض بالأمة الأميركية عبر العمل الجاد والإرادة للحفاظ على الديمقراطية الأميركية والمكانة القيادية للولايات المتحدة على مستوى العالم أجمع.