تهجير الفلسطينيين في الضفة يمتد إلى مناطق B بغطاء إسرائيلي رسمي
أهم الأخبار

تهجير الفلسطينيين في الضفة يمتد إلى مناطق B بغطاء إسرائيلي رسمي

صدى نيوز -لم تعد ممارسات طرد الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم محصورة في مناطق C الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، بل بدأت تمتدّ، خلال الأشهر الأخيرة، إلى مناطق B الخاضعة إداريًا للسلطة الفلسطينية، في تطوّر نوعي تشهد فيه هذه العمليات، في حالات متزايدة، مشاركة مباشرة من الجيش الإسرائيلي، سواء عبر منع السكان من العودة إلى منازلهم أو من خلال التدخل الفعلي إلى جانب المستوطنين خلال عملية الطرد والتهجير.

وبحسب تقرير موسّع نشرته صحيفة "هآرتس"، اليوم الإثنين، فإن هذا التحوّل يعكس انتقال نمط الطرد الذي استُخدم في السنوات الأخيرة لتفريغ مناطق C من التجمعات الفلسطينية، إلى مناطق B، رغم أن إسرائيل وجيشها، وكذلك المستوطنون، لا يملكون أي صلاحية قانونية لطرد سكان منها أو منعهم من العودة إليها.

ترقوميا: طرد في منطقة B ومنع العودة بالقوة

وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حاول عشرات السكان من بلدة ترقوميا، غربي الخليل، مرافقة عائلات فلسطينية إلى منازلها الواقعة في أطراف البلدة ضمن المنطقة B، بعد أن كانت قد طُردت منها في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على يد مستوطنين.

عند وصولهم، وجدوا بوابة أقامها المستوطنون على الحدّ الفاصل بين منطقتي B وC، لمنع الوصول إلى خمسة منازل فلسطينية معزولة. وخلال محاولة العودة، حضر مستوطنون مسلحون على متن مركبات رباعية الدفع، ثم انضم إليهم جنود من الجيش الإسرائيلي.

ووفق شهادات وثّقتها الصحيفة، أعلن ضابط برتبة نقيب في وجه السكان: "هذه أرضي هنا، وممنوع لكم أن تكونوا في المكان". وعندما طُلب منه إبراز أمر عسكري يبرّر الإخلاء، أجاب: "لا يوجد أمر. أنا القانون، وأنا من يقرّر هنا".

وبدون الإعلان عن المنطقة كمنطقة عسكرية مغلقة، شرع الجنود بإطلاق قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق السكان، في وقت شارك فيه مستوطنون، بعضهم ضمن فرق طوارئ تابعة لمستوطنة قريبة، في إخلاء الفلسطينيين من محيط المنازل. ولم يتوقف التدخل إلا بعد وصول ضابط أعلى رتبة، طلب من المستوطنين الابتعاد وأفرج عن الفلسطينيين الذين جرى احتجازهم.

وروت إحدى النساء اللواتي طُردن من منزلها في ترقوميا أن مستوطنين اقتحموا بيتها بينما كانت مع طفلها، وهددوها قائلين إنه إذا لم تغادر فورًا "سيأخذون الطفل". وأضاف طفلها، البالغ نحو تسع سنوات، أن المستوطنين قالوا: "إذا لم تغادر أمك سنقتلها أو نقتلك"، مشيرًا إلى أنهم قيّدوه بسلك معدني.

وعند عودتها لاحقًا، وجدت العائلة المنزل مدمّرًا، وقد سُرقت محتوياته، ورُسمت على الجدران كتابات عنصرية، بينها شعارات تحريضية، إلى جانب رموز دينية، في مشهد يعكس حجم التخريب الذي طال المنزل.

الأغوار الشمالية: السيطرة تمتد من C إلى B

في شمال الأغوار، قرب قرية بيت حسن، اضطرت عائلتا أبو سيف، ولكل منهما عشرة أطفال، إلى مغادرة منزلهما بعد سنوات من المضايقات المتصاعدة. وبحسب الشهادات، جاء جنود من الجيش الإسرائيلي إلى المنزل برفقة مستوطن يقيم مزرعة قريبة، وأبلغوا العائلة أن أمامها أسبوعًا للمغادرة. وتُظهر كاميرات المراقبة الجنود وهم يقولون: "لا نريد أن نرى أحدًا هنا، لا المرأة ولا الأطفال".

المنزل يقع على بعد أمتار قليلة داخل منطقة B، لكن بعد مغادرة العائلة، توسّعت سيطرة المستوطن في المنطقة، ومنع مزارعين فلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية. وقال أحدهم إن المستوطن أخبره صراحة أن "كل هذه الأرض ستكون لي يومًا ما"، فيما أكد آخر أن كل محاولة للاقتراب من أرضه تنتهي بظهور المستوطن وتهديده.

نمط متكرر: استدعاء الجيش لإخلاء الفلسطينيين

وفي التماسات قُدّمت لاحقًا من منظمات حقوقية، وُثّق نمط متكرر يفيد بأنه في حال رفض الفلسطينيون مغادرة أراضيهم بناءً على طلب المستوطن، كان الأخير يستدعي الجيش، الذي يتدخل لإخلاء الفلسطينيين، أحيانًا عبر إعلان المنطقة منطقة عسكرية مغلقة، وأحيانًا من خلال التفتيش أو الاحتجاز المؤقت.

وفي قرية عطّارة قرب رام الله، أُقيمت بؤرة استيطانية داخل منطقة B، قرب منزل مواطن مقدسي في الخامسة والستين من عمره، كان قد اشترى الأرض بشكل قانوني قبل نحو 25 عامًا. وبعد إقامة البؤرة، استُدعي الجيش إلى المكان، وفرض أمرًا عسكريًا مغلقًا، أُجبر بموجبه هو وجيرانه على مغادرة منازلهم، في حين سُمح للمستوطنين بالبقاء.

وقال الرجل إن الجنود طرقوا باب منزله وأمروه بالمغادرة، مضيفًا: "قلت لهم هذا بيتي، لكنني احترمت الأمر وغادرت. لاحقًا اكتشفت أنهم أخرجونا نحن، وسمحوا للمستوطن بالبقاء". وعندما حاول العودة بعد أيام لإطعام كلابه، وجد المنزل منهوبًا ومدمّرًا، فيما رفضت الشرطة التدخل بحجة أنه لم يكن موجودًا في المنزل أثناء الاقتحام.