
الانتخابات الرئاسية في بولندا: جولة إعادة حاسمة بين مرشح مؤيد لأوروبا وآخر قومي
صدى نيوز - ستحدد الانتخابات الرئاسية في بولندا، التي تنطلق جولة الحسم فيها اليوم، ما إذا كانت البلاد قادرة على التراجع عن الإصلاح القضائي المثير للجدل، والحفاظ على مكانتها كشريك موثوق داخل الاتحاد الأوروبي بعد نحو عقد من الحكم الشعبوي اليميني المثير للانقسامات.
ينتمي الرئيس المنتهية ولايته، أندريه دودا، إلى حزب "القانون والعدالة" القومي، الذي حكم البلاد خلال ثماني سنوات، قبل وصول دونالد توسك وتحالفه المؤيد للاتحاد الأوروبي بشكل غير متوقع إلى السلطة في أواخر عام 2023. واليوم، يعلّق توسك آماله على فوز حليف وسطي بالرئاسة، لدعم أجندته السياسية التي كثيراً ما اصطدمت بمعارضة دودا.
وكان رئيس بلدية وارسو، رافال تشاسكوفسكي، مرشّح "التحالف المدني" الحاكم بقيادة دونالد توسك، فاز بفارق طفيف على منافسه كارول نافروتسكي، مرشّح حزب "القانون والعدالة" الذي يعارض بعض سياسات الاتحاد الأوروبي، خلال الجولة الأولى من الانتخابات. ويتنافس المرشحان الآن في جولة إعادة حاسمة مقررة في الأول من يونيو.
وتحظى هذه الانتخابات بمتابعة وثيقة من دول الاتحاد الأوروبي، بعد أن خضعت دول مثل المجر وسلوفاكيا للحكم الشعبوي فيما اكتسب اليمين المتطرف المزيد من الزخم مع عودة الرئيس دونالد ترمب إلى الساحة السياسية في الولايات المتحدة. وتُعدّ الانتخابات في بولندا اختباراً حاسماً لمدى صمود اليمين الشعبوي في أوروبا الوسطى والشرقية.
1) كيف تبدو الأوضاع قبل جولة الإعادة؟
تقدّم رافال تشاسكوفسكي على 12 مرشّحاً في الجولة الأولى من الانتخابات، بعدما حصد نحو 31.4% من الأصوات، وفق النتائج الرسمية الصادرة عن مفوضية الانتخابات في 19 مايو، متفوّقاً بفارق طفيف على كارول نافروتسكي الذي نال 29.5% من الأصوات. ولم يحصد أي من المرشحين نسبة 50% اللازمة للحسم، يخوضان جولة إعادة يتنافسان فيها على كسب أصوات قرابة 29 مليون ناخب لديهم حق التصويت في البلاد
يُعوّل تشاسكوفسكي، على أصوات الناخبين الذين كانوا صوّتوا لمرشحين آخرين تدعمهم أحزاب منضوية تحت الائتلاف الحاكم بزعامة توسك، إلى جانب الناخبين من تيارات الوسط واليسار، لكنه سيحتاج أيضاً إلى استمالة جانب من أنصار التيار القومي لضمان الفوز.
في المقابل، يراهن نافروتسكي على كسب ناخبي المرشحَين اليمينيَين المتشددَين سلافومير مينتزن وغريغورز براون، مع الحرص على عدم تنفير الناخبين المعتدلين. وكان المرشحان اليمينيان المتطرفان حققا نتائج مفاجئة في الجولة الأولى من الانتخابات حيث جاءا في المركزين الثالث والرابع.
أظهرت استطلاعات الرأي الصادرة خلال أسبوع جولة الإعادة احتدام السباق الانتخابي، في ظل تردد شريحة واسعة من الناخبين. فقد أشار استطلاع أجراه معهد IBRiS لصالح إذاعة "بولسكي راديو 24" في 26 مايو إلى تقدّم تشاسكوفسكي بنسبة 45.7% مقابل 44.9% لـ نافروتسكي. في المقابل، بيّن استطلاع آخر أجراه مركز " OGB" تقدّم نافروتسكي بنسبة 48% مقابل 45.5%. وفي 28 مايو، أظهرت مواقع المراهنات الرائدة في بولندا تقارب الحظوظ بين المرشحَين.
2) ما العواقب أو التأثيرات المحتملة على بولندا نتيجة هذه الانتخابات؟
منصب الرئيس في بولندا هو إلى حدٍّ كبير منصبٌ شرفي، لكن قدرة الرئيس على استخدام حق النقض (الفيتو) ضد التشريعات تجعل من الرئاسة منصباً بالغ الأهمية بالنسبة للأحزاب الحاكمة التي تسعى إلى السيطرة عليه.
من خفض الضرائب إلى تعزيز الحماية للأقليات، أُعيقت أجندة توسك السياسية الداخلية بسبب استخدام "دودا" لحق النقض (الفيتو). ولا تملك الحكومة الائتلافية الحالية الأغلبية المطلوبة في البرلمان، والتي تبلغ 60%، لتجاوز حق النقض الذي يتمتع به الرئيس.
وقد صعّب ذلك مهمة التراجع عن الإصلاحات القضائية التي أقرّتها الإدارة السابقة. ففي فترة حكمه، وسّع حزب "القانون والعدالة" نطاق سيطرته السياسية على تعيين القضاة، بمن فيهم من سيتولون المصادقة على نتائج هذه الانتخابات الرئاسية. وقد اعتُبرت هذه التغييرات انتهاكاً للمعايير الديمقراطية التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي، ما دفع بروكسل إلى تجميد مساعدات بقيمة مئات المليارات من اليورو المخصصة لبولندا.
وكان توسك تمكّن في أولى خطواته في تولي رئاسة الحكومة، من إقناع الاتحاد الأوروبي باستئناف صرف المساعدات لبولندا، بعدما تعهّد بإعادة العمل بسيادة القانون. لكنّه لم ينجح حتى الآن في تمرير معظم التشريعات الضرورية لاستعادة استقلالية القضاء، في ظلّ تهديد دودا باستخدام الفيتو، أو التصدي الصريح لمثل الجهود.
وبما أن الدستور البولندي يحدّد الرئاسة بولايتين فقط، مدة كل منهما خمس سنوات، فإن انتهاء ولاية دودا يشكّل فرصة سياسية لتوسك. ففي حال فوز رافال تشاسكوفسكي، تتراجع احتمالات استخدام الفيتو الرئاسي بشكل كبير.
أما فوز نافروتسكي، فقد يُضعف ائتلاف توسك، ويطيل أمد الجمود التشريعي، وربما يفتح الطريق أمام عودة حزب "القانون والعدالة" إلى الحكم في الانتخابات البرلمانية المقرّرة عام 2027. فالرئاسة تمثّل آخر موطئ قدم للحزب في السلطة التنفيذية، وخسارتها ستُعقّد محاولاته لاستعادة السلطة.
إلى جانب صلاحية الفيتو، يملك الرئيس البولندي حق المصادقة على تعيين السفراء، وهو ملف آخر عقّد فيه دودا عمل الحكومة. كما يتولى تمثيل بولندا في قمم حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يكتسب أهمية خاصة نظراً لقرب البلاد من الحرب الروسية الأوكرانية، كما يسمي الشخص الذي يشغل أيضاً محافظ البنك المركزي.
3) لماذا تُعدّ الانتخابات في بولندا مهمة بالنسبة لأوروبا؟
تواجه أوروبا تصاعداً في المدّ الشعبوي، فبينما بالكاد نجحت الأحزاب تيار الوسط التقليدية في تحقيق انتصارات خلال الانتخابات الأخيرة في رومانيا والبرتغال، واصل اليمين المتطرف حصد المزيد من التأييد.
كما قد يكون لنتائج الانتخابات في بولندا، تداعيات على الأمن الأوروبي الأوسع. فمنذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا قبل أكثر من ثلاث سنوات، برزت بولندا كمعبر رئيسي لتوريد الأسلحة والمساعدات الغربية إلى كييف، كما فتحت أبوابها أمام ملايين اللاجئين. لكنّ سعي دونالد ترمب إلى تسوية سريعة للنزاع- ربما من دون ضمانات أمنية كافية لأوكرانيا- يهدّد التوازن الدقيق للقوى في شرق أوروبا.
بولندا التي خضعت لهيمنة الكرملين طوال عقود في القرن الماضي، والقلقة من العدوان الروسي، تدرك أن أمنها وأمن المنطقة مرهون بالتواجد الأميركي في أوروبا. وتُعدّ بولندا أكبر دولة شيوعية سابقة ضمن الاتحاد الأوروبي، وقد استفادت إلى حدّ كبير من النظام الذي تكرّس بعد الحرب الباردة، إذ تجاوز حجم اقتصادها 800 مليار دولار، ما يجعلها أكبر اقتصاد في التكتل خارج منطقة اليورو.
يعتمد توسك في مقاربته على تعزيز الروابط مع الحلفاء الأوروبيين الرئيسيين، مع الحفاظ في الوقت نفسه على علاقات إيجابية مع ترمب من خلال صفقات لشراء الأسلحة الأميركية وتقنيات الطاقة النووية. وكانت قد جمعت دودا علاقة ودّية مع ترمب، وسيواجه خلفه تحدي المحافظة على هذه العلاقة.
وفي حال فوز الأحزاب أو القوى السياسية ذات التوجه الوسطي بالرئاسة، يُرجّح أن تسعى بولندا، التي يبلغ عدد سكانها 37 مليون نسمة، إلى أداء دور أكبر في السياسات الأوروبية. وكان توسك رافق قادة ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة في زيارة رمزية إلى كييف للتعبير عن رسالة وحدة أوروبية تجاه أوكرانيا، في خطوة عكست طموحات بولندا السياسية.
4) ما القضايا التي يركّز عليها مرشّحا الرئاسة في بولندا في حملتيهما الرئاسية؟
يطرح كل من المرشحَين رؤيتين مختلفتين تماماً لموقع بولندا على الساحة الدولية. تشاسكوفسكي، الذي خسر بفارق ضئيل أمام أندريه دودا في انتخابات 2020، يخوض حملته الحالية مرتكزاً إلى قضايا الأمن، مع تبنّي خطاب أقرب إلى اليمين حيال الهجرة وأمن الحدود.
ويؤيد تشاسكوفسكي، البالغ من العمر 53 عاماً، توسيع دور أوروبا في المجال الدفاعي، مع الإبقاء على علاقات قوية بين وارسو وواشنطن. ويستند في حملته إلى السنوات التي قضاها على رأس بلدية العاصمة التي تشهد نمواً. كما يُعرف بمواقفه المؤيّدة لحقوق مجتمع الميم، وبدعوته إلى إلغاء قانون الإجهاض الصارم المطبق في البلاد.
أما نافروتسكي، الملاكم السابق والرئيس الحالي لمعهد "الذاكرة الوطنية" الحكومي المكلّف بالتحقيق في الجرائم النازية وجرائم الحقبة الشيوعية، فلم يكن شخصية معروفة على نطاق واسع قبل السباق الرئاسي. وقد سعى إلى النأي بنفسه عن حكومة "القانون والعدالة" السابقة، عبر انتقاد بعض القيود التي فُرضت خلال جائحة كوفيد.
المرشّح البالغ من العمر 42 عاماً التقى الرئيس ترمب لفترة وجيزة في واشنطن خلال مايو، وكان الوحيد بين المرشحين الذي حظي بهذا اللقاء. ويعتبر نافروتسكي الولايات المتحدة الحليف الوحيد الموثوق لبولندا. وقد دعت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية، كريستي نويم، البولنديين إلى انتخابه، خلال أول مؤتمر لحركة "العمل السياسي المحافظ (CPAC) يُعقد في بولندا، قبل بضعة أيام من جولة الإعادة.
يبدي مرشح حزب "القانون والعدالة" موقفاً متحفظاً حيال الاندماج في الاتحاد الأوروبي، وعبّر عن مواقف تعكس تنامي المشاعر المناهضة لأوكرانيا في بعض الأوساط البولندية. كما يتبنّى نافروتسكي قيَماً كاثوليكية تقليدية يعتبرها مهدَّدة، ويعارض زواج المثليين والإجهاض، في تباين واضح مع خصمه إزاء هذه القضايا.
5) متى تُعلن نتائج جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية البولندية؟
من المتوقّع نشر نتائج استطلاع الخروج من مراكز الاقتراع، الذي يُعدّ لصالح القنوات التلفزيونية الثلاث الرئيسية في البلاد، فور انتهاء التصويت عند الساعة التاسعة مساءً بتوقيت وارسو في الأول من يونيو. وتبدأ النتائج الأولية بالظهور خلال ساعات الليل، فيما يُرتقب إعلان النتائج النهائية خلال يوم أو يومين.

معتقلان خلال اعتداءات للاحتلال والمستعمرين بالضفة والقدس

هاكابي يشن هجومًا على وسائل إعلام أميركية بسبب غزة ويتهمها بالتعاون مع حماس

محدث: استشهاد طفل برصاص الاحتلال قرب رام الله

مصطفى يبحث مع رئيس وزراء لوكسمبورغ دفع الجهود نحو نداء دولي جاد لوقف العدوان الإسرائيلي

هيئة المعابر والحدود: تعديل على ساعات عمل معبر الكرامة خلال عطلة عيد الأضحى

ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 54,470 والإصابات إلى 124,693

"بيتسيلم": ازدياد وتيرة عنف الاحتلال والمستعمرين في الضفة
