هل الألبان النباتية مفيدة لنا أو للكوكب؟
صحة

هل الألبان النباتية مفيدة لنا أو للكوكب؟

صدى نيوز - أصدرت إدارة الدواء والغذاء الأميركية مسودّة إرشادات، الأربعاء الماضي، توصي بأن تُفصح منتجات بدائل الألبان، مثل حليب اللوز والصويا والشوفان، عن احتوائها على قيمة غذائية أقل من حليب الأبقار.

يقول الأطباء أيضاً إن البدائل من الحليب النباتي ليست دوماً أفضل الخيارات الصحية، خصوصاً للأطفال. وتأتي إرشادات إدارة الدواء والغذاء في إطار طرح أسواق البقالة بدائل الألبان المصنّعة من تشكيلة متنامية من المكسرات والحبوب ونباتات أخرى، بما فيها جوز الهند والقنب والشوفان والبازلاء والكينوا والأرز.

تنمو مبيعات بدائل الألبان بشكل مطرد، مدفوعة بكل من احتياجات المستهلكين الذين لديهم حساسية من حليب الأبقار، ورغبة البعض في تقليص تأثيرها البيئي.

1) ما هي بدائل الألبان؟
بدائل الألبان هي مشروبات تُصنع بشكل عام من خلال نقع مكوِّن أساسي في الماء، عادةً بعد تحميصه، ثم سلقه أو طهيه بالبخار في بعض الأحيان. في عملية تُسمى الطحن الرطب، يُضاف الماء ويُطحن المكوِّن ثم يُصفّى. وقد تُضاف إليه مواد مثل المثبّتات والمُثخنات والمُحلّيات والمعادن، ويمكن تعريض السائل للحرارة بغرض تعقيمه.

أخيراً، يُعالج السائل بحيث يصبح متجانساً لكي يقارب حليب الأبقار من حيث الشكل والإحساس بقوامه في الفم.

بناءً على نظام التصنيف المستخدَم على نطاق واسع، المعروف باسم "نوفا" (NOVA)، الذي طوّره باحثون بجامعة ساو باولو، تُصنَّف بدائل الألبان في الفئة "3" للأطعمة المصنّعة، أو الفئة "4" لقائمة بدائل الألبان فائقة المعالجة، فيما ينتمي حليب الأبقار للفئة "1" – وهي فئة الأطعمة غير المعالجة أو التي تعرضت لأقل قدر من المعالجة.

يمنع الاتحاد الأوروبي مصنّعي بدائل الألبان من استخدام كلمة "حليب" لتسويق منتجاتهم، وهي إحدى الممارسات الشائعة في الولايات المتحدة. دفعت صناعة الألبان في الولايات المتحدة لتطبيق "معايير الهوية" الخاصة بإدارة الغذاء والدواء، التي تُعرِّف الحليب بأنه منتج بقري.

لكن المحاكم الأميركية قضت بأن تصنيف بدائل الألبان على أنها حليب ليس خاطئاً، لأنها لا تُباع على أساس أنها حليب حقيقي. وقال القضاة إن المستهلكين على علم بأن حليب اللوز، على سبيل المثال، ليس حليباً بالفعل.

2) ما حجم مبيعات بدائل الألبان؟
قد تصل قيمة سوق الألبان النباتية على المستوى العالمي إلى قرابة 20 مليار دولار هذا العام، وفقاً لتوقعات الشركة الاستشارية "فيوتشر ماركت إنسايتس" (Future Market Insights).

بلغ معدل نمو المبيعات في السنوات الـ5 الماضية نحو 8%، وفقاً للشركة، التي تتوقع معدل نمو يقترب من 10% للسنوات الـ10 المقبلة.

رغم زيادة حجم المنتجات النباتية في الولايات المتحدة، انكمش حجم الحليب البقري، إذ ازدادت حصة بدائل الألبان من المبيعات هناك من 5.9% في 2017 إلى 9.4% في 2022، حسب بيانات من شركة أبحاث السوق "آي آر آي" (IRI). من حيث الإيرادات، ارتفعت الأرقام من 9% من إجمالي 16 مليار دولار، إلى 13% من مبلغ 18 مليار دولار.

3) ما هو عدد الأشخاص الذين يعانون من حساسية اللاكتوز؟
في دراسة نُشرت بمجلة "ذا لانست" (The Lancet) الطبية عام 2017، قدّر الباحثون أن قرابة ثلثي سكان العالم غير قادرين على هضم اللاكتوز بشكل جزئي أو كلي، وهو نوع من السكر موجود في الحليب والمنتجات المصنوعة منه. ويرجع ذلك عادةً إلى وجود مستويات غير كافية من اللاكتيز، وهو إنزيم تنتجه الأمعاء الدقيقة.

قد يؤدي شرب الحليب إلى حدوث تشنجات أو الشعور بالغثيان أو الإسهال أو الغازات أو الانتفاخ لمن يعانون من هذه الحالة. تشيع حساسية اللاكتوز بشكل خاص في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، وبشكل أقل في دول غرب أوروبا والولايات المتحدة.

لا تحتوي الألبان النباتية على سكر اللاكتوز، رغم أن تلك المصنوعة من المكسرات والصويا لا تناسب من يعانون من حساسية تجاه تلك الأطعمة. طرح مصنّعو الألبان أنواعاً خالية من اللاكتوز ومنخفضة اللاكتوز من ضمن منتجاتهم.

مثّلت هذه الأنواع 7% من مبيعات الألبان من حيث الحجم في الولايات المتحدة خلال 2022. رغم ذلك، كانت مبيعات أنواع بدائل الألبان نحو 1.6 ضعف الأنواع الخالية من اللاكتوز ومنخفضة اللاكتوز.

4) كيف تؤثر المخاوف البيئية على توجه المستهلكين؟
في السنوات الأخيرة، قال العديد من المستهلكين إنهم يحاولون أن يكون لهم تأثير إيجابي على البيئة، من خلال مشترياتهم، كما أن مزارع الألبان الحديثة لها تأثير سلبي نسبياً على الكوكب.

المشكلة الأساسية هي أن الأبقار تطلق غاز الميثان، وهو من غازات الاحتباس الحراري، من خلال التجشؤ في الأغلب، وذلك كجزء من عملية الهضم. تشير تقديرات إلى أن الأبقار الحلائب تمثل نحو 3% من إجمالي الانبعاثات المرتبطة بالنشاط البشري. إلى جانب ذلك، يمكن للروث المتحلل في مزارع الألبان تلويث مصادر المياه.

كما يمثل الاهتمام بحسن رعاية الحيوانات، بما فيها الأبقار الحلائب، دافعاً لبعض المستهلكين أيضاً بالاتجاه لبدائل الألبان. وجّه البعض انتقادات لمنتجي حليب اللوز والأرز بسبب كمية المياه المطلوبة لزراعة المكونات الأساسية لمنتجاتهم.

رغم ذلك، فإن إنتاج الحليب البقري يتطلب كميات أكبر بكثير من المياه، وفقاً لبحث أجراه برنامج "تحليلات استدامة الغذاء" بجامعة أوكسفورد.

5) ما مدى مقاربة الألبان البديلة للحليب البقري؟
يختلف ذلك حسب المنتج والعلامة التجارية. يقول بعض المراجعين إن الأصناف المصنّعة من اللوز والشوفان هي الأقرب للحليب البقري.

يمكن لبعض المكونات الأساسية إنتاج طعم غير مستساغ قليلاً، لكن ذلك يصبح أقل أهمية عند إضافة الحليب البديل للحبوب أو الشاي أو القهوة، مثلما هو الحال في نحو 50% من حالات استهلاك البالغين للحليب في الولايات المتحدة.

6) ما هي أوجه المقارنة بين الحليب البقري وبدائل الألبان من حيث القيمة الغذائية؟
يختلف ذلك أيضاً، لكن بدائل الألبان تحتوي على عناصر غذائية أقل بشكل عام. بما أنَّ عدد سعراتها الحرارية في العادة أقل، قد يجعل ذلك بدائل الألبان جذابة لمن يهتمون بالحفاظ على وزنهم.

ثبت أن أنواع الحليب المصنوعة من الصويا تحتوي على مستويات من البروتين مشابهة لتلك الموجودة في الحليب البقري، لكن هذه المستويات أقل بكثير في حليب اللوز والشوفان والأرز. يحتوي الحليب البقري أيضاً على تشكيلة كبيرة من المعادن والفيتامينات لا توجد دوماً في الأنواع البديلة التي تسعى لمحاكاته.

لذلك السبب، تشجع الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الأسر على تجنب الألبان النباتية غالباً -باستثناء تلك الأنواع المعزَّزة المصنوعة من الصويا- إلا إذا كان ذلك لضرورة طبية. نتج عن تغذية الأطفال الرضّع بحليب نباتي حالات من النقص الحاد في التغذية.