الأسرى والمحكمة الجنائية الدولية
مقالات

الأسرى والمحكمة الجنائية الدولية

يتربع عبق الأسرى اليوم في كل مجلس، عاد ملف الأسرى بفعل أيديهم إلى أعلى سُلم الأولويات. سأبدأ مقالي هذا بالتذكير بالقوانين الدولية التي تحدد نظام أسرى الحرب التي تحددت في ثلاث اتفاقيات كما يلي:

-نظام لاهاي الملحق بالاتفاقية الرابعة لعام 1907م الفصل الثاني (المادة 4 – 20).
-اتفاقية جنيف لعام 1929م المتعلقة بتحسين حالة اسرى الحرب.
-اتفاقية جنيف لعام 1949م المتعلقة بمعاملة اسرى الحرب.
وفي المادة (20) من لائحة الحرب البرية نص صريح يدعو الى اعادة اسرى الحرب الى اوطانهم بمجرد عقد معاهدة صلح بين الطرفين المتنازعين, وهذا يذكرنا بالاتفاق الفلسطيني – الاسرائيلي في واشنطن في 13 ايلول / سبتمبر عام 1993 واتفاقية القاهرة الموقعة في 4 ايار / مايو عام 1994 التي تلزم الجانب الاسرائيلي باطلاق سراح جميع الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وجب التنويه وتذكير المجتمع الدولي بأن الحقوق الأساسية والعامة للأسرى الفلسطينيين أوجبتها قوانين وأعراف الحرب وضمنت تنفيذها ومحدداتها قواعد القانون الدولي، موضوع حقوق الأسرى ليس بحاجة لمفاوضات، إطلاق سراح الأسرى من قبل اتفاقية اوسلو هو التزام على اسرائيل انطلاقاً من روح ونص الاتفاق الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، ما تقوم به اسرائيل من تعنت ومماطلة هو خرق للاتفاق ومخالفة صريحة لاتفاقيات جنيڤ.

واجب علينا جميعاً على المستوى الفردي، الجماعي، الشعبي والرسمي أن نعلي أصواتنا مطالبين بحقوق هؤلاء اللذين يقبعون خلف القضبان في سبيل حرية وكرامة ١٣ مليون فلسطيني. علينا واجب تذكير العالم ان ما يعانيه أسرانا حالياً هو عقاب جماعي يرتقي لجريمة حرب وهذا يندرج تحت اشكال الممارسات العنصرية الاسرائيلية ضد الانسانية.

تواصل قوات الاحتلال الاسرائيلي ممارسة الاعتقال التعسفي والعشوائي لآلاف الفلسطينيين واخضاعهم للتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية وذلك خلافاً لاحكام المواد 83 – 96 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م. وفي وقتنا الحالي لا يزال حوالي ستة آلاف اسير فلسطيني يقبعون خلف القضبان في ثلاثة وعشرين سجناً ومعتقلاً ومركزاً للتوقيف الاسرائيلي.

لقد اعتقلت قوات الاحتلال منذ العام 1967 ما يزيد عن مليون اسير فلسطيني، وما زال غالبية المعتقلين الفلسطينيين يتعرضون لاساليب التعذيب المحرمة دولياً. واليوم ترد معلومات تؤكد تعرض معظم الأسرى لاشكال مختلفة من التعذيب من قبل اجهزة الامن الاسرائيلية، ويشكل ذلك انتهاكاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة، والاتفاقية الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من اشكال المعاملة القاسية واللاانسانية للعام 1984م.

وتمارس اسرائيل التعذيب الجسدي والنفسي والضرب المبرح والعزل والحرمان من أبسط الحقوق كالكنتينة، وتركيب أجهزة التشويش المسرطنة والإهمال الطبي وحرمان الأسرى وخاصة غزة من زيارات ذويهم، مجمل الظروف الإعتقالية التي تواجهها الحركة الأسيرة تندرج تحت ممارسات لا إنسانية، إضافة للاقتحامات المتكررة التي تنفذها وحدات عسكرية من جيش الاحتلال مدججة بالأسلحة التي تعرض حياة الأسرى للخطر، وتصيب العشرات بجروح.

تنتهج اسرائيل التعذيب كوسيلة رسمية تحظى بالدعم السياسي والتغطية القانونية التي وضعتها المحكمة العليا للاجهزة الامنية الاسرائيلية في العام 1996 بعد ان منحت جهاز الشاباك الحق في استخدام التعذيب واساليب الضغط الجسدي والمعنوي ضد المعتقلين.

ما زالت منظمة التحرير تخوض معركة دولية وخاصة مع امريكا باسم الأسرى والشهداء بعد أن واجهت انتقادات وضغوطات شتى لدعمها وخاصة المادي الذي تقدمه كرواتب للأسرى وعائلاتهم اعتقاداً من المجتمع الدولي أن رواتب الأسرى هي بمثابة تغذية وتحريض لثقافة العنف، واستطاعت الولايات المتحدة وإسرائيل ان تقنعان العالم بضرورة الضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير من خلال تبرير اقتطاع اسرائيل للمبلغ الذي تقدمه المنظمة للأسرى وعائلاتهم من عوائد ضرائب الفلسطينيين التي تجبيها اسرائيل باسم فلسطين. وجب التنويه أن المصروفات المالية المخصصة للأسرى تشمل راتب الاسير ويتم صرف بدل كنتينة وبدل ملابس وهذا حق وواجب تجاههم تلتزم به الجهات الرسمية وترفض الخضوع للضغوطات الاسرائيلية أو الأمريكية.

لابد من دعم الأسرى في إضراباتهم المفتوحة عن الطعام وهذا الأسبوع إن استمرت الممارسات العنصرية والعقاب الجماعي، سيبدأ الأسرى إضراباً جماعياً مفتوحاً للاحتجاج على ممارسات الاحتلال ضدهم. لا تنتظروا يوم السابع عشر من نيسان/أبريل، يوم الأسير الفلسطيني، لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقوقهم بالحرية، ولتكريمهم وللوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم وعائلاتهم.

علينا جميعاً بداية بقيادة منظمة التحرير ووفاءً للأسرى وذويهم تعزير هذا الملف والضغط باتجاه المحكمة الجنائية الدولية ومتابعة احالة الملفات المتعلقة بالجرائم التي يرتكبها الضباط الاسرائيليون ضد الأسرى الفلسطينيين في إطار الجرائم ضد الإنسانية، منذ خروج بن سودا واستلام خان كمدعي عام جديد لم نسمع أي جديد من الجهات الرسمية المسؤولة، لا بد من متابعة الاحالات في المحكمة وتعزيز هذا الملف الهام.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.