اقتحامات الأقصى و”تطويع” العقل العربي والفلسطيني !!
مقالات

اقتحامات الأقصى و”تطويع” العقل العربي والفلسطيني !!

دأبت الجماعات التلمودية والتوراتية على تنفيذ اقتحاماتها بحق الأقصى تحت حماية جيش وشرطة الاحتلال، والاقتحامات الكبرى التي تجري من قبل تلك الجماعات التي تزيد عن 80 جمعية ومنظمة صهيونية متطرفة، في مقدمتها حاخامات من أجل الهيكل وطلاب من أجل الهيكل ونساء من أجل الهيكل، وذراع تلك المنظمات التنفيذي ما يسمى بـ” حركة السيادة في اسرائيل”. تلك الاقتحامات يجري تنفيذها بشكلها الواسع ،التحشيد ،التجييش ،التأطير ،التنظيم والدعوات لها في اربع مناسبات كبرى، هي ذكرى ما يسمى بـ” خراب الهيكل” وذكرى ” توحيد القدس” و” يوم الفصح” والأعياد اليهودية الممتدة من رأس السنة العبرية مروراً بـ” يوم الغفران وانتهاءً بعيد العرش اليهودي.
وحسب الفكر التلمودي التوراتي فيوم خراب الهيكل، يوم صوم وحداد على هدم الهيكل الأول ،”هيكل سليمان” على يد الملك البابلي نبوخذ نصر في عام 586 ق.م ،او ما يعرف بالسبي البابلي الأول المزعوم، حيث جرى سبي أكثر من عشرة ألآف يهودي.
هذه الإقتحامات التي نفذت بحق الأقصى في ذكرى ما يسمى بخراب الهيكل أمس الاول، امتازت عن سابقتها من حيث عدد المقتحمين الذي تجاوز 1540 مقتحماً، بمشاركة المتطرف غليك واعضاء كنيست آخرين، وليس فقط القضية أعداد المقتحمين، بل التطور الأخطر قيام هؤلاء المستوطنين المقتحمين، طبعاً تحت حماية وحراسة جيش الاحتلال وشرطته، التي أفرغت الأقصى من المرابطين/ ات، لتأمين الاقتحامات لهؤلاء المستوطنين، بطقوس تلمودية وبأنه لأول مرة يجري إنشاد نشيد دولة الاختلال “هتكفا” في ساحات الأقصى، وقيام العديد منهم باداء الطقوس والصلوات التلمودية في ساحته، وأبعد من ذلك انبطاح عدد منهم على وجوههم، وأداء ما يسمى بـ” السجود الملحمي” وهذا يعني في الفكر التلمودي التوراتي أعظم أشكال الطقوس التلمودية التوراتية … وكذلك فإن هذه الاقتحامات دعمت من قبل المستويين السياسي والأمني الإسرائيليين ،حيث دعا بينت رئيس وزراء الاحتلال الى المزيد من الاقتحامات للأقصى وتأمين الحماية لها، وكان يجري مشاورات امنية متواصلة حول تداعيات الاقتحامات مع وزير امنه الداخلي عومير بارليف ووزير شرطته كوبي شبتاي.
وواضح بأن بينت يخشى من سقوط حكومته على يد نتنياهو والتحالف الذي يقوده، خاصة أن تلك الحكومة سقطت في الإختبار الأول، حيث لم تنجح في تمرير قانون ما يسمى بـ” المواطنة” – بند لم الشمل – وتصويت العضو السابع في حزبه ” عميحاي شيكلي” ضد القانون وضد إرادة حزبه، وهذا يعني بأن هذا العضو في قرارات أو مشاريع أو قوانين لاحقه تطرح للتصويت على الكنيست ، قد يصوت ضدها ويسقط الحكومة .. وهذا الاقتحام الواسع والمدعوم مباشرة من بينت، جاء ليقول ليس فقط للمهرولين للتطبيع من دول النظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن مع دولة الاحتلال، بل وللسلطة في رام الله التي لا تنفك عن التغني بالمفاوضات ولا شيء غير المفاوضات بأن بينت لن يقدم لهم أي هدايا لقاء تطبيعهم وعجزهم، بل هو سيعمل على تثبيت وقائع جديدة في الأقصى تغير من وضعه التاريخي والقانوني والديني، وسيعمل على تقسيمه المكاني تمهيداً لتوفر ظروف مؤاتية وتنفيذ مخطط هدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم مكانه. ولا شك بان بينت يريد كسب تأييد الجماعات التلمودية والتوراتية والمستوطنين لصالح حكومته غير المستقرة ،والتي ما زالت أيله للسقوط، وهي متكئة لضمان وجودها واستمرارها لأول مرة في تاريخ دولة الاحتلال على قائمة عربية ،القائمة العربية الموحدة – الحركة الإسلامية الجنوبية، وبالمناسبة تبدو صهيونية أكثر من حركات وأحزاب صهيونية أحرى.
المهم ان بينت في خطوته هذه يدفع نحو تطورات تصعيدية خطيرة في القدس،وربما يهدف للوصول بها الى حرب دينية، لكي يستجلب تدخلاً دولياً يثبت له ولمجتمعه الصهيوني حقوقاً في الأقصى .. وكذلك في قياسه على ردات الفعل العربية والفلسطينية،والتي بدت باهتة ومثيرة للسخرية،والتي تعكس حالة ” الانبطاح” والذل والهوان التي تعيشها قيادات النظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن، بما في ذلك قيادة السلطة في رام الله، فالردود جاءت على شكل بيانات شجب واستنكار خجولة وعلى استحياء، ناهيك عن تصريحات عكست أن هذه السلطة الفلسطينية، تعيش اوهام التسوية والمفاوضات ،وهي منفصلة وغائبة عن الواقع، فوزير الشؤون المدنية في السلطة ،أتى بإكتشاف جداً ” خطير” بأن هذا الاقتحام أتى بقرار من المستوى السياسي الإسرائيلي لفرض وقائع جديدة، في حين رئيس الوزراء في تلك السلطة قال” بأن ما جرى تصعيد خطير يستدعي تدخلاً دولياً”،وكذلك كانت ” كمشة” من بيانات الشجب والإستنكار العربية والإسلامية التي لا تساوي الحبر الذي تكتب به.
علينا أن ندرك بأن هناك تحولات كبرى تجري في بنية ووظيفة ودور ومهام النظام الرسمي العربي،والذي وصل الأمر بعدد من دوله،ليس فقط لتبادل العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإحتلال،بل وإقامة تنسيق وتعاون وتحالفات ذات بعد استراتيجي أمنية وسياسية مع الإمارات ” العربية” والمغرب نموذجاً.
هذه الأنظمة جاهزة لكي تتعاطى مع فكرة ” تقسيم المسجد الأقصى، فمن يطرح ما يسمى بالديانة ” الإبراهيمية” ويهنىء دولة الإحتلال في ذكرى نكبة شعبنا في ذكراها ال 73 على أنه عيد إستقلال دولة الإحتلال،ويذهب سفيرها في تل أبيب محمد آل خاجه لنيل بركات الحاخام الصهيوني الأكبر،فليس بالغريب عليه القبول والموافقة على تقسيم الأقصى ،وكذلك بقية دول النظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن،والتي تتسابق للإرتماء في أحضان دولة الإحتلال ،وفلسطينياً نشهد قيام كتلة أو قائمة عربية في الكنيست بدعم بينت لرئاسة الحكومة الصهيونية الذي حكومته أكثر يمينية وتطرف من حكومة نتنياهو،وبالمناسبة ما تغير ما بين حكومة نتنياهو وبينت،هي الوجوه والتكتلات،وليس السياسات والإستراتيجيات.
هذه القائمة التي صوت عدد من أعضائها لصالح تمديد قانون منع منح لم الشمل للمواطنين/ات الفلسطينيين/ات من الضفة الغربية وقطاع غزة،وما يسمى بالدول المعادية سوريا،لبنان،العراق وايران،المتزوجين/ات من فلسطينين/ات من الداخل الفلسطيني- 48 – والقدس،يؤكد بأن أعضاء هذه الحركة جاهزين لتقبل فكرة تقسيم الأقصى، ولايغرنكم الأسم، حركة إسلامية جنوبية، فالبعض استغل الدين أيضاً في تسريب العديد من العقارات والأراضي المقدسية، وموقف القبول بالتقسيم للأقصى،ربما يكون مقبولاً على اعضاء الكنيست العرب في ” ميرتس” و”العمل” الذين صوتوا لصالح قانون تمديد منع لم الشمل للعائلات الفلسطينية.
نعم حتى في الإقتحامات للأقصى هناك اهداف سياسية وحرب على الوعي من أجل ” كيه” و”صهره” و” تطويعه” و”جرفه” ،ولذلك لا بد من أوسع عملية تحصين لأبناء شعبنا وأمتنا لمنع اختراق وتطويع وعيهم،لصالح المشاريع المستهدفة القبول بمخططات ومشاريع تقسيم الأقصى.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.