دور التأمين التكافلي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 ورفع نسب الشمول المالي في فلسطين  
مقالات

دور التأمين التكافلي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 ورفع نسب الشمول المالي في فلسطين  

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتزايدة التي تواجه فلسطين، تبرز أهمية البحث عن أدوات مالية واقتصادية قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار المجتمعي. ومن بين هذه الأدوات، يحتل التأمين التكافلي موقعاً مميزاً لما يوفره من آلية تضامن مالي تستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية وتراعي العدالة التي وضعتها الأمم المتحدة (SDGs). ومع تسارع الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر يمكن للتأمين التكافلي أن يسهم بشكل مباشر وغير مباشر في دعم هذه الأهداف لا سيما في السياق الفلسطيني.

أولاً: التأمين التكافلي والشمول المالي في فلسطين 

الشمول المالي يقصد به إيصال الخدمات المالية إلى جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الفئات المهمشة وذات الدخل المحدود. وفي فلسطين تعاني نسبة كبيرة من السكان من نقص في الوصول إلى خدمات التأمين التقليدية بسبب الفجوة الاقتصادية وانعدام الثقة أحياناً في المؤسسات المالية واعتبارات دينية تجعل البعض يحجم عن التعامل مع المنتجات المالية غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

هنا يأتي دور التأمين التكافلي ليملأ هذه الفجوة كونه نظاماً قائماً على التعاون والتعاضد ويخلو من الربا والغرر فإنه يحظى بقبول أوسع لدى المواطنين خاصة في المناطق الريفية والفقيرة، كما أن هيكلية التأمين التكافلي التي تقوم على توزيع الفوائض لصالح المشتركين تعزز ثقة المواطنين بالمؤسسة التأمينية وتزيد من الإقبال على الاشتراك.

لقد أسهم التأمين التكافلي بالفعل في رفع نسب الشمول المالي في فلسطين من خلال:
1.    تصميم منتجات تأمينية ميسرة تستهدف الشرائح محدودة الدخل مثل التأمين متناهي الصغر.
2.    إطلاق حملات توعية مجتمعية لتعريف الجمهور بأهمية التأمين التكافلي ودوره في حماية الأفراد والأسر.
3.    التعاون مع البنوك الإسلامية والمؤسسات التمويلية لتوفير حزم مالية متكاملة تشمل التأمين التكافلي كجزء من التمويل المسؤول.
4.    استهداف فئات جديدة، كالحرفيين والنساء والعمال غير الرسميين ممن لم يكونوا مشمولين سابقاً بأي نوع من الحماية التأمينية.

ثانياً: التأمين التكافلي وأهداف التنمية المستدامة (SDGs):

يُسهم التأمين التكافلي بشكل مباشر وغير مباشر في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة والتي تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويمكن تسليط الضوء على أبرز هذه الأهداف كما يلي:

الهدف الأول: القضاء على الفقر

يوفر التأمين التكافلي آلية فعالة لحماية الأفراد من الوقوع في دائرة الفقر بسبب المخاطر المالية غير المتوقعة مثل الحوادث أو الوفاة أو الكوارث الطبيعية من خلال تغطية هذه الأخطار ويحافظ النظام التكافلي على الاستقرار المالي للأسر ويحمي مدخراتهم.

الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه

تغطي برامج التأمين الصحي التكافلي تكاليف العلاج والرعاية الصحية، مما يخفف العبء المالي عن المواطنين ويشجعهم على طلب الرعاية الصحية في الوقت المناسب وبالتالي تحسين المؤشرات الصحية العامة.

الهدف الرابع: التعليم الجيد 

بعض برامج التأمين التكافلي تشمل خططاً لحماية تعليم الأبناء، مثل التأمين على حياة المعيل لضمان استمرارية التحصيل العلمي في حال الوفاة أو العجز.

الهدف الخامس: المساواة بين الجنسين 

من خلال استهداف النساء في برامج تأمين خاصة، كالتأمين على المشاريع النسوية أو الصحة الإنجابية ويعزز التأمين التكافلي تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً.

الهدف الثامن: العمل اللائق والنمو الاقتصادي

يدعم التأمين التكافلي ريادة الأعمال من خلال حماية المشاريع الصغيرة من المخاطر ويعزز الثقة في بيئة الأعمال مما يؤدي إلى خلق وظائف ونمو اقتصادي.

الهدف العاشر: الحد من أوجه عدم المساواة

يسهم التأمين التكافلي في تقليص الفجوة بين الفئات الاجتماعية المختلفة من خلال توفير خدمات مالية عادلة وشاملة.

الهدف الثالث عشر: العمل المناخي 

تتجه بعض شركات التكافل في فلسطين إلى تطوير منتجات تأمينية لمواجهة آثار التغير المناخي والكوارث الطبيعية مثل تأمين المحاصيل الزراعية أو الممتلكات مما يعزز قدرة المجتمعات على التكيف.

ثالثاً: التحديات والفرص 

رغم النجاحات التي حققها التأمين التكافلي في فلسطين إلا أنه لا يزال يواجه عدداً من التحديات، من أبرزها:
•    قلة الابتكار في تطوير منتجات جديدة متوافقة مع الشريعة.
•    الحاجة إلى مزيد من التعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لنشر مفهوم التأمين التكافلي على نطاق أوسع.
وفي المقابل تبرز فرص واعدة منها:
•    إدماج التأمين التكافلي ضمن الخطط الوطنية للشمول المالي.
•    الاستفادة من التحول الرقمي في تبسيط إجراءات الاشتراك والدفع.
•    تعزيز الشراكة مع مؤسسات التمويل الأصغر للوصول إلى أكبر عدد من المواطنين.

خاتمة:

يعتبر التأمين التكافلي ركيزة أساسية في بناء مجتمع فلسطيني مرن قادر على مواجهة الصدمات وتحقيق العدالة الاجتماعية. ومن خلال دعم أهداف التنمية المستدامة ورفع نسب الشمول المالي، يسهم هذا النظام في رسم ملامح اقتصاد إنساني أكثر توازناً يحترم القيم الدينية والاجتماعية وضمن تكافؤ الفرص.

إن الاستثمار في التأمين التكافلي ليس فقط ضرورة اقتصادية، بل هو التزام وطني وإنساني تجاه أجيال الحاضر والمستقبل.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.