الطوفان الصهيوني لن يستثني أحداً (2)
مقالات

الطوفان الصهيوني لن يستثني أحداً (2)

لا أستبعد أن يستطيب نتنياهو غزو الأردن أو ترتيب فوضى ما لخلقها فالطريق أمامه نحو بغداد وغيرها ستكون مفتوحة لأن الميليشيات الايرانية مجرد ديكور عسكري يستفرد بافراد ومدنيين لدوافع مذهبية حقيرة وليس بقوات منظمة وقد شاركت في اسقاط النظام العراقي السابق بتعاون ايراني رسمي مع واشنطن ودمرت مقدرات العراق وما زالت تحكم العراق وثبت رسميا ان سقوط نظام الأسد جاء بترتيبات مخابراتية تركية اميركية غربية اسرائيلية، وسبق ان اشرت في تغريدة منذ ثلاثة اعوام في مطلع يونيو ان التدخل الاميركي عسكريا في سوريا هومقدمة لتسليم دمشق الى الجماعات المتطرفة بزعامة جماعة الإخوان ومنها خرج النظام الحالي وهذا ماحدث.

تبقى العقبة الكأداء هي مصر التي يتعامل معها ترامب بحذر وخبث وربما يخطط لها فخا او افخاخا مع نتنياهو وغيره، فهي ليست كدولة المرشد محمد بديع عندما قال ابان عدوان اسرائيلي على غزة عن احتمال تهجير غزة الى مصر فعلق وماله نقيم لهم مخيمات في سيناء فكل الدول العربية فيها مخيمات للفلسطينيين، واضاف الرئيس الراحل محمد مرسي وهو حسن النية وساذج ساسيا وماله هم كم مليون في غزة !فقيل له مليونان فقال أقل من حي شبرا وممكن نقيم لهم مخيمات ونبعث لهم وجبات ساخنة ايضا.

فالفكر الاخواني يتركز على التمسك بالحكم مهما كان، وحركة حماس تتقاسم مع نتنياهو هذا الفكر اي البقاء في الحكم منذ سيطرتها على غزة سنة 2007 فكل الحروب التي نشبت مذاك كانت بهدف تثبيت حماس كعنوان بديل لمنظمة التحرير فنسجت تحالفات مؤقتة من عاصمة عربية الى اخرى ومن انقرة الى طهران لأهداف حزبية وليست وطنية واستخدمها الجميع لأهدافهم ايضا، وتوسلت الحوار مع واشنطن ومع اسرائيل مرارا وحتى الآن لكي تبقى في غزة لكنها لم تفطن الى حوار وطني شامل بجدية مطلقا.

فالحرب الحالية واستمرارها هي نتاج فكر متشابه بين جشع نتنياهو في البقاء في الحكم هربا من قضايا الفساد والسجن وبين جشع حماس في البقاء في حكم غزة لأن فقدانها السيطرة يعرض عناصرها للانتقام الشعبي لتراكم المظلوميات الفردية والجماعية ضدهم منذ الانقلاب.

ولوحظ ان نتنياهو بارتكابه جرائم حرب لا سابق لها في التاريخ عمل على جر المجتمع الاسرائيلي نحو الشراكة في ارتكاب الجرائم نفسها بحيث لا يكون هناك مجال للتصالح مستقبلا حيث جاهر اغلب الاسرائيليين علنا انهم لن يطيقوا البقاء الى جانب شعب غزة مستقبلا لأنهم يدركون انه ما من طفل في غزة سيغفر لهم لهذا وجدنا تركيز آلة الحرب الاحتلالية على فناء جيل من الطفولة لأنه مرشح للإنتقام منهم حيث فشلت النظرية الصهيونية القديمة بعد النكبة والتي استندت الى ان الجيل الفلسطيني القديم سيموت والجيل الجديد سينسى، فكان التركيز في الحرب الحالية على المخيمات أولا ومحوها كما في غزة والضفة لأن المخيم هو الذاكرة الفلسطينية.

فالمخطط ابعد من غزة بل الضفة في لبه والمنطقة العربية ككل فمنذ البداية احتشد الغرب بكل مكوناته في حملة صليبية حقيقية وما زال وهو يعلم أنه بصدد حرب لإبادة غزة والضفة ومن ثم بقية الاقطار.

ونشهد بأم اعيننا جرائم الحرب اليومية لخنق الفلسطيني في ارضه وسلب أرضه ومنابع المياه بحيث باتت الضفة مستباحة استيطانيا بوجود عشرات الآلاف من المستوطين المسلحين وبحماية جيش الاحتلال المواكب لهم. ونشهد كما ذكرت سابقا كيف ان النظام العربي ككل يشارك في المخطط مثلما انحاز بعض ملوك الطوائف في الاندلس للقتال مع ملك اسبانيا ومثلما انحاز البعض من امراء المدن الى جانب الفرنجة في الحروب الصليبية ونشهد حاليا التخاذل المادي بشأن غزة والضفة ايضا حيث اشتد الخنق الاقتصادي على الفلسطينيين من قبل النظام العربي دون أن يمد أية مساعدة مادية بأمر من ترامب الأول.

تبقى هناك العقبة في وجه المخطط هي مصر آخر القلاع في المنطقة فهي من صدت تاريخيا هجمات الغزاة من الفرنجة والمغول.

فواشنطن تريد استرضاء ايران باتفاق نووي مقلص يتيح لها استباحة المنطقة وابادة القضية الفلسطينية وإذابة مصر وايجاد تلاق بين الحليفين اللدودين ايران واسرائيل لتقاسم النفوذ في المنطقة اما تركيا فهي في القبضة الاميركية سلفا واخذت حصتها في شمال سوريا.

من هنا فإن مصروجيشها تبقى الحصن الأخير فإن سقطت لا سمح الله ستكون الإبادة لكل الاقليم مثلما قال صدام في أواخر حربه مع ايران ان العراق هو البوابة الشرقية فان سقطت سقط العالم العربي وما مصر الا البوابة الغربية الآن إن سقطت فسيحل الذل من المحيط الى الخليج والطوفان الصهيوني لن يفلت منه احد.

فالتريليونات التي أزهقت من أجل ترامب حتى لو كانت اغلبها اعلامية لإرضاء المهووس الاقحب كان جزء منها كفيل بتحصين الأمة الى الأبد. اقول قولي هذا ولا استغفر الله لأحد فالواحد الأحد ادرى وأعلم. ونعم بالله.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.