
من وحي الذاكرة.. عقد من التلمذة في القدس: وصفة أمير القدس السحرية في العمل
تجيء هذه الكلمات في ذكرى رحيل أمير القدس، شهيد الوطن والواجب نحو القدس ، ابن القائد الوطني عبدالقادر الحسيني، الذي أرسى جذور مدرسة العمل والكفاح الوطني القائم على التعاضد وجمع كل الطاقات والقدرات لتحقيق الهدف المنشود.
انه الأخ أبو العبد فيصل الحسيني ، الذي أنار طريق بناء المؤسسات الأهلية والشعبية لصهر كافة الرؤى والطاقات في بوتقة وخندق العمل الوحدوي المترك وضرورة اشراك الكل في العمل الوطني المثمركل وفق سعته.
مع أواخر تموز 1979،التحقت بالعمل في جمعية الدراسات العربية بالقدس، بعد أن تعرفت على القائد الفذّ المرحوم فيصل الحسيني في لقاء جمعنا بمدينة نابلس برفقة المناضل اسحق البديري أبو أحمد.، الاداري المتواضع الألمع . كان اللقاء في مطبعة العمال التي كان يديرها النقابي المرحوم محمود الشربيني وبحضور ثلة من الشخصيات الوطنية ( عادل غانم، أبو السيد، نعيم جاموس وأنا))
بدأت العمل معهما في عمارة العارف / المصرارة وكنا فقط 4 موظفين : الشاعرعصام العباسي - حيفا ( مسؤول الترجمة من العبرية) أ.سهام أبو صوي(السكرتيرة الادارية)، الشاعر عصام العباسي أبو جعفر( متابعة الصحف والاعلام العبري) المرحوم زياد الحسيني أبو طارق و أ.احسان عطية وأنا ( البحث والترجمة والتوثيق.(
كان مكان العمل بمثابة فسيفساء الفكر الثوري التحرري،اذ الحيز مفتوح لكل من يريد أن يعمل بجد واخلاص، دون اقصاء أو تهميش
تعلمنا الكثير الكثير من نهج الأخ أبو العبد، ولأن الحديث يطول ويصعب ايجاز عقد من العمل والتلمذة على ايادي المرحوم الأخ أبو العبد وأطال بعمر الأخ أبو أحمد، أعمد الى اختصار الوصفة الخاصة بهما لنيل محبة وتقدير ووفاء القدس والشعب لهما،اذ جعلا من الوفاء للوطن وللقدس بالتحديد مواثيق وأفعال وليس مجرد أقوال وشعارات كما هو واقع الحال اليوم.
كان ايمانهما وبكل حواسهم أن الله قادر على تغيير الحال الى الأفضل ، اذا عملنا معا يدا واحدة للوطن ومن أجل الوطن فقط، وليس فرادى وبرؤية الفئوية الضيقة.
مما كان يؤمن به المرحوم:
كل انسان يمكن الاستفادة مما لديه من مكونات ايجابية، تماما مثلما نستفيد من رحيق الورد ( الرائحة الطيبة، الشهد والعطور) يمكننا الاستفادة من السم والبكتيريا في صناعة الأدوية، وبالتالي لا مكان في فكره لنهج الاقصاء واستبعاد الاّخرين والحكم السلبي المسبق على الاّخرين أو تبني نهج التعميم
الريادية والأصالة في التفكير والعمل دون الاكتفاء بالنسخ والترجمة. هنا أذكر حين قامت حركة غوش أمونيم الاستيطانية وحركة كهانا العنصرية ببدء تنفيذ برامجها، حصلنا على نسخة من وثائقهم بعنوان " settlements taking its roots . اقترحنا ترجمته الى العربية ، فكان رده بالايجاب شريطة وضع تصور لرؤى وخطوات عملية لمواجهة هذه الخطط ( وهنا جاءت الخطوات العملية في التصدي لانشاء مستوطنة ايلون موريه أ، من خلال التواجد اليومي في الأرض وبمشاركة شعبيةوقيادات مجتمعية وشخصيات دينية مسيحية واسلامية، الى أن تم وقف الاستيطان على تلك الأرض في حينه .
كان يؤمن بأهمية توعية الشعب عامة وليس فقط النخبة، بدليل أنه كان لا يرفض فكرة اعداد – اجراء أي بحث، على أن يخضع للتقييم بعد استكمال العمل ثم النشر صدر لي دراسة توثيقية بعنوان " ممارسات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني "،عام 1983 وكذلك دراسة عن " أوامر الاقامة الجبرية ضد الشخصيات الفلسطينية"عام 1985 .اضافة الى المشاركة مع د.برنارد سابيلا في اصدار دورية فصليّة تتناول عرض للدراسات والكتب العالمية حول القضية الفلسطينية.
كما عمل على استقطاب العديد من الباحثين المرموقين للقيام بدراسات نوعية حول بعض القضايا الفلسطينية الملحة. أذكر منهم هنا على سبيل المثال لا الحصر د.محمد شديد، د.قسطندي شوملي ، مسعود اغبارية، كاميليا بدر، د.شكري عراف ، د.مناويل حساسيان.....، ناهيك عن أدراكه لأهمية التوثيق فقام بادخال أول جهاز مايكروفيش الى الجمعية.
الايمان العميق والعملي بضرورة العمل الوحدوي بمشاركة الجميع الفلسطيني. أذكر حين تحدثت معه في مكتبه البسيط والذي كان دوما مفتوحا للكل –عمارة العارف / المصرارة، حول النيّة لعمل مهرجان الأدب الفلسطيني الأول عام 1980 في قاعة مدرسة المطران/ شارع نابلس القدس، تتويجا لجهود لجنة الكتاب في مجلة البيادر الثقافي الت تشكلت عام 1977، كان حرصه الأول على مشاركة الكل الفلسطيني، ثم تلا ذلك المهرجان الثاني الى أن تمكنا من تشكيل دائرة الكتاب في الملتقى الفكري العربي عام 1983
تلا ذلك البدء بتشكيل الاتحاد العام للكتاب الفلسطينين حيث عقدنا اللقاء التحضيري الأول في 19/5/1985 في قاعة نادي الموظفين بالقدس وبحضور قرابة 27 كاتب وكاتبة من من مختلف الطيف الفكري الفلسطيني.
انسجاما مع حثه الدؤوب لتشكيل المزيد من النقابات والمؤسسات والأطر الشعبية’ كانت هناك أيضا بدايات تشكيل رابطة المسرحيين( بعد ايجاد دائرة المسرح في الملتقى الفكري العربي بالقدس ) والفنانين التشكيلينن والفنانيين التعبيريين واتحاد المعلمين الفلسطينين ، هذا الاتحاد الذي اتخذ من مجمع النقابات المهنية مركز لانطلاقته بمسمى اتحاد العاملين في قطاعات التعليم ( جامعات،معاهد، مدارس ورياض أطفال)، ثم تمخّض عنها فكرة تأسيس اتحاد المعلمين الفلسطينيين عام 1991 وبمشاركة جميع الأطياف الفلسطينية، الى أن انفرد طيف واحد عام 1993 باعلان تشكيل الاتحاد في اجتماع عقده هذا الطيف في مسرح الحكواتي وذلك بعد تعثر المفاوضات والحوار الوطني في الاجماع على رؤية وتركيبة موحدّة للاتحاد.
بكل أسف، كان لحرب الخليج الأولى 1991، سبقها غزو جنوب لبنان( حيث انتقل مقر الجمعية الى الأوينت هاوس، بعد ان اتسعت رقعة الاهتمامات وتعدد مجالات العمل وبالتالي الزيادة الملحوظة في عدد الموظفين/ الموظفات غالبيتهم من دفعة الأسرى المحررين عام 1985، حتى صدور قرار باغلاقها ، وما تبع ذلك من انحسارات في تأمين الاحتياجات المالية لدعم البناء المؤسساتي والعمل الجماهيري
كل هذا لم يثني فارس وأميرالقدس من مواصلة امتطاء جواد العمل للنهوض بواقع الشعب الفلسطيني وانجاز الهدف الوطني المنشود والمتمثل في بناء الدولة المستقلة ذات السيادة الوطنية الفعلية، الى أن رحل جسد أمير القدس وبقي أثره وارثه متعدد الأشكال والمسميات الى يومنا هذا ، وسيخلده التاريخ كقائد وطني عريق الأصل فريد النهج وبالتالي جزيل الانجازات، ولا يسعنا، في الختام، الا أن نتذكر قول الشاعر " سيذكرني قومي اذا جدّ جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
نعم، الفقدان صعب ويزداد صعوبة كلما بقيت ، بل وزادت موجبات/ مسببات تذكّر الفقدان هذا ( The reminders of this Unforgettable , great loss )

هل من رؤية وطنية جامعة لوقف الإبادة؟

لماذا تغيب مصر عن مفاوضات الدوحة حول غزة؟

لماذا تغيب مصر عن مفاوضات الدوحة حول غزة؟

حكومة ريغافيم ودولة الورق

لماذا تتعثر مفاوضات الهدنة؟

غزة ما بين المفاوضات والحرب الممتدة

نحو اقتصاد فلسطيني مقاوم وشامل: عدالة جندرية في قلب التحول الاقتصادي
