في أربعين محمد الحوراني.. “أبو ركان… قامة لا تُطوى وصفحة لا تُغلق”
مقالات

في أربعين محمد الحوراني.. “أبو ركان… قامة لا تُطوى وصفحة لا تُغلق”

حين يرحل العظماء لا تُطوى فقط صفحات من أعمارهم بل تُفتح دفاتر من الذاكرة والكرامة والمواقف التي تأبى أن تُنسى.

محمد الحوراني “أبو ركان” لم يكن مجرد اسم في دفتر الزمان بل كان سطراً مكتوباً بحبر الصدق وفعلاً نابضاً بالإخلاص ورجلاً يسير على درب الكبار بلا تردّد ولا التفاف.

ولد وفي قلبه قبس من نور القادة وكبر على صلابة الجبل ونقاء النبع فكان لا يُهادن في الحق ولا يساوم على المبادئ.

رفع راية فلسطين في قلبه وحمل وجعها في ملامحه. وكما قال فيه الناس: “رجل لا ينحني إلا لله ولا يصمت إلا حين يتكلم الفعل عنه”.

ما انحنى للعواصف وما غيّرت الرياح وجهته ، ظل كما هو واضحاً  كالشمس صادقاً  كالنبض وفياً كالأرض ، لم يقف يوماً على حافة الرمادي بل مشى طريقه بثبات وهو يدرك أن الثبات في زمن التلوّن ثورة وأن الصدق في زمن التزييف مقاومة.

أحبّه شعبه لأنه خدمهم ولم يخدم نفسه فيهم ، لم يدخل السياسة متسلقاً بل دخلها مقاتلًا بالسلاح وبالكلمة وبالموقف وبالقرار ، خاض المعارك وهو يحمل في قلبه فلسطين كلها لا منطقة ولا فصيل ، انتخبه شعبه في محافظة الخليل — محافظة الأحرار محافظة باجس أبو عطوان — لا لأنه ابنها  بل لأنه ابن فلسطين ولأنه اجتمع فيه ما تفرّق في غيره من صفات القائد الحقيقي: الشجاعة، التواضع، الوضوح، والالتزام.

في بيته كان أباً يفيض حناناً وفي عمله كان قائداً يفيض التزاماً وفي حركته فتح كان جندياً مخلصاً وفي شعبه كان أخًاً وأباً وابناً في آنٍ واحد ، كان إذا ابتسم شعر من حوله بالأمان وإذا غضب أدركوا أن هناك ظلماً يجب أن يزول.

رحل “أبو ركان” جسداً لكن بقي في العيون دمع لا يجف وفي الصدور حنين لا يُطفأ وفي الذاكرة وهج لا يخفت.

جنازته لم تكن وداعاً بل كانت بيعة جديدة لعهد الرجال وكان حزن الناس عليه صلاةً بصوت الوطن تقول: “هكذا يرحل الكبار… لكن لا يُنسَون.”

ولأن الرجال لا يُقاسون بأعمارهم بل بأثرهم فإن أبا ركان سيظل حيّاً فينا في كل مَن يؤمن أن المبدأ لا يُساوَم عليه وأن فلسطين تستحق رجالاً مثل محمد الحوراني.

نم قرير العين يا أبا ركان

فقد زرعت الصدق ورفعت راية الكرامة وغادرت كما يليق بالعظماء… واقفاً ومُستقرّاً في القلوب.


 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.