صدى نيوز - كتب رئيس التحرير: لا نقاش أوسع وأعمق من النقاش الدائر حالياً حول حرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية، وهي الركائز الأساسية لأي نظام ديموقراطي، وذلك بعد الهزات التي تعرض لها النظام السياسي الفلسطيني عبر تأجيل الانتخابات الذي يبدو أنه بطعم الإلغاء، ومقتل الناشط نزار بنات، وقمع التظاهرات التي خرجت للمطالبة بالتحقيق الجدي ورفضاً لوفاته.

جاءت انتخابات نقابة المهندسين كنور كسر عتمة النفق الذي يسير فيه الفلسطينيون، فكانت حدثا استثنائياً في ظل مؤسسات ونقابات كثيرة شاخت واهترأت، وجددت هذه الانتخابات الأمل والدماء في إحدى أهم النقابات الفلسطينية.

مثلت هذه الانتخابات مجسماً وتجربة مصغرة للعملية الديموقراطية الكبرى (الانتخابات التشريعية والرئاسية)، ما أدى لإحداث نقاش مجتمعي واسع، ودعوة لأن تتكرر هذه العملية في جميع النقابات ومنها نقابة الصحافيين، بل وفي مؤسسات السلطة الفلسطينية بالأساس.

عاقب المهندسون وهم شريحة مثقفة من شرائح المجتمع حركة فتح على أخطائها خصوصاً بعد تأجيل الانتخابات التشريعية، فصوتوا لتحالف اليسار وحماس.

حملت فتح وزر السلطة التنفيذية، فدفعت من شعبيتها ثمناً لهذه الأخطاء والتي كان آخرها القمع غير المبرر للمسيرات التي خرجت للمطالبة بالتحقيق في قضية نزار بنات، والتي كان من بين من قُمِعوا فيها نقيب المهندسين الجديد ناديا حبش، حيث مثل الاعتداء عليها دعاية مجانية لها، وخلقاً لتعاطف كبير أدى في النهاية إلى فوزها.

المهندسون هم مرآة لجزء كبير من الشعب الغاضب على سيل التعيينات بالواسطة والترقيات لأصحاب النفوذ، ضعف مؤسساتنا وسفاراتنا، المحسوبية وغياب الشفافية! وفتح ستظل تدفع ثمن أخطاء السلطة ما دام الفصل بينهما مستحيلاً في ظل الوضع والشكل الحالي لتركيبة السلطة الفلسطينية!

فتح التي قادت هذه العملية الديمقراطية رغم ما يحاك ضدها واستهداف وجودها و وجود منظمة التحرير، وحفاظها على العمل الديمقراطي في كثير من المواقع والمحطات، أمر يسجل لها ولصالحها، على عكس حركة حماس التي تحكم قطاع غزة وتمنع العملية الديمقراطية بشكل كامل داخل القطاع، مثل انتخابات البلديات ومجالس الطلبة و الاتحادات والنقابات.

على السلطة وحركة فتح وبشكل خاص لجنتها المركزية ان تعمل على فصل كامل وشامل بين حركة فتح والسلطة الوطنية ومنع انعكاس ممارسة السلطة السلبية على الصوت الانتخابي لحركة فتح، أو أن تأخذ فتح دورها في اتخاذ القرارات داخل السلطة، ومنع أي تجاوزات تثير الشارع وتتجاوز الديمقراطية ومنع استغلال العديد من الشخصيات للمؤسسات الوطنية والوزارات التي أصبحت لدى البعض مزارع شخصية تخدم فئات محددة وخاصة في التعينات والترقيات.

من حق السلطة ان تفخر بانجاز هذا العرس الديمقراطي لكن من غير الطبيعي استخدام بعض المستفيدين ذلك لتبرير استمرار وجودهم وادائهم السيء والمرفوض شعبيا، وتبقى فتح تنزف بسبب وجودهم واستحواذهم على مواقعهم وتخسر انتخابات النقابات والبلديات وحتى التشريعية والرئاسية إن حدثت، بحيث تسقط حركة عملاقة بسبب عدم تغيرات لعدد من الفاسدين والمرفوضين شعبيا.

على حركة فتح والتي تمثل العمود الفقري للقضية الفلسطينية والقيادة حتى الآن أن تستجيب لمطالب الجماهير بالتغيرات الضرورية لثلة المنتفعين وكذلك تنفيذ قرارات المجلس الثوري لحركة فتح.

قائمة فتح في انتخابات نقابة المهندسين درس وعبرة لفتح أولاً وللسلطة ثانيا، درس نأمل أن يكون قد استفيد منه، و"السعيد من وُعظ بغيره، والشقي من وُعظ بنفسه".