عندما أصدر الرئيس محمود عباس في العام 2007 مرسوماً بقرار يقضي بإلغاء قانون الانتخابات السابق الصادر في العام 2005، باعتماد القرار الجديد مبدأ التمثيل النسبي الكامل لانتخابات المجلس التشريعي باعتبار فلسطين دائرة انتخابية واحدة، فقد كان الأمر يؤدي إلى عدة أهداف من بينها إمكانية عقد الانتخابات في العاصمة الفلسطينيّة القدس المحتلة ترشيحاً وانتخاباً من دون الحاجة إلى موافقة إسرائيلية، وذلك على ضوء قراءة موضوعية تشير إلى أنّ دولة الاحتلال ستمتنع عن السماح بإجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة، بالنظر إلى موقفها الذي يعتبر أن الوضع الراهن المتأزم في الساحة الفلسطينية يشكل مصلحة عليا للأمن القومي الإسرائيلي وأن إجراء انتخابات فلسطينية من شأنه المضي في عملية تغيير تؤدي إلى إنهاء الانقسام وحل الأزمات الفلسطينية الداخلية، وبالمقارنة مع سماح إسرائيل بانتخابات العام 2006 لإجرائها في القدس المحتلة فإن ذلك كان وفقاً لمعايير محددة إضافة إلى أن جملة من المتغيرات قد طرأت ما يدفع دولة الاحتلال إلى الامتناع وبشكلٍ مطلق عن إجراء انتخابات في العاصمة الفلسطينيّة.
إن التحسب لإجراءات إسرائيلية من شأنها عدم إجراء انتخابات في القدس المحتلة، ومحاولة الالتفاف عليها من خلال عناصر عديدة أهمها اعتماد قاعدة التمثيل النسبي، يقود أيضاً إلى سببٍ آخر لهذا الموقف يتعلّق بالأزمة الداخلية لدى دولة الاحتلال والمتمثل بفشل نتنياهو بعد أربعة انتخابات برلمانية متلاحقة في تشكيل حكومة برئاسته، فهل يمكن في هذه الحالة أن يقدم نتنياهو على الموافقة على إجراء انتخابات فلسطينية في القدس المحتلة ما يسهم في تعزيز القوى المعارضة له واتهامه بالخضوع لإرادة الفلسطينيين، وعندما ردت إسرائيل على الضغوط الأوروبية قالت إن لا حكومة لديها لتقرر بشأن الانتخابات في القدس، وهي ذريعة لتمرير إرادة إسرائيلية مسبقة ومدروسة بعدم السماح مهما كان الأمر بإجراء انتخابات فلسطينية في القدس المحتلة.  
وبينما تعاملت دولة الاحتلال مع هدايا الرئيس الأميركي السابق ترامب، خاصة اعتبار القدس الموحدة عاصمة للدولة العبرية ونقل السفارة الأميركية إليها، كأحد أهم منجزات حكومة نتنياهو، فإن إجراء الانتخابات في شرق القدس المحتلة يعتبر انتقاصاً من وحدة العاصمة الإسرائيلية من جهة، وتراجعاً عن هدية ترامب، وهو ما لا يمكن معه قبول حكومة نتنياهو أو أي حكومة أخرى بالتشكيك في السيادة الإسرائيلية على القدس المحتلة.  
إن المعركة التي شنّها أهالي القدس في العاصمة الفلسطينية ضد الإجراءات الاستيطانية والعنصرية واستفزازات القوى الفاشية اليمينية في الأيام الأخيرة، تشكل سبباً إضافياً لرفض إسرائيل إجراء انتخابات في القدس المحتلة، ذلك أن السماح بهذه الانتخابات في وقت تشهد فيه العاصمة الفلسطينية بداية هبة جماهيرية وانتفاضة جديدة من شأنه أن يفسّر باعتباره خضوعاً من قِبل دولة الاحتلال للإرادة الفلسطينية، ويشكل ذلك سبباً إضافياً لاحقاً لامتناع حكومة نتنياهو عن الاستجابة للضغوط الأوربية بالسماح بانتخابات فلسطينية في القدس المحتلة.  
القصد من وراء هذا السرد الموجز، الإشارة إلى أن منع الانتخابات في القدس المحتلة من قبل إسرائيل كان أمراً متوقعاً بل ومؤكداً، وأن القيادة الفلسطينية قد أدركت ذلك من خلال التأكيد المسبق على إجراء الانتخابات على مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وكذلك سعيها في وقتٍ مبكر لدى الاتحاد الأوروبي وأطراف دولية عديدة من أجل الضغط على الاحتلال بإجراء انتخابات في القدس المحتلة، ذلك أن انتخابات دون القدس يعني وبالضرورة اعترافاً بالقدس الموحدة عاصمة لدولة الاحتلال وبالسيادة الإسرائيلية عليها تماهياً مع صفقة القرن بهذا الخصوص وهذا الأمر مرفوض كلياً، والآن بعد تأجيل الانتخابات فإن ذلك قد يشكل ضغطاً سياسياً على إسرائيل من قبل المنظومة الدولية بهدف إجراء الانتخابات في كل مناطق السلطة بما فيها العاصمة الفلسطينيّة ودون موانع إسرائيليّة.