صدى نيوز - تناول موقع "رصيف 22" خلال تقرير مطول له، تاريخ الصراعات التي عاشتها الأسرة الهاشمية، والتي تم التمكن من احتوائها وتسويتها داخل الأبواب المغلقة للعائلة، على غرار ما يجري في قضية الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك الأردني عبد الله الثاني، المتهم بمحاولة انقلاب على شقيقه، سببت حالة من الاستنفار في البلاد خلال الأيام الأخيرة الماضية.

وسرد الموقع كما تابعت صدى نيوز محطات تاريخية من الصراعات ضمن نطاق الأسرة الهاشمية كانت منها ما جرى بين أبناء الشريف حسين، والتي وقعت. بين أولاد الشريف حسين بن علي، الجد الأكبر للملك عبد الله الثاني.

والتي نتج عنها الاتفاق بأن يصبح الشريف حسين ملكاً على العرب ليحكم من مكة، وأن يكون نجله الأكبر، الأمير علي، ولياً للعهد. وأن يصبح الأمير عبد الله ملكاً على العراق، وأن يكون الأمير فيصل ملكاً على سورية.

ليتحقق بعدها هذا الاتفاق بتولي الشريف حسين عرش الحجاز، ومبايعة ابنه فيصل ملكاً على سوريا في 1920. ولكن هذا المشروع فشل في العراق بسبب ثورة مسلحة ضد الانكليز، عرفت بثورة العشرين.

ليقبل بعدها الأمير عبد الله بمنصب وزير خارجية في مملكة أبيه، وهو أقل من طموحه بكثير.

واصطدم بعدها مشروع العائلة بطموحات فرنسا، التي بعثت قواتها للساحل السوري تمهيدا لاحتلال البلاد بحسب اتفاقية سايكس. بيكو التي تم توقيعها بين بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى، وتحصل مواجهة عسكرية بين الملك فيصل وفرنسا في تموز 1920. أدت إلى إسقاط عرشة وفرض الانتداب الفرنسي بالقوة على سوريا.

ليثور بعدها الأمير عبد الله ويقوم بتشكيل جيش من أجل تحرير دمشق واستعادة العرش، بهدف كان لديه بأن يكون هو الملك. على سوريا بدل شقيقه، مما أدى لنشوب خلاف بين فيصل وعبد الله بسبب سعيهم الحصول على نفس العرش وفي ذات المدينة.

وكان هذا الخلاف بين عبد الله وفيصل أبناء الشريف حسين هي أولى وأشهر الخلافات التي وقعت. بين أولاد الشريف حسين بن علي على الحكم والعرش.

الحكومة البريطانية
اتصلت الحكومة البريطانية بالأمير عبد الله وطلبت منه المكوث في مدينة عمّان، وأن يؤسس حكماً في ربوعها لنفسه وأولاده من بعده. وأن ينسى عرش سورية. قَبِل عبد الله العرض، ولكن على مضض، وظلّ يحلم بعرش أكبر، إما في سورية أو في العراق.

وبالتزامن مع ترتيب عبد لله لشؤون مملكته في عمان، كان شقيقه فيصل يتجول بين الدول للمطالبة بالعودة إلى العرش في سوريا.

وفي 9 كانون الأول 1920 عرض البريطانيون على فيصل فكرة تولّيه عرش العراق ولكنه رفض الفكرة بداية، خوفاً من غضب. عبد الله، قائلاً للإنكليز إن شقيقه الأكبر أحق بعرش بغداد.

في كانون الثاني 1921، أبرق فيصل بن الحسين لأبيه ثلاث مرات خلال الفترة ليطالبه بأن يتوسط عند عبد الله شقيقه لقبول. عرش الأردن والتخلي عن عرش العراق وسوريا، كما وأصرّ فيصل على أنه لن يقبل بعرش العراق إلّا في حال تنازل عبد الله عنه.

الأسرة الهاشمية: عبد الله وطلال
وبعد أن استقر عبد الله بالأردن، وتحويله إماراته إلى مملكة عام 1946، عيّن نجله طلال ولياً للعهد، وبعدها قيلت الأقاويل حول طلال. بأنه يعاني من مشاكل صحية عقلية.

ولكن آراء ثانية كانت تقول بأن عبد الله هو من حجم ابنه وسبب تراجع صحته، لأنه كان جباراً ومتسلطاً ومتطلباً للغاية.

هذا كان سببه اختلاف البيئات التي نشأ فيها كل من الملك المؤسس وولده، حيث لم يكن لطلال أي سابق تجربة بالحياة والمسؤوليات.

وربي ونشأ في أوساط جعلت من شخصيته ليست محط اهتمام أبيه الذي ذاق الصحراء وصقلت شخصيته على الالتزام والجدية.

لم يُعجب عبد الله ما رآه في شخصية ابنه وولي عهده، فقرر تربيته من جديد لكي يصلح لحكم الأردن.

أراد طلال الدراسة في جامعة بيروت الأميركية مثلاً، مع نخبة مثقفي الوطن العربي، ولكن عبد الله أرسله بالغضب. إلى كلية ساندهيرست العسكرية، جنوب غرب لبنان، ليصنع منه ضابطاً مقاتلاً ومحارباً شرساً.

ولكن طلال لم يتقبل حياة المدرسة الحربية، ولا خشونة طلابها ومزحهم السمج. ترك الكليّة وعاد إلى عمّان.

وكان يريد الزواج من فتاة بسيطة كان يحبها، ولكن والده المتسلّط تدخل مجدداً وأصرّ على زواجه من الشريفة زين بنت جميل بن ناصر. أحد حلفائه في الثورة العربية الكبرى.

وصل حدّ الخلاف بين الأب والابن إلى خروج طلال من قصر العائلة، واستئجاره شقة بسيطة في مدينة عمّان، هرباً من الملك.

وقد تدخل عدة أشخاص لطيّ الخلاف سريعاً، قبل أن يخرج إلى الصحف العربية. وما كان من طلال إلا أنه رضخ للأمر الواقع. وعاد للعيش تحت جناح أبيه، محاولاً المستحيل لكسب رضاه، دون نجاح.

الملك طلال وابنه حسين
عند مقتل الملك عبد الله في القدس، اعتلى طلال عرش المملكة الأردنية في 20 تموز 1951، ولكنه أُجبر على التنحّي لصالح نجله. الأمير حسين (والد الملك عبد الله الثاني)، في 11 آب 1952.

في مذكّراته المنشورة في مصر سنة 1962، يقول الملك طلال إن مؤامرة حيكت ضده لإجباره على التنحّي، وقفت خلفها زوجته. الشريفة زين لكي تضمن العرش لابنها.

وقد غادر طلال القصر دون أي مقاومة، وفضّل العيش في فيلا صغيرة في إسطنبول، بدلاً من قصور أسرته في عمّان.

ولكنه لم يُدل بتصريح واحد ضد العهد الجديد، ورفض أن ينتقد الملك حسين في مجلسه، وحافظ على ولائه للملك حتى وفاته عام 1972.

الأسرة الهاشمية و ثورة الأميرة عزة
وكانت من الاستثناءات لقاعدة الحل الهاشمي للمشكلات التي تنشب داخل نطاق الأسرة، ما قامت به الأميرة عزة، كبرى بنات. الملك فيصل الأول.

حيث هربت الأميرة من قصر عائلتها في بغداد، لتكون برفقة حبيبها اليوناني، في فضيحة تاريخية للأسرة الهاشمية.

وكان حبيب الأميرة يعمل نادلاً في مطعم على جزيرة رودس، وعقب وصول عزة إليه تزوجها وأقنعها بدخول الأرثوذكسية المسيحية.

وتغير اسمها إلى “أنستاسيا” تيمّناً ببنت قيصر روسيا نقولا الثاني، التي كانت الإشاعات في أوروبا تقول إنها ما زالت على قيد الحياة. ولم تقتل مع أفراد أسرتها سنة 1917.

وافقت الأميرة عزة وبعثت لأهلها رسالة قالت لهم فيها بأنها ثارت عليهم وعلى دينهم.

وتبرأ منها كافة أفراد الأسرة ومنعوها من العودة إلى بغداد.

وانفصلت بعدها الأميرة عزة عن زوجها بعد أن أخذ منها كل أموالها ومصاغها.

وظلت فقيرة في أوروبا حتى صفح عنها عمها الملك عبد الله الأول، وأعادها لتعيش في القدس ثم في عمان، حتى توفيت عام 1960.

ملك الأردن: أطمئنكم أن الفتنة وئدت
هذا وأصدر ملك الأردن عبدالله الثاني، أمس الأربعاء، أول تعليق رسمي له بشأن أزمة أخيه الأمير حمزة ومحاولة الانقلاب الفاشلة. التي اتهم فيها وأعلن عن إحباطها قبل يومين.

تعليق الملك عبدالله جاء في بيان أصدره الديوان الملكي الهاشمي، في صيغة رسالة من الملك عبدالله الثاني إلى شعبه حول التطورات الأخيرة.

وقال ملك الأردن في رسالته:”أتحدث إليكم اليوم، وأنتم الأهل والعشيرة، وموضع الثقة المطلقة، ومنبع العزيمة، لأطمئنكم أن الفتنة وئدت. وأن أردننا الأبي آمن مستقر.”

وتابع :”وسيبقى، بإذن الله عز وجل، آمنا مستقرا، محصنا بعزيمة الأردنيين، منيعا بتماسكهم، وبتفاني جيشنا. العربي الباسل وأجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن الوطن.

وأضاف ملك الأردن في رسالته للشعب:”اعتاد وطننا على مواجهة التحديات، واعتدنا على الانتصار على التحديات، وقهرنا على مدى. تاريخنا كل الاستهدافات التي حاولت النيل من الوطن، وخرجنا منها أشد قوة وأكثر وحدة، فللثبات على المواقف ثمن.”

لكن ووفق الملك عبدالله “لا ثمن يحيدنا عن الطريق السوي الذي رسمه الآباء والأجداد بتضحيات جلل، من أجل رفعة شعبنا. وأمتنا، ومن أجل فلسطين والقدس ومقدساتها.”

 أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه
واستطرد ملك الأردن في بيانه:”لم يكن تحدي الأيام الماضية هو الأصعب أو الأخطر على استقرار وطننا، لكنه كان لي الأكثر إيلاما. ذلك أن أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه.”

مضيفا:”ولا شيء يقترب مما شعرت به من صدمة وألم وغضب، كأخ وكولي أمر العائلة الهاشمية، وكقائد لهذا الشعب العزيز.”

وأكمل:”لكنّ لا فرق بين مسؤوليتي إزاء أسرتي الصغيرة وأسرتي الكبيرة، فقد نذرني الحسين، طيب الله ثراه، يوم ولدت لخدمتكم. ونذرت نفسي لكم، وأكرس حياتي لنكمل معا مسيرة البناء والإنجاز في وطن العز والسؤدد والمحبة والتآخي.”

وأوضح الملك الأردني أن “مسؤوليتي الأولى هي خدمة الأردن وحماية أهله ودستوره وقوانينه. ولا شيء ولا أحد يتقدم على أمن الأردن. واستقراره، وكان لا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأدية هذه الأمانة.”

الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس
وعن تعامله مع ملف محاولة الانقلاب قال عبداله الثاني:”وكان إرثنا الهاشمي وقيمنا الأردنية الإطار الذي اخترت أن أتعامل به مع الموضوع، مستلهما قوله عز وجل “وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ”.

وفيما يخص أخيه الأمير حمزة بن الحسين، قال:”قررت التعامل مع موضوع الأمير حمزة في إطار الأسرة الهاشمية، وأوكلت هذا المسار. إلى عمي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال.”

وأشار الملك إلى أن أخيه الأمير حمزة، التزم أمام الأسرة أن يسير على نهج الآباء والأجداد، وأن يكون مخلصا لرسالتهم، وأن يضع. مصلحة الأردن ودستوره وقوانينه فوق أي اعتبارات أخرى.

وتابع:”وحمزة اليوم مع عائلته في قصره برعايتي.”

وفيما يتعلق بالجوانب الأخرى لفت ملك الأردن:”فهي قيد التحقيق، وفقا للقانون، إلى حين استكماله، ليتم التعامل مع نتائجه، في سياق. مؤسسات دولتنا الراسخة، وبما يضمن العدل والشفافية.”

مشيرا إلى أن الخطوات القادمة، ستكون محكومة بالمعيار “الذي يحكم كل قرارتنا: مصلحة الوطن ومصلحة شعبنا الوفي.”

وقال عبدالله الثاني:”يواجه وطننا تحديات اقتصادية صعبة فاقمتها جائحة كورونا، وندرك ثقل الصعوبات التي يواجهها مواطنونا.”

واستطرد:”ونواجه هذه التحديات وغيرها، كما فعلنا دائما، متّحدين، يدا واحدة في الأسرة الأردنية الكبيرة والأسرة الهاشمية، لننهض. بوطننا، وندخل مئوية دولتنا الثانية، متماسكين، متراصين، نبني المستقبل الذي يستحقه وطننا.”

واختتم الملك الأردني رسالته للشعب قائلا:”وسيبقى الأردن، بهمة النشامى وعزيمتهم وإخلاصهم، شامخا، كبيرا بقيمه وبإرادته وبمبادئه. نبراسنا الحزم في الدفاع عن الوطن، والوحدة في مواجهة الشدائد، والعدل والرحمة والتراحم في كل ما نفعل. حفظ الله أردننا الأبيّ وحماكم، ويسّر لنا جميعا الخير والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”