صدى نيوز - من نعومة أظافرهم وهم مكبلون بسلاسل حديدية تعيق حركتهم، فقط يمكنهم من خلالها التنقل داخل المنزل، خوفا عليهم من الشارع وما قد يسببه لهم من أذى نفسي، بسبب النظرات السيئة التي يلقاها الصغار في الشارع.

خوف الأب الشديد على أبنائه دفعه إلى محاولة تقييد حركتهم خوفا من التسبب في أذى الآخرين أو أنفسهم، ما جعله يغلق بابه عليهم طوال 27 عاما الماضية منذ أن ولد له ابنه الأكبر «خالد» والذي يعاني منذ صغره من تأخر ذهني، أفقده القدرة على السيطرة على تصرفاته.

محمود رجب، 56 عاما من محافظة الدقهلية المصرية، هو ذلك الأب الذي كتب عليه القدر أن تلد له زوجته ثلاثة ذكور يعانون جميعهم من تأخر ذهني، ما جعله في حيرة من أمره، لأنه لا يملك الأموال الكافية التي يمكن من خلالها مساعدة أبنائه: «أنا شغال نقاش والرزق محدود، كان ربنا رازقني قبل كده وبقدر أجيب لهم أدوية المخ والكهرباء والأعصاب، وبعمل لهم جلسات، وطول الفترة دي كنت حابسهم في البيت من خوفي عليهم، لحد من سنتين فاتو، الدنيا قفلت معايا، ومبقاش معايا فلوس أجيب لهم العلاج، فحصل لهم انتكاسة، وحالتهم بقيت صعبة، فاضطريت إني أربطهم بسلاسل من خوفي عليهم».

صدمة تلو الأخرى 
لم تكن تلك هي الصدمة الوحيدة في حياة الأب وذلك لإصابة أحد أبنائه بمرض السرطان: «سامح مريض سرطان ودلوقتي في مرحلة المتابعة، وعمر عنده مشكلة خاصة وده لحد دلوقتي مربوط بسلسلة، لأنه بيحب ينط من الشباك وإحنا ساكنين في السابع، ونزل أكتر من مرة من الشباك على السطح وبيهرب في الشارع، وبفضل أدور عليه بالأيام».

يشير الأب المكلوم إلى الحالة الصعبة التي تعيشها الأسرة نظرا لظروف أبنائه الثلاثة وعدم قدرته على متابعة العلاج نظرا لتكاليفه المرتفعة: «مش عارف أعمل إيه، ومحتاج اهتمام من الدولة بيهم، بدل ما يروحوا مني، من خوفي عليهم، حابسهم من وقت ما اتولدوا ومنهم خالد ده لسه لحد دلوقتي رابطه بسلسلة علشان ميخرجش ويروح مني».

ظروف صعبة يعيشها الأب 
منذ عدة أعوام سقط الأب من الطابق الرابع، نتج عنه تهتك كامل بالكوع الأيمن وتم تركيب مفصل صناعي وشرائح ومسامير، ومن وقتها لا يخرج من البيت، بسبب ظروف أبنائه وعنفهم الشديد، «لازم أكون جنبهم»، بحسب قوله.

الانتكاسة التي تعرض لها الأبناء جعلت الأب يحاول جاهدا توفير نفقات العلاج من خلال الاقتراض من بعض المقربين: «مديون لطوب الأرض، ومش عارف اتصرف ازاي، والعيال صعبانين عليا وهما مربوطين كده، لأني خايف عليهم يمشوا في الشارع، خصوصا بعد ما سمعت عن موضوع تجارة الأعضاء، خايف حد يعمل فيهم حاجة، ومحتاج اهتمام بحالتهم»