رام الله- خاص لـ صدى نيوز: أثارت التعديلات التي طرأت على قانون الانتخابات موجة من التساؤلات والرفض في بعض الأحيان لما تم تعديله من مواد في القانون، حيث اعتبر جزء منها بمثابة حرمان فئات كبيرة من الشعب من المشاركة في الحياة السياسية.

وتتصدر المادة الثامنة المعدلة من القانون حالياً الجدل الدائر في أروقة السياسيين ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن المادة المذكورة من القانون المعدل اشترطت على الموظفين أن يتم قبول استقالاتهم من وظائفهم قبل الترشح للانتخابات، بعد القانون القديم الذي كان يشترط تقديم الاستقالة فقط.

لكن، كيف يمكن لهذا التعديل أن يحرم فئات أكثر من الشعب من ممارسة حقها في المشاركة السياسية؟ وما هي طبيعة هذه التعديلات؟ وكيف سيتم التعامل مع موظفي حماس الذين يريدون الترشح للانتخابات في ظل قانون الانتخابات المعدل؟ وما رأي المحللين وخبراء القانون في هذا الأمر؟

لجنة الانتخابات: لا نعلّق على القوانين
وقال المتحدث باسم اللجنة المركزية للانتخابات فريد طعم الله لـ صدى نيوز إن اللجنة لا تعلق على القوانين ومن بينها قانون الانتخابات، فهي جهة تنفيذية للقانون، وليست جهة تبدي رأيها بالقانون وتعديلاته.

الكاتب جهاد حرب: التعديل سيشكل تحدياً لإجراء الانتخابات
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب في حديث خاص مع صدى نيوز إن تقييد حق الترشح لفئات متعددة من المواطنين بإرفاق طلب الترشح بكتاب قبول لطلب الاستقالة يمثل تحدياً أمام إجراء الانتخابات.

وأضاف: جرى تعديل النص في هذه الفقرة الأولى من المادة 8 للقرار بقانون رقم 1 لسنة 2007، وهو ذاته في القانون رقم 9 لسنة 2005 بشأن الانتخابات "لا يجوز لفئات الموظفين التالية ترشيح أنفسهم لمنصب الرئيس أو عضوية المجلس إلا إذا قدموا استقالاتهم من وظائفهم قبل الموعد المحدد للإعلان عن قوائم الترشيح النهائية، وتعتبر استقالاتهم مقبولة وسارية المفعول اعتباراً من ذلك التاريخ" فيما يتطلب التعديل الأخير وفقا لأحكام المادة 6 من القرار بقانون رقم 1 لسنة 2021 تقديم موافقة الجهات على الاستقالة: "لا يجوز للفئات التالي ذكرها ترشيح أنفسهم لمنصب الرئيس أو لعضوية المجلس، إلا إذا قدموا استقالاتهم من مناصبهم، وارفاق ما يفيد قبولها بطلب الترشح".

وتابع أن هذا التعديل يقيد حق الترشح لفئات متعددة من الموظفين، خاصة في الجهاز الحكومي الفلسطيني، بمنح سلطة لجهات قبول الاستقالة سواء الحكومة أو الرئاسة بالتحكم بحق الموظفين العامين بشكل خاص وقدرتهم على الترشح، ناهيك عن إمكانية اتخاذ هذه الجهات قرارات المصادقة على "قبول" الاستقالة بعد فوات الآجال القانونية لإعلان قوائم الترشيح النهائية؛ الأمر الذي قد يحرم الذين يرغبون بالترشح من هذه الفئات من جهة ويهدد في الوقت ذاته بحرمانهم من الوظيفة العامة.  

 واقترح حرب أن يتم العودة للنص الأصلي بأن تكون استقالتهم حكما من تاريخ إعلان قوائم الترشيح النهائية ما يتيح مجال للموظفين العامين المعينين والمنتخبين وكذلك موظفي منظمات المجتمع المدني للعودة إلى أعمالهم في حال تراجعهم عن الترشح في الانتخابات العامة، أو إلغاء هذا الشرط بما ينسجم مع النظام الانتخابي النسبي ووضع قيد عليهم بأن يتم حصول المرشح على إجازة غير مدفوعة الأجر من موعد الإعلان عن قوائم الترشيح النهائية إلى إعلان النتائج النهائية للانتخابات.

الدويك: التعديل غير مبرر وسنخاطب الفصائل في القاهرة
وقال د. عمار دويك مدير عام الهيئة الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" في حديث خاص لـ صدى نيوز إن الهيئة ترى في هذا التعديل إشكاليتين، فالتوسع في اشتراط الاستقالة من الوظيفة من شأنه أن يعيق المشاركة في الانتخابات لفئات كبيرة من الشعب، دون مبرر.

وأضاف: نتفهم أن يكون هناك اشتراط لبعض الفئات بالاستقالة كالوزراء والقضاة وغيرهم من المناصب العليا، لكن اشتراط الاستقالة على الموظفين العاديين غير مبرر وغير مفهوم.

وتابع أن التعديل الجديد على قانون الانتخابات وخصوصاً المادة الثامنة منه تضع الموظفين تحت رحمة السلطة التقديرية للمسؤولين عنهم، كما تضع حق المشاركة في الحياة السياسية في يد جهات إدارية.

وأشار إلى أن الهيئة بصدد إرسال رسالة للفصائل التي ستجتمع في القاهرة تتضمن التعديلات المقترحة على القانون، ومن ضمنها تعديل المادة الثامنة.

ماذا لو ترشح موظفو حماس في قطاع غزة؟
صدى نيوز طرحت سؤالاً "دقيقاً" على مجموعة من المحللين والمحامين، وهو ماذا لو ترشح الموظفون الذين وظفتهم حركة حماس في قطاع غزة؟ من سيثبت مثلاً أنهم موظفون؟ فالحكومة الفلسطينية لا تعترف بهم موظفين لديها، ولا يتقاضون راتباً من الخزينة العامة!

المحلل السياسي جهاد حرب قال لـ صدى نيوز إن دور القدرات الاستخبارية لدى حركة فتح أو بقية الفصائل في قطاع غزة هو من سيحاول الحد من هذا الموضوع، حيث ستقوم هذه الفصائل بالاعتراض على ترشح هؤلاء الموظفين.

لكن، إذا قبلت لجنة الانتخابات الاعتراض، فهذا معناه أن السلطة (بين قوسين) اعترفت بموظفي حماس كموظفين حكوميين، وهو ما سيدخلها في إشكال كبير يتمثل في محاججة هؤلاء الموظفين لاستيعابهم من قبل الحكومة الفلسطينية (على سبيل المثال)!

رداً على ذلك قال المحلل حرب إن هذا التعديل سيدخل حركة فتح في أشكالات كبيرة، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذا التعديل قُصد من ورائه منع الموظفين المنتمين لفتح خصوصاً في الضفة الغربية من الترشح في قوائم بعيداً عن حركتهم، بمعنى ضبط الكادر الفتحاوي بشكل أكبر.

المحامي صلاح موسى: نصوص القانون يجب أن لا تحتمل أكثر من تفسير

من جهته، قال المحامي صلاح الدين موسى إننا بحاجة لأن تكون نصوص قانون الانتخابات واضحة لا لُبس فيها، أي أن لا تحتمل أكثر من وجه في التفسير.

وتابع أن ملف الموظفين الذين عينتهم حركة حماس، والذين يريدون منهم الترشح للانتخابات سيتم نقاشه في جلسات حوار القاهرة بين الفصائل.

وأضاف المحامي موسى لـ صدى نيوز أن المُراد من النص على قبول استقالة الموظفين قبل الترشح (في جزء منه) هو لمحاولة الضغط على من يريد الترشح من المعارضة، ولضبط الكادر الفتحاوي حتى لا يترشح في قوائم منفصلة عن الحركة، مستدركاً بالقول إن ذلك لن يفيد.

ونوه إلى إن نص قانون الانتخابات خصوصاً في المادة الثامنة منه (المعدلة) لا يمنع المتقاعدين من الترشح للانتخابات، بعكس ما قد يُفهم من القراءة السريعة لنص المادة نفسها.

وأوضح أن مشكلة أخرى تبرز في ملف الانتخابات هو أنه في حال تم اللجوء للمحكمة الدستورية للطعن في ترشح أي شخص أو أي إشكال في العملية الانتخابية فإن حماس وبقية الفصائل لديها اعتراض على وجود المحكمة بالأصل فكيف سيتم اللجوء إليها في هذه الحالة؟

وأكد أن هذه الإشكاليات بحاجة إلى حل وقرارات واضحة من قبل الفصائل المجتمعة بالقاهرة.