كتب رئيس التحرير: عشرات اللقاءات التي عُقدت بين "قطبي" الانقسام، حركتا فتح وحماس. عُلقت قلوب الفلسطينيين في هذه اللقاءات التي توزعات على عواصم عدة، وفي كل مرة كان الفلسطيني يُنهي آماله بانتكاسة.

طافت قيادات فتح وحماس بين السعودية وقطر وموسكو وتركيا ومصر، ثم عبر الفيديو كونفرنس بين الرجوب والعاروري، ثم لقاء الأمناء العامين في رام الله، باحثين عن سببٍ يوحدهم، وحبلٍ يمسكون به ليخرجوا من قعر الجحيم الذي سقطوا فيه.

تكللت هذه اللقاءات التي امتدت على مدى 14 عاماً بالمراسيم التي أصدرها الرئيس محمود عباس للانتخابات التشريعية ثم الرئاسية.

ضخت تلك المراسيم جرعة كبيرة من الأمل "المركّز" في الشارع الفلسطيني، لكن وكما هو معلوم فإن رفع سقف الطموحات والآمال يعني بالمحصلة رفع سقف الخيبات والنكسات، وهذا ما يخاف منه الشارع الذي يبحث عن خلاص من أزمة الانقسام، بل من فضيحة الانقسام.

ما يخيف الشارع الفلسطيني اليوم هو لقاء حماس وفتح وبقية الفصائل في القاهرة، هذا اللقاء الذي يُراد منه (تذليل العقبات وإزالتها عن طريق الانتخابات)، فماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن المراسيم كانت متسرعة؟ وأن ما في القلب لم يخرج من القلب؟! هل لا تزال هناك عقبات؟ ألم يُحسم كل شيء في المراسيم؟

خبر لقاء القاهرة وأجندته قتلت فرحة مراسيم الانتخابات في الشارع، فاللقاء لُغم في الطريق إلى جنّة الفلسطينيين، فهل سيصل الفلسطينيون إلى الانتخابات أم أن هذا اللغم سينسف الحلم قبل اكتماله؟ أضف إلى ذلك القنبلة الموقوتة المتمثلة بمشاركة ابناء العاصمة القدس والى قنبلة استكمال الانتخابات الرئاسية والمجلس الوطني وقنبلة تشكيل القوائم وقنبلة تسليم غزة في حال فوز طرف آخر غير حماس وقنبلة تسليم الضفة في حال فوز حماس وقنبلة تعامل المجتمع الدولي في حال فوز طرف لا يُؤْمِن في اتفاقية اوسلو وحل الدولتين واستمرار حمله السلاح؟! اجتماع القاهرة أعاد الشعب لأجواء ما بعد حوار مكة والحوارات السابقة فهل من تفسير يمحي الضباب على هذا الاجتماع؟

الشارع سئم أطراف الانقسام ولم يَعُد يركز سوى على تنفيذ الانتخابات وفق مرسوم الرئيس ليحدد خياراته التي حُرم منها خمسة عشر عاماً منذ العام 2006 آخر انتخابات حيث أن جيلاً كاملاً لم يشارك بها من جيل أربع سنوات حتى جيل 17 عاماً، سئم الشعب حوار الطرشان ولا يشغله مستقبل هذا الفصيل أو ذاك ولا مصالح هذا القائد أو ذاك، بل همه أن تكون له بوصلة واحدة باتجاه القدس وان يكون سداً قوياً في مواجهة السياسات التي تنفذها إسرائيل بدعم أمريكي فاضح.

قَبِل الشعب أن يحسم صندوق الانتخابات مصيره، ولم يقبل أن يظل رهينة رغبة أشخاص أو فصائل معظمهم أصبحوا فاقدين للشرعية، وينتظر العالم منا ممثلين منتخبين لكل الشعب وقد يقطع البعض منهم اتصالاته بل حتى مساعداته في حال عاد الوضع الحالي والسابق، منتظرين منح الشارع فرصة قول كلمة الفصل، من هو نائبهم ورئيسهم ومن هو عضو المجلس الوطني الذي يمثلهم.

انتظر الشعب رسالة حماس بالموافقة على الانتخابات وانتظر مرسوم الرئيس بتحديد الموعد، فلماذا هذا الاحباط؟

أجندات حوار القاهرة مُبهمة وغير معلومة فهل يكون هناك تأجيل أم خلاف والغاء! معادلة صعبة الإدراك أسبابها ومحاورها ونتائجها، النتيجة التي يطلبها الشعب الانتخابات وتم اقرارها فلماذا نعود للحوار؟ 

تشكيل قائمة موحدة أصبح أمراً مستحيلاً وبإقرار الغالبية من القيادات، وقانون الانتخابات تم تحديده والبرنامج السياسي أصبح مهمة من سيحصلون على تفويض الشعب، فلا حاجة لأحد في حواراتكم ولم تَعُد لدى المواطن طاقة في تَحمل خلافات جديدة!

نحترم مهماتكم الوطنية واجتهاداتكم وحواراتكم ونتمنى لكم النجاح في مهمتكم الوطنية الفدائية خارج حدود الوطن لتتفقوا على نجاح الانتخابات، لكن لا تربطوا خيار الشعب بنتائج حوار القاهرة، تحاوروا حول ميثاق شرف بقبول نتائج خياراتنا، نريد أن نشعر أن صوت الشعب وقراره هو الفيصل، فمصيرنا لا يجوز ولا بأي حال من الأحوال أن يبقى لخدمة أجندات أشخاص.

إلى وفود حوار القاهرة: سيستقبلكم الشعب بالورود والأحضان إن عدتم متفقين، وسيلفظكم بألف لعنة إن استمر الانقسام.