صدى نيوز: قال المعلق في موقع "بلومبيرغ نيوز" بوبي غوش، إن قطر خرجت من الحصار الخليجي بموقف أقوى، والسؤال إن كانت الدوحة ستجيّر مكاسبها بمزيد من القوة الإقليمية.

وجاء في مقالته إن الدول العربية الخليجية رحبت يوم الثلاثاء بعودة قطر إلى "الحظيرة" بعد ثلاثة أعوام ونصف من الحصار.

وأشار الكاتب إلى مقال حسين أبيش، الزميل في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، ونشره الموقع بعد الإعلان عن المصالحة، وقال فيه إن الاتفاق لا يعني أن قطر حلّت كل مشاكلها مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وهي الدول التي فرضت عزلة عليها.

فلم يتم تسمين الحملان للولد "الضال" ولا تدبيج قصائد المديح ترحيباً بقطر، لكن هذا لا ينقض حقيقة أن قطر خرجت قوية من التجربة. فبين دول الحصار، كان حسّ بالتسليم إنه فشل في تحقيق أهدافه، وهو تركيع الدوحة أو دفعها على الأقل للالتزام بالإجماع السعودي- الإماراتي بشأن القضايا التي تتراوح من الإسلام السياسي إلى التهديد الذي تمثله إيران. وتم التأكيد على هذه القضايا في قائمة المطالب الـ13 التي قدمت لقطر في صيف 2017. وطُلب من القطريين إغلاق قناة الجزيرة التي تنتقد وبشكل مستمر حكومات الدول الجارة.

ويزعم الإماراتيون الذين كانوا المحرك وراء الحصار، أن القائمة لم تكن سوى "موقف تفاوضي في الحد الأقصى"، ولكن التنازلات التي استطاعوا استخراجها من القطريين كانت في الحد الأدنى.

وبناء على التصريحات الرسمية، فقد قررت الدوحة وببساطة تجنب إظهار الفرحة بفشل الجيران. والتزم الحاكم الفعلي للإمارات وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، والذي تلقى المديح بسبب التطبيع مع إسرائيل، التزم بالصمت من المصالحة مع قطر.

وفي الوقت نفسه، حاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الاستفادة من الموقف قدر الإمكان. واستخدم قمة دول مجلس التعاون الخليجي الـ41 كفرصة لالتقاط صور تجمع حاكميْن شابيْن، هو وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ومنح هذا محمد بن سلمان صورة عن نجاح دبلوماسي على المسرح الدولي، وهي استراحة كان يريدها من سلسلة أخطاء في السياسة الخارجية بدأت من حرب اليمن الكارثية، وتداعيات جريمة مقتل جمال خاشقجي، صحافي واشنطن بوست، والحصار نفسه. كل هذا سمح لبن سلمان بإعادة تأكيد قيادته للشؤون العربية.

ففي السنوات الأخيرة، كان الإماراتيون هم الذين يديرون الشؤون الإقليمية، واتّبعوا استراتيجية قاسية، وحاولوا توسيع تأثيرهم الاقتصادي والدبلوماسي، وتوجت بإنهاء المقاطعة العربية لإسرائيل.

وكان محمد بن سلمان في معظم الحالات يتلقى إرشادات من محمد بن زايد. ولكن عندما قرر إنهاء المقاطعة لقطر، لم يكن أمام الإماراتيين إلا اتباع الخطوة السعودية. ولكن حاكم قطر كان الشخص الذي خرج بكل المكاسب، حيث أنهى المقاطعة بناء على شروطه، واحتفظت الدوحة بمعظم سياساتها في الداخل والخارج كما فعلت قبل بداية العزلة.

ويمكن للشيخ تميم الزعم بأن بلده الصغير أصبح قوياً خلال السنوات الماضية. وعلى مستوى السياسة الخارجية أصبحت قطر أكثر قرباً من تركيا وإيران أثناء المقاطعة، حيث كان البلدان مهمين لها في مجال الإمدادات وخطوط السفر. وتم كل هذا بدون إضعاف علاقاتها مع الولايات المتحدة أو أي دولة كبرى في العالم.

واستخدمت قطر ثروتها الهائلة لتسليح قواتها وشراء سلسلة من الأسلحة الأمريكية ومن أوروبا. وطوّرت قطر أمنها الغذائي عبر تشجيع الشركات المحلية في مجال الزراعة. ويمكن لهذه الشركات الآن المنافسة في الأسواق الخليجية والمصرية أمام الشركات السعودية والإماراتية.

والسؤال فيما إن كان الشيخ تميم سيستفيد من المصالحة في دور إقليمي أكبر لبلاده، وهو الدور الذي أثار سخط الدول التي حاصرته بالمقام الأول. وبعد تقوية علاقاته مع إيران، يمكن لحاكم قطر تقديم نفسه لإدارة جوزيف بايدن المقبلة على أنه الوسيط الموثوق في أي محاولة للعودة إلى الملف النووي الذي تركه دونالد ترامب.

وكان سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد قد لعب هذا الدور قبل وفاته، وكذا أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي توفي العام الماضي.

وربما كان الشيخ تميم قادراً على لعب دور في المصالحة الأمريكية- التركية. واستبعد الكاتب إمكانية متابعة قطر بعد عودتها للحظيرة الخليجية جاراتها في النبرة المعادية لإيران وتركيا.