كتب رئيس التحرير: بات التعديل أو التغيير الحكومي حديث جزء لا بأس به من الشارع الفلسطيني، خصوصاً بعد المؤشرات التي برزت إلى السطح، وزيارة وفد فتح لتركيا للقاء قادة حماس، مع العلم أن المؤشرات بدأت تنطلق مع تغيير وجوه حركة فتح المسؤولين عن ملف المصالحة، كذلك اجتماع الأمناء العامين للفصائل.

إن التعديل أو التغيير الحكومي لم يعد ترفاً أو طموحاً، بل بات ضرورة وطنية، لإنقاذ ما يمكن انقاذه في ظل أزمات متعددة واجهت الحكومة الحالية أهمها صفقة القرن والتحلل من اتفاقية أوسلو ثم فايروس كورونا وقبل ذلك كله حصار مالي وحجز أموال المقاصة وأخيرا تطبيع بعض الدول العربية مع العدو الاسرائيلي المُحتل لفلسطين قبلة المسلمين الأولى.

لا ينكر أحدٌ أداء الحكومة الحالية الجيد في بداية استلامها لمهامها وبشكل خاص الإجراءات في مواجهة فايروس كورونا ورفع سقف الحريات التي أعدِمت في عهد الحكومة السابقة، لكن بعد اكثر من عام ونصف على هذه الحكومة ظهر عجز لوزراء في أداء مهامهم على صعيد الصحة والاقتصاد والمالية والاتصالات والخارجية والإعلام، بل وحدثت تجاوزات قانونية وإقرار قوانين بمعرفة الحكومة أو رغماً عنها جعلت المواطن ينتظر تغييراً او تعديلاً حكومياً.

أصبح الفلسطينيون بحاجة ماسة لحكومة استثنائية تُبدع في مواجهة الزلزال المستمر، ولوقف مسلسل تعينات الوزراء أو الوكلاء وكأنها ملء للفراغ بعيداً عن المهنية والخبرات، فيما الملاحظ أن الوزراء يعملون وكأنهم موظفين وليسوا ثواراً مبدعين. أيضا نحن بحاجة لملئ وزارات شاغرة منذ اكثر من عام ونصف وهي وزارات مهمة مثل الداخلية ووزارة الاوقاف.

القطاع الصحي في وضع صعب، وفيه خلل في مواجهة فايروس كورونا، بل وتخبط أحياناً، وخاصة في ملف الإغلاقات التي كانت تتم في بعض حارات المدن وحارات أخرى مفتوحة، بسبب تقسيمات المناطق (أ، ب، ج)، إضافة إلى تباين التزام المواطنين، وعوامل أخرى كثيرة، فيما لم تساهم الإغلاقات أصلاً في حصار الفايروس إلا في بداية انتشاره في فلسطين بل بالعكس أصبحت الإصابات اليوم تصل لـ1000 يوميا.

انتشار الجريمة والأسلحة غير الشرعية في كل حي وقرية ومخيم ومدينة، وسقوط ضحايا بين قتلى وجرحى برصاص طائش يُطلق في الأعراس والمناسبات، يُحتم هذا كله محاربة هذه الظاهرة بشكل مبرمج لا أن تترك لتزداد وتنتشر وتهدد مجتمعنا بمخاطر وحروب أهلية وآخرها جريمة وادي النار، هذا الملف الخطير يستدعي فهماً عميقاً للظاهرة ووضع حلول عملية قابلة للتطبيق، لكن هل يعقل أن تكون الوزارة السيادية ذات العلاقة بالموضوع (وزارة الداخلية) بلا وزير متفرغ لها منذ عام ونصف؟

إن هذا الضعف أو الخلل أو الانتكاسات (بغض النظر عن التوصيف أو المصطلح) لم يعد مستتراً داخل مكاتب الوزارات، حيث انعكس التخبط والضعف على الشارع، وهو أمر طبيعي جداً أن ينعكس بهذا الشكل، خصوصاً إذا تحدثنا عن وزارات في تماس مباشر مع المواطنين. هذا الضعف بات يلمسه المواطن بيديه وعقله، ويتحدث عنه المحللون والمختصون بكثرة، بسبب كثرة العثرات التي وقعت فيها أهم وزارات في الحكومة.

السؤال الهام، لماذا لم تقم السلطة بإحضار كل من ظهر بعرس او فرح او جنازة يطلق الرصاص العشوائي ومعه قطعة سلاح او اكثر دون ان تقوم اي وزارة او جهاز أمني بالمس بهم او السيطرة على قطعة السلاح؟ بهذا الملف تظهر الحكومة ان لديها خللاً كبيراً في تطبيق الأمن والقانون.

الدبلوماسية الفلسطينية ظهرت بعجز تام في مواجهة دول التطبيع العربية والذي أدى لخسارة نصف الدول العربية لصالح العدو الاسرائيلي، كما أنها فشلت في الحفاظ على أصدقائنا من دول العالم مثل الهند والبرازيل وقد تتبعهم الصين وغيرها، وظهر تفوق دبلوماسي اسرائيلي جعلنا نخسر أخوتنا العرب كما حصل مع الامارات والبحرين وما قد يتبعه من تطبيعات أخرى. 

إن هذا العجز المخيف في الملف الدبلوماسي ظاهر لجميع المراقبين والمختصين وحتى عامة الشعب، وهو أمر بحاجة إلى من يسلط الضوء عليه ليرى مكامن الفشل، هل هي في القضية أم في من يمثلها خارجيا!

الوضع المالي للسلطة متدهور من الحكومة السابقة والحالية، وينتظر الموظف لراتبه شهريا كأنه ينتظر حدوث معجزة، وتجد المعلم منذ أيام بعد افتتاح العام الدراسي يذهب من قريته إلى المدرسة مشياً على الأقدام لعدم توفر اجرة المواصلات.

لم يتم العمل من قبل وزارة المالية  لمواجهة كل الاحتمالات بحيث تكون مستعدة لمثل هذه الأزمات التي تتكرر وخاصة حجز المقاصة،  فأين البديل لها! ونكرر ما قلناه سابقاً لماذا نرفضها أصلاً؟

ما يهم المواطنين الآن هو لقمة عيشهم وأمنهم وثباتهم في أرضهم، هم يريدون تحقيق هذا الثالوث المقدس لأي حياة كريمة. ما يهم الشعب الآن هو أن يكونوا مواطنين في أرضهم، أن تُحترم عذاباتهم وجراحاتهم وتضحياتهم.

المواطن ينتظر بريق أمل وحاله يقول "بدنا العنبات، ما بدنا نقاتل الناطور ولا نناسب الوزير".