رام الله- خاص لـ صدى نيوز: لا يزال ملف رواتب الأسرى وأهالي الشهداء دون حل، وذلك بعد تهديد سلطات الاحتلال الإسرائيلي وفق قرار عسكري للبنوك العاملة في فلسطين في حال صرفها لرواتبهم، فيما خرجت الحكومة الفلسطينية بمقترح لحل هذا الملف.

الحل المقترح من قبل الحكومة يراه مراقبون أنه فني، وذلك بعد فشل الحل السياسي مع الجانب الإسرائيلي، لكنه أثار العديد من التساؤلات والالتباسات، فهل ستقوم الحكومة بإنشاء بنك أم مؤسسة مالية لصرف رواتب أهالي الشهداء والأسرى من خلالها؟ وهل تستطيع الحكومة فعلاً تأسيس بنك في وقت قصير وتجنب التهديدات الإسرائيلية؟ أم أن الحل في مؤسسة أخرى؟
المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم قال في حديث خاص لـ صدى نيوز إن تصريحات رئيس الوزراء د. محمد اشتية حول إنشاء بنك وطني كانت غامضة، وقد أوضحتها تصريحات رئيس هئية شؤون الأسرى والمحررين حين تحدث عن وجود مؤسسة مصرفية فلسطينية محلية مرخصة من سلطة النقد سيتم التعاون معها لصرف رواتب الأسرى من خلالها.

واستبعد عبد الكريم أن تقوم الحكومة بتأسيس بنك حكومي، فلا يوجد وقت ولا مال كافٍ ولا وضع دولي يسمح بإنشاء مثل هذا البنك الذي يجب أن يكون رأسماله وفق أنظمة وقوانين سلطة النقد 70 مليون دولار بالحد الأدنى، إضافة إلى أن تأسيس مثل هذا البنك سيلحق ضرراً بالبنوك العاملة في فلسطين.

وأضاف: المؤسسات الدولية المالية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد تفرضان عقوبات على السلطة الفلسطينية في حال تأسيس مثل هذا البنك الذي تحدث عنه رئيس الوزراء فهو مخالف لكل قيم الليبرالية التي قامت عليها تلك المؤسسات.

ورجّح في حديثه مع صدى نيوز أن تقوم الحكومة بالتعاون مع مؤسسة قائمة مرخصة وهي خارج سياق العلاقات مع المؤسسات المصرفية الإسرائيلية، مستدركاً بالقول إن ذلك لا يعني أنها ستكون بعيدة عن العقوبات الإسرائيلية، والضغط عليها من خلال وقف الدعم الدولي لها ووقف عمليات التحويل بينها وبين البنوك أو للخارج، وتققيد تعاملاتها ووقفها مع البنوك الفلسطينية.

وتابع: ربما تقوم إسرائيل بإجراء مثل هذه العقوبات، لكنني لا أرجح ذلك، فإسرائيل لا تريد دفع الموضوع للآخر، وهي تريد تسجيل إنجاز سياسي فقط، والخروج بمظهر المنتصر في هذه المعركة، إضافة إلى أن الفلسطينيين سيخرجون بنصف خسارة عندما يحولون رواتب الأسرى إلى هذه المؤسسة، وليس إلى البريد.

وأوضح لـ صدى نيوز أن صرف رواتب الأسرى من خلال هذه المؤسسة يحفظ كرامة الأسرى وأهالي الشهداء، وسيبقيهم ضمن النظام المصرفي الفلسطيني، قائلا: لو تم صرف رواتب الأسرى عبر البريد فإن ذلك معناه التسليم النهائي للرواية الإسرائيلية، إضافة إلى إحراج هذه الفئة.

وأكد عبد الكريم أن هذه الآلية التي أرجح أن تقوم الحكومة باتباعها بعيداً عن تأسيس بنك حكومي، هي محاولة لحل موضوع رواتب الأسرى وأهالي الشهداء فنياً، بعد فشل جميع الحلول السياسية له مع الجانب الإسرائيلي.

وأشار المحلل الاقتصادي لـ صدى نيوز إلى أن حل القروض المستحقة على حسابات الأسرى وأهالي الشهداء بعد نقل تلك الحسابات إلى المؤسسة سيتم من خلال أمرين: إما أن تقوم المؤسسة بشراء قروض الأسرى وأهالي الشهداء ويقوم أصحاب الحسابات بتسديد قيمة القروض للمؤسسة، وهنا يبرز تفسير مبلغ الـ20 مليون دولار التي قالت الحكومة أنها ستشارك فيها بإنشاء (البنك)، مضيفا أن هذا الرقم سيكون دعماً للمؤسسة لشراء قروض الأسرى وأهالي الشهداء، أما الحل الثاني فهو أن تصبح المؤسسة بمثابة وسيط بين صاحب الحساب والبنك الأصلي له، فتقوم بالتعهد للبنوك بتسديد قيمة القرض بشكل شهري.

تصريحات الحكومة
وكان رئيس الوزراء محمد اشتية قال يوم الاثنين إن حكومته ستعمل على إنشاء بنك أو مؤسسة مالية لإدارة الأموال العامة بعد تهديدات إسرائيلية للبنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية.

وأضاف في بداية اجتماع الحكومة الأسبوعي في رام الله "ناقش مجلس الوزراء إنشاء بنك أو مؤسسة مالية تدير الأموال العامة والمصاريف العامة وسوف يرفع المجلس التوصيات اللازمة بهذا الخصوص إلى سيادة الرئيس".

وعقب الاجتماع، قالت الحكومة في بيان إن مجلس الوزراء قرر "إنشاء بنك حكومي لتقديم خدمات مصرفية لكافة الفئات وقروض صغيرة ومتناهية الصغر للأفراد والشركات".

وتسعى الحكومة إلى تجنيب البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية مواجهة أي عقوبات مالية بعد صدور قرار إسرائيلي يتعلق بتعاملها ماليا مع معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ويعمل في الأراضي الفلسطينية 14 بنكا نصفها محلي والنصف الآخر من الأردن ومصر.

وعمل بعض هذه البنوك خلال الشهر الماضي على إغلاق بعض حسابات معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية قبل التوصل إلى اتفاق مع الحكومة بتجميد هذه الإجراءات لحين إيجاد حل.

البنوك مستمر في الصرف إلى حين .. 
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر إن البنوك مستمرة في صرف رواتب الأسرى وذوي الشهداء إلى حين تطوير مؤسسة مصرفية لتصبح بنكا خاصا بهم.

وأضاف في تصريحات للوكالة الفلسطينية الرسمية "سيتم إنجاز البنك خلال أربعة شهور، ما يعد إنجازا وطنيا، كون التوقف عن صرف رواتبهم يستهدف تاريخ ونضال وتضحيات الأسرى والشهداء".

ويوجد لدى السلطة الفلسطينية قانون واضح يحدد آليات دفع رواتب للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مرتبطة بعدد السنوات التي يمكثها في تلك السجون سواء بقي داخل السجن أو أُفرج عنه ولعائلات أشخاص قتلوا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وتسعى إسرائيل منذ فترة طويلة لوقف المدفوعات التي تقدمها السلطة الفلسطينية لنحو 11 ألف فرد وأسرة. ويعتبر الفلسطينيون المدفوعات رواتب لضحايا الاحتلال الإسرائيلي لكن إسرائيل تصفها بأنها مكافأة على العنف.

وعملت إسرائيل على اقتطاع الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينية لأسر الشهداء والأسرى من أموال الضرائب التي تجمعها نيابة عنها. ويقدر المبلغ الذي تحتجزه إسرائيل من أموال الضرائب الفلسطينية منذ العام الماضي بحوالي 13 مليون دولار شهريا.

وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أن إسرائيل تحتجز في سجونها حوالي 5000 فلسطيني منهم أطفال ونساء.

ويبلغ عدد حسابات الأسرى والمحررين وذوي الشهداء بحسب الإحصائيات لارسمية قرابة 25 ألف حساب، موزعة بواقع 19 ألف حساب لأسرى ومحررين، و6 آلاف حساب لذوي الشهداء، فيما يعمل في السوق الفلسطينية 14 بنكاً محلياً ووافداً منها 7 محلية و7 وافدة.