
صدى نيوز - أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، اليوم الإثنين، بشكل رسميّ، استشهاد الناطق العسكري باسمها أبو عبيدة، بالإضافة إلى عدد من أبرز قادتها، وهم: محمد السنوار ومحمد شبانة وحكم العيسى ورائد سعد، خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقال الناطق باسم كتائب القسام: "ننعى القائد الملثم أبو عبيدة باسمه الحقيقي حذيفة الكحلوت (أبو إبراهيم) الناطق باسم كتائب القسام"، مضيفا أن "أبو عبيدة حذيفة سمير الكحلوت، لم ينقطع عن شعبه في أحلك الظروف، وخاطبهم من قلب المعركة".
وقال الناطق باسم القسام، إن "محمد السنوار قاد القسام في مرحلة بالغة الصعوبة خلفًا للشهيد محمد الضيف".
وذكر أن "محمد شبانة ارتقى برفقة القيادي محمد السنوار".
كما قال: "نزف الشهيد حكم العيسى القائد المهاجر الذي حمل أمانة الجهاد في فلسطين وعرفته لبنان وسورية، قبل استقرار المطاف في غزة".
وذكر أن "الشهيد رائد سعد ختم مسيرته في قيادة التصنيع العسكري".
"نؤكد حقَّنا بالردّ على جرائِم الاحتلال وندعو لإلزامه بالاتفاق"
وقال الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة: "منذُ توقفِ الحرب، تجاوزت انتهاكات العدو كلَّ الخطوطِ الحمراء، بينما المقاومة أدت ما عليها منَ التزامات، وتعاملتْ بمُنتهى المسئولية، مراعاةً لمصالحِ أبناءِ شعبنا، وتفويتا للفرصةِ على الاحتلال".
وشدّد قائلا: "نؤكد أنّ حقَّنا بالردِّ على جرائِمِهِ، هو حقٌ أصيلٌ ومكفول، ونحنُ ندعو كلَّ المعنيينَ، لإلجامِ الاحتلالِ ووقفِ عدوانهِ، وإجبارِه على الالتزامِ بما تمَّ الاتفاقُ عليه".
"لن يتخلّى شعبنا عن سلاحِه طالما بقي الاحتلال"
وقال الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة: "نهيبُ بكلِّ من يُهمُهُ الأمرُ، أنْ يعملَ على نزعِ سلاحِ الاحتلالِ الفتاك، الذي استُخدِمَ ولا يزال في إبادةِ أهلِنا، والعدوانِ على دُولِ المنطقة، بدلاً من الانشغالِ ببنادقِ الفِلَسطينيينَ الخفيفة، التي يحاولُ العدوُ أن يتخِذَها حُجةً واهِيةً، لتخريبِ اتفاقِ وقفِ إطلاقِ النار".
وأضاف: "شعبُنا يدافعُ عن نفسهِ، ولن يتخلى عن سلاحِه طالما بقيَ الاحتلالُ، ولن يستسلم ولو قاتَلَ بأظافِره، ولكُم في رفحَ ورجالِها الأبطالِ الأشداء، الذينَ فَضّلُوا الشهادةَ على الاستسلام، خيرُ شاهدٍ ودليل".
وفي ما يلي نصّ خطاب كتائب القسام كاملًا، وبشكل حرفيّ:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِ العالمين، مُعزِ عِبادهِ المُؤمنين، ومُذلِ الكفرةِ والمٌجرمينَ الظالمينَ ولوْ بعدَ حين، الحمدُ للهِ القائل "واذكروا إذ أنتم قليلٌ مُستضعفونَ في الأرضِ تخافونَ أن يتخطّفكُمُ الناسُ فآواكمْ وأيدكمْ بنصرهِ ورَزَقكمْ من الطيباتِ لعلكم تَشكرون" والقائلِ سُبحانه: ’مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا’
والصلاة والسلام على نبينا المجاهدِ الشهيد، الذي جاهدَ في اللهِ حقّ جهاده، وأُوذِيَ في الله فصبر، فجاءَهُ من ربهِ النصرُ والتمكين، أما بعد،
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
نُحييكمْ مِن على أرضِ الكرامةِ والإباء، أرضِ الجهادِ والشهادةِ والطهارة والكبرياء، ونُباهي بانتمائِنا لغزةَ العزة، وفَخرُنا العظيمُ بأهلِها المجاهدينَ الكبارِ الصابرينَ المحتسبين، ورثةِ الأنبياء، أحفادِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فيا أشرفَ الناس، يا أعظمَ الناس، يا صفوةَ اللهِ من عبادِهِ في صفوتهِ من بلاده، أيها الصادقونَ ممنْ ينتظرونَ وما بَدّلوا تبديلاً، سلامٌ عليكم بما صبرتمْ فنعمَ عقبى الدار، سلامٌ على غزةَ بترابِها ومائِها وسمائِها وهوائِها، سلامٌ على رجالِها ونسائِها وأطفالِها، سلامٌ على مقاوميها وأبطالِها، سلامٌ عليكم بما تحمّلتُم من آلامِ الفقدِ والأسر، والجراحات وعذاباتِ النزوح، سلامٌ عليكم وأنتم تُقاسونَ اليومَ ضنَكَ العيشِ وبردَ الشتاء، سلامٌ على خِيامكُمُ البالية، وبيوتكُمُ المُتصدعة، وعلى أجسادِكُمُ المُتعبة، لكنّ أرواحَكُمْ وإيمانَكُمْ وعزيمتَكُمْ، ويقينَكُم بالله أَقوى مِما يتصورُهُ كلُّ الأعداءِ والمتآمرين، الذينَ يتلذّذونَ بعذاباتكُمْ ويرتقِبونَ سقوطَكُم، وأَنّى لهُم ذلِكَ بإذنِ الله.
أنتُمُ المجدُ وفاتِحةُ التاريخِ المجيد، ويا لهُ من فخرٍ وشرفٍ، أن تختلطَ دماءُ المجاهدينَ مع دماءِ أهليهِم، وأنْ يتوسّطَ القادةُ وعوائلهُم صفوفَ المُضحينَ، بكلِ ما يملكون، فنحنُ منكُم وأنتُم منّا، قَدّمْنا معاً بنفوسٍ راضيةٍ، أغلى ما نملِك، استجابةً لنداءِ ربِنا، وطمعاً فيما عنده، ونحنُ على يقينٍ أن اللهَ لنْ يَتِرَنا أعمالَنا، ولنْ تَضيعَ عندَهُ هذه الدماءُ الطاهرة، وثِقوا بربِكم، ستدورُ الدوائر على الظالمينَ ولو بعدَ حين "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون".
يا أبناءَ شعبِنا في كلِ أماكنِ تواجُدِهِ، في غزةَ والقدسِ والضِفةِ والداخلِ المحتلِ والشتات، يا أبناءَ أمتِنا العظيمةِ المُمتدة، يا كلَ أحرارِ العالم..
إننا اليومَ نزُفُ إليكُم بكلِ فخرٍ واعتزازٍ، كوكبةً عظيمةً منْ أبناءِ شعبِنا، ومنَ المجاهدينَ الأبطالِ الذينَ قَضَوْا نحبهُم بعدَ خرقِ الاحتلالِ للتهدئة، واستئنافِ حربِهِ الإجراميةِ في مارسَ الماضي، ليلتحِقوا بقافلةٍ طويلةٍ منَ الشهداءِ الأبرار، ونخُصُّ هنا بالذِّكرِ، ثلةً منَ قادةِ القسامِ الميامين، الذينَ ارتقَوْا فِي ميدانِ المعركةِ، وفي غُرفِ القيادةِ والسيطرة، وهُم على ثغورِهِم، يؤدُونِ أدوارهُمْ الجهاديةَ دونَ كللٍ أو ملل.
نزُفُ القائدَ الكبير، الشهيدَ المجاهد محمد السنوار "أبو إبراهيم"، قائدَ أركانِ كتائبِ الشهيدِ عزِ الدينِ القسام، خيرَ خلفٍ لخيرِ سلف، صاحبُ العقليةِ الفذة، الذي قادَ كتائبَ القسامِ في مرحلةٍ بالغةِ الصعوبةِ، خلفاً لشهيدِ الأمةِ الكبير، أبو خالد الضيف، بعدَ أن كانَ قائداً لركنِ العملياتِ إِبَّانَ طوفانِ الأقصى، فكانَ لهُ الإسهامُ الكبيرُ، والدورُ البارزُ في التخطيطِ والتنفيذِ، لعمليةِ السابعِ من أكتوبرَ المجيدة، وكذلكَ الإشرافُ على مختلفِ تفاصيلِ الخُطةِ الدفاعيةِ، والتصدي لعدوانِ الاحتلالِ الغاشمِ على غزة، مسيرةٌ بدأَهَا قائدُنا الكبيرُ قبلَ عقودٍ، تخللتها محطاتٌ عظيمةٌ، فمنَ الثأرِ المُقدس إلى الوهمِ المُتبدِد، ومن قيادةِ لواءِ خانْيونُس إلى جملةٍ من المواقعِ القياديةِ العليا في القسام، ليُختمَ له بالشهادة في ثغورِ العزةِ والشرف.
كما نزفُ القائدَ الكبير، محمد شبانة "أبو أنس"، قائدَ لواءِ رفح في كتائب القسام، الذي ارتقى برفقةِ القائدِ أبي إبراهيم السنوار، وثلةٍ من إخوانِهِمُ القادةِ والمجاهدين، أبو أنس رفيقُ دربِ القائدينِ الكبيرين أبو شمالة والعطار، والقائدُ الفذُ الذي كانتْ لهُ إسهاماتٌ في مواقعَ مختلفة، منَ الإعلامِ إلى الإمداد، البطلُ الذي عرفَهُ الجنوبُ وعملياتُه النوعية،ُ من الوهمِ المُتبددِ إلى نذيرِ الانفجارِ إلى أسرِ هدار جولدن، وليس انتهاءً بالإبداعِ العظيمِ، الذي سطّرهُ مجاهدو رفحَ الأبطال، خلال طوفان الأقصى.
ونزفُ إليكم كذلكَ القائدَ الكبير، حكم العيسى "أبو عمر"، المهاجرُ المجاهدُ المتفاني، والقائدُ الربانيُ المتواضع، الحيِيُّ بين إخوانِه، الصَلبُ والمقدامُ في ميادينِ المواجهة، الذي طافَ البلادَ حاملاً أمانةَ الجهادِ في فلسطين، وعَرَفَتْهُ لبنانُ وسوريّا وبلادٌ شتّى، قبلَ أن يستقِرَ بهِ المَطافُ في أرضِ غزةَ العزة، ليُكملَ مشوارَ الجهاد، وينقِلَ خِبراتِهِ إلى إخوانهِ المجاهدينَ على أرضِ فلسطين، وقد تنقّلَ في مواقعَ قياديةٍ مختلفةٍ، من أبرزها ركنُ التدريب، وهيئةُ المعاهدِ والكليات العسكرية، انتهاءً بركنِ الأسلحةِ القتالية.
ونزُفُ القائدَ الكبير، الذي التحق بهذا الركبِ مؤخراً، الشيخ الشهيد رائد سعد "أبو معاذ"، قائدُ ركنِ التصنيع في كتائب القسام، وقائدُ ركنِ عملياتِها الأسبق، الشيخُ الربانيُ الوَقور، الذي عَرَفَتْهُ ميادينُ الجهادِ منذُ البدايات، وواصلَ ليلَهُ بنهارهِ عطاءً وبذلاً، فكانَ قائدَ لواءِ غزةَ الأول، ثم تنقلَ بينَ مواقعِ القيادةِ المختلفةِ، وثغورِ الجهادِ المتعددة، وخَتَمَ مسيرتَهُ بقيادةِ منظومةِ التصنيعِ العسكري، التي صَنَعتْ سلاحَ القسامِ ذاتياً، وبأيدٍ فلسطينيةٍ مُتوضئة، من الرصاصةِ إلى البندقية، ومن الصاروخِ إلى العبوةِ والقذيفة، ومن الزورقِ إلى الطائرةِ المسيّرة، هذه الأسلحةُ التي كانَ لها دورٌ حاسمٌ في عبورِ السابعِ من أكتوبر، وما تلاهُ من معركةٍ دفاعية.
ونحنُ إِذْ نقفُ أمامكمْ هذا الموقف، لا يُمكِنُنا إلا أنْ نتوقفَ إجلالاً وإكباراً، أمامَ صاحبِ هذا المَقام، الذي لطالما أَطَلَّ عليكُمْ بصوتِهِ القويِ، وكلماتِهِ الصادِقة، وبُشرياتِهِ المُنْتَظَرة، المُلثمُ الذي أحبَّهُ الملايينُ، وانتَظَرُوا إِطلالَتَهُ بِشغَف، ورأَوْا فِيه مصدَرَ إلهامٍ، وفِي كُوفِيَّتِهِ الحَمراءِ أَيقونةً لِكلِّ الأحرارِ في العالم، الشهيدُ القائدُ الكبير، الناطقُ باسمِ كتائبِ القسام، "أبو عبيدة"، صوتُ الأمّةِ الهادِر، ورجلُ الكلمةِ والموقف، نبضُ فلسطينَ وقُدسِها وشعبِها ومُقاومِيها، قائدُ إعلامِ القسّام، صاحبُ الأثرِ العظيمِ في نفوسِ أبناءِ الأمة، هذا الفارسُ، الذي لمْ ينقطعْ عن شعبه في أحلكِ الظروف، خاطَبَهُمْ منْ قلبِ المعركة، يُبشرُهُمْ ويُصبِّرهمْ ويُواسِيهِمْ، ويُرَبِّتُ على أكتافِهِم، رَغمَ الخطرِ الشديدِ والاستهدافِ المُتكرِر، ولطالما انتظرَهُ جمهورُ العدوِ قبلَ أبناءِ شعبِهِ، ليسمعوا منهُ فصلَ الخطابِ والخبرَ اليقين.
ونحنُ اليومَ نزُفه إلى أمَّتِنا وشعبِنا، باسمِهِ وكُنيتِهِ الحقيقيتين، نزفُّ القائدَ الكبير/ حذيفة سمير عبد الله الكحلوت "أبو إبراهيم"، الذي ترجّلَ بعدَ عَقدينِ من إغاظةِ الأعداءِ وإثلاجِ صدورِ المؤمنين، ولقيَ اللهَ على خيرِ حالٍ، وأيُّ علامةٍ أدلُّ على الصدقِ معَ اللهِ، منْ أنْ يَرفعَ اللهُ ذِكرهُ في العالَمينَ، ويَضعَ لهُ القَبولَ في الأرض، تَرجّلَ بعدَ أن قادَ منظومةِ إعلامِ القسامِ بكلِّ اقتدار، وسطَّرَ معَ إخوانهِ ما رآهُ الصديقُ والعدوُ منْ أداءٍ مشرفٍ، نقلَ للعالمِ مجرياتِ طوفانِ الأقصى في أبهى حُلَلِها، وبطولاتِ مجاهدي غزةَ التي أذهلتِ العالم، وأغاظتِ الأعداء، رحلَ القائدُ حذيفةَ الكحلوت، وَوَرِثْنَا عنهُ لَقَبَهُ "أبو عبيدة"، فسلامٌ عليك في الخالدين، وعهداً أن نُواصلَ المَسير.
وإنَّ دماءَ أبناءِ شعبِنا ومجاهدِينا وقادتنا، التي سالتْ على أرضِ غزةَ في أشرفِ المعارك، لَهِيَ حُجةٌ على الجميعِ، ومَدعاةٌ لنهوضِ الأمةِ ونفضِ الغُبارِ، والاستنفارِ نصرةً لفلسطينَ والأقصى، التي قدّمَتْ فيها غزةُ أَغلى مَا تَملِك، مُعذِرة إلى الله، بأنها أدَّتْ ما عليها ولا تزال، ولن يُسقِطَ أبناؤها الرايةَ حتى النصرِ على الأعداءِ، أو الشهادةِ في سبيلِ اللهِ، دفاعاً عن أعدلِ قضيةٍ، عَرَفها التاريخُ الحديث.
وإننَا في كتائبِ الشهيدِ عزِ الدينِ القسام، وبعدَ ما يزيد على شهرينِ من الإعلانِ عن توقفِ حربِ الإبادةِ، التي استمرتْ لعامينِ كاملين، ودخولِ وقفِ إطلاقِ النارِ حَيِّزَ التنفيذ، لنُؤكدُ على ما يلي:
أولاً/ لقدْ كانَ السابعُ من أكتوبر، انفجاراً مدوياً في وجهِ الظلمِ والقهرِ والحصارِ، وكل أشكالِ العدوانِ بحقِّ أقصانا وشعبِنا، والتي تجاوزتْ كلَّ الخطوطِ الحمراء، وتجَاهلتْ كلَّ المُطالباتِ والتّحذيرات، وضَربَتْ بعرضِ الحائطِ كل المواثيقِ والاتفاقيات، جاءَ الطوفانُ ليُصحِّحَ المسار، ويُعيدَ القضيةَ التي بدأتْ تدخلُ إلى غياهبِ النسيانِ إلى الواجهة، وأيقظ ضمائرِ الأحرارِ في الأمةِ والعالم، وفضح الاحتلالِ النازيِ وسادِيَتِهِ وإجرامهِ وإبادته، وجعله مُجرماً هارباً من وجهِ العدالة، وقد أفشلَ شعبُنا العظيم ُبصموده وتضحياته كلَّ ما خطّطَ له العدوُ، ابتداءً بالتهجيرِ، مروراً بمعسكراتِ التركيزِ ومصائدِ الموت، وليسَ انتهاءً بإعادةِ الاستيطانِ، كما أسقَطَ كلَّ أهدافِ الحرب، فلم ينجحْ العدو في نزعِ روحِ المقاومةِ من أهلِ غزة، بل ورَّثَ ثأراً في كلِّ بيتٍ فلسطيني، ولا استطاعَ استعادةَ أسراهُ بالقوة، فلم يعودوا إلّا مِن خلالِ التبادُلِ، بعدَ أنْ حافظتْ عليهِمْ وحدةُ الظلِّ الباسلةِ طُوالَ المعركة.
ثانياً/ إنَّ وقفَ إطلاقِ النارِ الذي دخلَ حَيزَ التنفيذِ قبلَ أكثر من شهرين، وتَوَقُّفَ شلالِ الدمِ الذي جرى على أرضِ غزةَ، على مرأى ومسمعٍ منَ العالمِ الظالم، إنَّما جاءَ ثمرةً لصمودِ شعبِنا وتضحياتِهِ وثباتِ مقاومِيه، ولو تُرِك المجالُ لعدوِنا وَوَجَدَ من شعبِنا ومقاومِيه خُنوعاً أو استسلاماً، لما توقفَ عن إبادتِهِ للبشرِ والحجرِ والشجر، ورَغمَ كلِّ ما جَرى من اعتداءاتٍ وخروقاتٍ منذُ توقفِ الحربِ، تجاوزتْ كلَّ الخطوطِ الحمراء، أدتِ المقاومةُ ما عليها منَ التزامات، وتعاملتْ بمُنتهى المسئوليةِ، مراعاةً لمصالحِ أبناءِ شعبنا، وتفويتاً للفرصةِ على الاحتلال، الذي يحاول اختلاق الذرائعِ الكاذبةَ، للعودةِ إلى سفكِ الدماء، مع تأكيدِنا على أنّ حقَّنا بالردِّ على جرائِمِهِ، هو حقٌ أصيلٌ ومكفول، ونحنُ ندعو كلَّ المعنيينَ، لإلجامِ الاحتلالِ ووقفِ عدوانهِ، وإجبارِه على الالتزامِ بما تمَّ الاتفاقُ عليه، كما نَهيبُ بكلِّ من يُهمُهُ الأمرُ، أنْ يعملَ على نزعِ سلاحِ الاحتلالِ الفتاك، الذي استُخدِمَ ولا يزال في إبادةِ أهلِنا، والعدوانِ على دُولِ المنطقة، بدلاً من الانشغالِ ببنادقِ الفِلَسطينيينَ الخفيفة، التي يحاولُ العدوُ أن يتخِذَها حُجةً واهِيةً، لتخريبِ اتفاقِ وقفِ إطلاقِ النار، فشعبُنا يدافعُ عن نفسهِ، ولن يتخلى عن سلاحِه طالما بقيَ الاحتلالُ، ولن يستسلم ولو قاتَلَ بأظافِره، ولكُم في رفحَ ورجالِها الأبطالِ الأشداء، الذينَ فَضّلُوا الشهادةَ على الاستسلام، خيرُ شاهدٍ ودليل.
ثالثاً/ إلى جانبِ عدوانِ الاحتلالِ على غزةَ، وخرقهِ الفاضحِ لوقفِ إطلاقِ النار، فإنَّ عدوانَه على المسجدِ الأقصى والضفةِ والأسرى، يأخذُ مُنحنًى تصاعدياً، من استباحةٍ لقُدسِيةِ الأقصى، وتهجيرٍ لأهلنا في مخيماتِ الضفة، وعربدةٍ للمغتصبينَ في شوارعها، وسعيٍ لإكمالِ مشروعِ الضمِّ، الذي تسارع حكومةُ المغتصبينَ الخطى لتطبيقهِ على الأرض، أضفْ إلى ذلكَ كلِهِ، العدوانَ الوحشيَّ على أسرانا البواسِلِ، وتشريعَ قانونِ إعدامِ الأسرى، وإنَّ هذا العدوانَ وغيرَهُ، يستوجِبُ من أبناءِ شعبِنا التصدي له، كما يرسلُ رسالةً لكلِّ أحرارِ العالم، بأنَّ عدوانَ الاحتلالِ لم يتوقف، وعليه فإنَّ حراكَهُم يجبُ ألا يتوقفَ كذلك، بل ينبغي أن يستمر ويتُصاعد، جماهيرياً وسياسياً وقانونياً، حتى لا يُفلِتَ المُجرمونَ من العقاب، وإنَّ منَ الوفاءِ أن نوجِهَ التحيةَ لمن وقفَ مَعَ شعبنا من أبطال الأمة، في يمنِ الإيمان، ولبنانَ والعراقِ، وإيرانَ، وأحرار الأردن وغيرِها من البلدان، وكل من وقف مع شعبنا في مختلف المحافل، ومن أحرارِ العالمِ، الذينَ سيّروا المسيراتِ والفعالياتِ وأساطيلَ الحرية.
رابعاً/ مِنْ على أرضِ غزةَ العزةِ والإباءِ، التي تموتُ واقفةً رافضةً أن تَركعَ أو تُسقِطَ الراية، نُوجِّهُ النداءَ لأبناءِ أمّتِنَا أن أغيثُوا غزة، التي وإن هدأتْ فيها أصواتُ المدافع، فهيَ لا زالتْ تعاني الأمَرَّين، وواجبٌ عليكم إغاثتُها والتخفيفُ من معاناتِها وأنتم قادرونَ على ذلك، وهذا أقلُّ ما يمكنُ تقديمُهُ لأهلها بعد أن تخلّى الكثيرُ عنهُم حين كانوا يتعرّضون للإبادة، ولْتعلموا أن من يصمِت عنِ ظلم أشقائِهِ في العروبةِ والإسلام، فعليهِ أن ينتظرَ دورَهُ في الاستباحةِ والعدوانِ، وإنّ واجبَ الوقتِ على الأمةِ أن تقِفَ صفاً واحداً في وجهِ عدوِّها الأول، الذي يُضيف إلى بنكِ أهدافِهِ كلَّ يومٍ عاصمةً من عواصمِها، ويريدُ أن يجعلَ من دولِ المنطقةِ بوابةً لإقامةِ ما يُسميه "إسرائيلَ الكبرى"، وخيرُ شاهدٍ على ذلكَ عدوُانه المتواصلُ على لبنان وسورِيّا الشقيقتين، وهنا لا بد من توجيهِ التحيةِ لأهلِنا في سوريّا الذين تصدَّوْا للعدوانِ الصهيونيِ بأجسادِهِم بعدَ أن تُركوا وحدَهم، فاستفيقوا يا أمةَ الإسلام، ولتدرِكوا وَهَنَ هذا العدوِ المُنتفِش، الذي أُذِلَّ على أرضِ غزة، واعلموا أن خريفَ الاحتلالِ قدْ بدأ، ولعنةَ العَقدِ الثامنِ قَد حلّتْ عليه، وأن معركةً أُخرى تَهُزُّ اليومَ أركانَه، وتنخُرُ بُنيانه، وهذا من مُبَشِّراتِ زوالهِ بإذنِ الله، وستبقى لعناتُ دماءِ الأطفالِ والنساءِ والأبرياء، وويلاتِ إهلاكِ الحرثِ والنسلِ تلاحِقُهُ إلى أن تنبُذَهُ كلُّ الخلائِقِ، حتى الحجرُ والشجر، وإن عزلتَهُ وانقطاعَ حبلِ الناسِ عن نصرته، وبَدأَ انحدارِه بعد عُلوِّهِ وفسادِهِ الكبير، لهِيَ إيذانٌ بقربِ نهايتِهِ وتتبيرِ عُلوِّهِ وتحقيقِ وعدِ الآخرة، والذي ستتجلّى في ظلالهِ العدالةُ بحقِّ كلِ من أجرمَ بحقِ شعبنا، وكلِ من نسّقَ وطبّعَ وتواطَئ معَ عدوِنا، وكلِّ من تعاونَ معَ المحتلِ، ورضِيَ أن يكونَ عمِيلاً له، ثم أُلقِيَ بهِ ذليلاً على قارعةِ الطريقِ أو خَرَّ قتيلاً كمَا حلَّ بمنْ تولَّى كِبْرَهُ مِنهُم قَبل أسابيع.
وختاماً يا أهلَنا يا شعبَنا.. يا أهلَ غزةَ الكبار، يا جبالَ غزةَ الشامِخة
يا آباءَنَا وأمهاتِنا وأشقاءَنا وأبناءَنا، يا عوائِلَنا المجاهدةَ وعشائرَنا الباسلة، نحنُ أبناؤُكم ولنا الفخر، نُقبّلُ رؤوسَكُم وننحنِي إجلالاً لكم، ونَعِدُكم بأن نبقى الأوفياءَ لكم ولتضحياتِكم، فكَما عِشنا معاً المعاناةَ والألم، سنَبنِي معاً ما دمَّرهُ الاحتلال، وسنُضَمِدُ الجراحَ وسنمسحُ على رؤوسِ المكلومين، وثقةً بالله لن تضيعَ تضحياتُكم هدراً، وقد شرّفَ اللهُ كلَّ بيتٍ من بيوتِكم، بأن يكونَ لهُ سهمٌ في معركةِ الدفاعِ عنِ الأقصى، وألقى على قلوبِكُمُ الصبرَ الجميلَ وغمرَكُم بلطفِه، وهذا فضلٌ من اللهِ عليكُم، لأنكُم أحبابُ رسولِ الله، القابضونَ على الجمر، الذينَ لا يَجِدونَ على الحقِ أعوانًا، ولأنّكُم وأنتُم خيرُ المرابطين "وخير رباطكم عسقلان"، حُقَّ لكُم أن ترفعوا رؤوسَكم عالياً رغمَ الألمِ، فقَد اختارَكُم اللهُ واصطفاكُم، لتكونوا أهلَ هذه المِنَحِ الربانيةِ والبشرياتِ النبوية، التي يتمنّاها كلُّ مسلمٍ على وجهِ هذهِ البسيطة، وما عندَ اللهِ خيرٌ وأبقى، ويومَها يا بُشرى المؤمنينَ الصابرين، فكأنّهُم ما ذاقوا بُؤْساً قَط "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون " "إنما يُوفّى الصّابرون أجرَهُم بغيرِ حساب".