اقتصاد صدى- تراجعت أرباح الشركات الصناعية الصينية بأسرع وتيرة لها منذ أكثر من عام خلال الشهر الماضي، في الوقت الذي تكافح فيه مخططات الرئيس شي جين بينغ الاقتصادية للحد من تداعيات الإنتاج الصناعي المفرط وضعف ثقة المستهلكين.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن أرباح الشركات الصناعية التي تتجاوز إيراداتها السنوية 20 مليون يوان (حوالي 2.8 مليون دولار) انخفضت بنسبة 13.1% في نوفمبر تشرين الثاني مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، متراجعة من انخفاض نسبته 5.5% في أكتوبر تشرين الأول.

وأدى الانخفاض في نوفمبر تشرين الثاني إلى خفض نمو الأرباح منذ بداية العام إلى 0.1% فقط مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بعد أن كان النمو خلال الفترة من يناير كانون الثاني حتى أكتوبر تشرين الأول 1.9%.

وقد واجه الاقتصاد الصيني صعوبة في إيجاد محركات نمو طويلة الأمد بعد انهيار قطاع العقارات الممول بالديون، الذي يدخل الآن عامه الخامس في الأزمة، بحسب صحيفة فايننشال تايمز.

وبينما اعتمدت الصين على صادرات السلع منخفضة التكلفة لدعم نموها العام، عانت ثاني أكبر اقتصاد في العالم من ضغوط تضخمية سلبية وضعف الطلب المحلي وتراجع الاستثمار، وظل مؤشر أسعار المنتجين في المنطقة السالبة لثلاث سنوات متتالية.

وتبرز بيانات المصانع الأخيرة التحدي الذي يواجه صناع السياسات لتعزيز الثقة لدى الشركات والمستهلكين، على الرغم من الهدنة في حرب التجارة بين الصين وأميركا والازدهار في صادرات الصناعات التكنولوجية المتقدمة.

وقال يو وينينغ، كبير الإحصائيين في المكتب الوطني للإحصاء، إن الاقتصاد الصيني يواجه "ضغوط تعديل هيكلية" أثناء انتقاله من محركات النمو القديمة إلى الجديدة، مضيفاً أن البيئة الدولية تتسم أيضاً بـ"الكثير من العوامل غير المستقرة وغير المؤكدة".

ولطالما قاومت الحكومة المركزية في بكين الدعوات من الاقتصاديين داخل الصين وخارجها لإطلاق حزم تحفيز واسعة النطاق وتنفيذ إصلاحات عميقة في الضمان الاجتماعي لتعزيز المعنويات وتحفيز الاقتصاد.

كما كثّفت السلطات في الآونة الأخيرة تركيزها على ما تصفه بـ«نييجوان»، أو «الاستغراق التنافسي»، في إشارة إلى المنافسة الصناعية المفرطة التي تُحمّلها جزئياً مسؤولية فائض الإنتاج الذي يؤدي إلى خفض الأسعار.

وفي مقال نُشر هذا الشهر في مجلة «تشيوشي»، وهي المجلة الرسمية للجنة المركزية للحزب الشيوعي، دعا الرئيس شي جين بينغ المسؤولين إلى التحرك بوتيرة أكثر إلحاحاً لمعالجة مشكلة ضعف الطلب المحلي.

وقال شي: «إن توسيع الطلب المحلي يرتبط بالاستقرار الاقتصادي والأمن الاقتصادي على حد سواء؛ فهو ليس إجراءً ظرفياً، بل خطوة استراتيجية».

كما جدّد شي الدعوات إلى المسؤولين والشركات لممارسة قدر أكبر من الانضباط في الاستثمارات، وذلك عقب انتقادات سابقة للإفراط في الاستثمار الصناعي، الذي أسفر عن حروب أسعار شرسة ومعاملة غير عادلة للمورّدين.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أفاد المكتب الوطني للإحصاء بأن استثمارات الأصول الثابتة تراجعت بنسبة 2.6% خلال الفترة من يناير كانون الثاني إلى نوفمبر تشرين الثاني مقارنة بالعام السابق. وفي المقابل، ارتفعت مبيعات التجزئة، التي تُعد مؤشراً على الطلب الأسري، بنسبة 1.3% في نوفمبر تشرين الثاني على أساس سنوي، مسجلة أبطأ وتيرة نمو منذ ديسمبر كانون الأول 2022. وجاءت القراءتان دون توقعات المحللين.

وأبرزت أحدث بيانات المكتب الوطني للإحصاء بعض النقاط المضيئة في قطاع الصناعات التحويلية في الصين، إذ حقق قطاع التصنيع عالي التكنولوجيا وصناعة السيارات نمواً سنوياً بنسبة 10% و7.5% على التوالي.