صدى نيوز - شهد العالم عام 2025 تحولا جذريا في مشهد النقل، بعد أن واصلت السيارات الكهربائية اجتياح الطرقات بوتيرة غير مسبوقة، لتغدو منافسا قويا للمركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري.

وخلال سنوات قليلة فقط، تحولت السيارات الكهربائية من خيار بديل محدود الانتشار إلى قوة رئيسية تعيد تشكيل مستقبل الصناعة العالمية، مدفوعة بالتطور السريع في تقنيات البطاريات، والتوسّع في البنية التحتية للشحن، إضافة إلى سياسات حكومية داعمة تتجه نحو خفض الانبعاثات.

ومع تراجع حصة المركبات التقليدية تدريجيا، يزداد حضور السيارات الكهربائية في مختلف القارات، مُعلنا بداية حقبة جديدة من التنقل الذكي والمستدام.

طفرة هائلة

ويشهد العالم طفرة غير مسبوقة في انتشار المركبات الكهربائية، فقد بلغ عدد السيارات الكهربائية على الطرقات نحو 40 مليون مركبة عام 2023، قبل أن يقفز إلى قرابة 58 مليونا بنهاية 2024، أي ما يزيد على 3 أضعاف حجم الأسطول المسجل عام 2021، وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

ولا تشير التوقعات إلى تباطؤ هذا النمو، إذ تُرجح شركة "غارتنر" أن يصل إجمالي عدد المركبات الكهربائية بجميع فئاتها إلى نحو 85 مليون مركبة بحلول نهاية عام 2025، ما يؤكد أن التحول نحو المركبات الكهربائية بات واقعا يتشكل بوتيرة متسارعة.

إحصائيات مبيعات السيارات الكهربائية.. مركبة من  بين كل خمس

ارتفعت مبيعات المركبات الكهربائية بالكامل عالميا بنسبة 35% خلال الربع الثالث من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وللمرة الأولى، تجاوزت حصة السيارات الكهربائية بالكامل حاجز 21% من إجمالي السيارات المبيعة عالميا، أي ما يعادل سيارة واحدة من كل 5 سيارات، وفقا لبيانات شركة الاستشارات الإستراتيجية العالمية.

الصين تقود سوق السيارات الكهربائية العالمي

لا تزال الصين المحرك الأكبر للطلب العالمي على السيارات الكهربائية، مستحوذة على نحو ثلثي المبيعات العالمية. وخلال الربع الثالث من عام 2025، قفزت المبيعات بنسبة 36% على أساس سنوي، متجاوزة مليونَي مركبة جديدة.

وارتفعت حصة السيارات الكهربائية من السوق الصينية إلى 34%، مدفوعة بالإقبال على الطرازات الأساسية منخفضة التكلفة، فيما تراجع سوق السيارات الهجينة القابلة للشحن بنسبة 6% خلال الفترة نفسها.

نمو سوق السيارات الكهربائية في أوروبا

تواصل سوق السيارات الكهربائية في أوروبا تسجيل أداء لافت، حيث ارتفعت مبيعات المركبات الكهربائية المعتمدة على البطاريات بنسبة 24.1% في المتوسط خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 مقارنة بالعام السابق، وفق بيانات "جمعية النقل والبيئة الأوروبية".

وسجلت ألمانيا وبلجيكا وهولندا، التي تمثل مجتمعة 62% من تسجيلات السيارات الكهربائية بالكامل، نموا سنويا واضحا. كما حققت أكبر 6 مجموعات لصناعة السيارات في أوروبا زيادة إجمالية قدرها 32% في مبيعات السيارات الكهربائية خلال الفترة من الربع الأول إلى الثالث من عام 2025، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، مع تسجيل قفزات بارزة لمجموعتي فولكس فاغن (+76%) ورينو (+63%).

سوق السيارات الكهربائية في أميركا.. أرقام قياسية

وسجلت الولايات المتحدة أعلى مبيعات ربع سنوية للسيارات الكهربائية في تاريخها خلال الربع الثالث من عام 2025، بعد بيع 438 ألفا و487 وحدة، بارتفاع 40.7% مقارنة بالربع السابق و29.6% على أساس سنوي. وارتفعت الحصة السوقية إلى 10.5%، وهي أعلى نسبة مسجلة حتى الآن، وفقا لتقديرات "كيلي بلو بوك"، وشركة أبحاث وتقييم سيارات أميركية شهيرة.

ورغم هذا النمو، تراجعت حصة تسلا إلى 41% من 49% قبل عام، مع توسع الشركات المنافسة. وتصدرت "تسلا موديل واي" قائمة المبيعات بأكثر من 114 ألف وحدة، تلتها "تسلا موديل 3″، ثم "شيفروليه إكوينوكس".

ومع انتهاء الحوافز الضريبية الفدرالية، تتوقع مجموعة "كوكس أوتوموتيف" لخدمات تكنولوجيا ومعلومات السيارات احتمال تراجع المبيعات خلال الربع الأخير من عام 2026 وبداية 2027، رغم بقاء النظرة طويلة المدى إيجابية مع استمرار تراجع سيارات الاحتراق الداخلي.

سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط

بلغ حجم سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط 6.8 مليارات دولار أميركي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 7.4 مليارات دولار في عام 2025.

وتتوقع مجموعة "إي مارك" (IMARC Group) أن ينمو حجم السوق ليصل إلى 14.5 مليار دولار بحلول عام 2033، مسجلاً معدل نمو سنوي مركب قدره 8.1% خلال الفترة (2025-2033).

ويُعد الطلب المتزايد على وسائل النقل المستدامة، إلى جانب الانتشار الواسع لمصادر الطاقة المتجددة، المحرك الرئيسي للسوق الإقليمية.

وفي منطقة الخليج العربي، يُقدّر حجم السوق بنحو 1.62 مليار دولار عام 2024، على أن يرتفع إلى 10.44 مليارات دولار  عام 2034، بمعدل نمو سنوي قدره 22.3%، مع دخول المنطقة مرحلة توسع متسارع منذ عام 2025.

السيارات الكهربائية عام 2026 وما بعد

ومن المتوقع أن ترتفع حصة السيارات الكهربائية عالميا إلى 26.7% عام 2026، قبل أن تصل إلى 42% عام 2030، ثم إلى 64.1% عام 2035، وصولا إلى 83% عام 2040، وفق منصة "أوتو فيستا 24"

كما تتوقع "بلومبيرغ إن إي إف"  للأبحاث الإستراتيجية أن تصل مبيعات سيارات الركاب الكهربائية إلى نحو 22 مليون سيارة بنهاية عام 2025، مدفوعة بتراجع تكلفة البطاريات وتوسع إنتاج الطرازات الأقل سعرا.

وستواصل الصين قيادة السوق العالمي، تتبعها أوروبا ثم الولايات المتحدة، في وقت تسجل فيه الأسواق الناشئة نموا متسارعا.

ورغم هذا الزخم، خفضت "بلومبيرغ" سقف توقعاتها لاعتماد السيارات الكهربائية عالميا بسبب التغيرات التنظيمية في السوق الأميركي وارتفاع تكلفة الكهرباء في بعض الدول، ما يجعل القدرة على تحمل تكاليف الشراء والشحن عاملا حاسما لاستدامة النمو.

و يبدو أن سوق السيارات الكهربائية يقف على أعتاب مرحلة جديدة ستعيد تشكيل مستقبل النقل العالمي، مدفوعا بنمو المبيعات وتوسع الإنتاج وتراجع تكلفة البطاريات، مع بقاء نجاح هذا التحول مرهونا بمعالجة تحديات البنية التحتية وتكاليف الشحن واستقرار السياسات التنظيمية، وفق مراقبين.