
صدى نيوز - هدمت آليات الحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الأربعاء، مساكن وخيام أهالي العراقيب في منطقة النقب، جنوبي البلاد، للمرة الـ244، وتركتهم دون مأوى في ظل الشتاء والبرد القارس، وذلك بحماية من الشرطة والوحدات التابعة لها، ضمن سياسة متواصلة لاقتلاع وتهجير القرية مسلوبة الاعتراف.
وقال عزيز صياح الطوري وهو ناشط اجتماعي من سكان القرية إن "سلطات الهدم معززة بقوات من الشرطة اقتحمت القرية صباح اليوم، وهدمت المساكن والخيام، كما اعتقلت والدي الشيخ صياح الطوري".
وهذه المرة العاشرة التي تهدم فيها السلطات الإسرائيلية الخيام والمساكن المتواضعة التي تؤوي أهالي العراقيب منذ مطلع العام الجاري 2025 ولغاية اليوم، بعد أن هدمتها 11 مرة في العام 2024، و11 مرة في العام 2023، و15 مرة في العام 2022، و14 مرة في العام 2021، في محاولاتها المتكررة لدفع أهالي القرية للإحباط واليأس وتهجيرهم من أراضيهم.
والمرة الأولى التي هدمت فيها السلطات الإسرائيلية العراقيب كانت في يوم 27 تموز/ يوليو 2010، وهدمتها في المرة السابقة يوم 28 تموز/ يوليو 2025.
إصرار على البقاء والتشبث بالأرض
يصرّ أهالي قرية العراقيب على البقاء والتشبث بأرضهم، ويعيدون نصب خيامهم في كل مرة من أخشاب وأغطية نايلون، لتحميهم من الحر الشديد في الصيف والبرد القارس في الشتاء، وذلك تصديًا لمخططات الاقتلاع والتهجير من أرضهم.
ويشكو الأهالي من أن وحدة "يوآف" الشرطية التابعة لما تُسمّى "سلطة تطوير النقب"، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الهدم في البلدات العربية في النقب، إلى جانب ما تُسمّى "سلطة أراضي إسرائيل"، تواصلان اقتحام العراقيب واستطلاع أوضاعها بصورة استفزازية، ثم تهدمان المساكن المتواضعة وتشرّدان الأطفال والنساء والمسنين.
ويؤكد الأهالي أن ممارسات السلطات الإسرائيلية واستمرارها في هدم مساكنهم "لن تُثنينا عن البقاء والصمود على أرض الآباء والأجداد".
ويناشد أهالي العراقيب الجماهير العربية وكافة الأحرار في البلاد "التحرك لإسناد العراقيب والوقوف إلى جانب أهلها في وجه مخططات الاقتلاع والتهجير".
ملاحقات وتضييقات
تلاحق السلطات الإسرائيلية، بكافة أذرعها، أهالي قرية العراقيب بوسائل وأساليب متعددة، من بينها حبس الشيخ صياح الطوري وعدد من أبنائه وأحفاده، بالإضافة إلى الناشط سليم الطوري وآخرين، وذلك بذريعة البناء دون ترخيص وادعاء "الاستيلاء على أراضي الدولة".
كما فرضت غرامات باهظة على الأهالي، وتواصل سياسات التضييق والملاحقة والاعتقال بحقهم.
في المقابل، ترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بحقهم في ملكية الأرض، وتواصل الضغط عليهم لدفعهم إلى الهجرة القسرية، من خلال هدم مساكنهم، وتجريف محاصيلهم الزراعية، ومنعهم من الوصول إلى المراعي وتربية المواشي.
ثبات وصمود
تبقى في قرية العراقيب 22 أسرة، يبلغ عدد أفرادها نحو 86 نسمة، يعتاشون من تربية المواشي والزراعة الصحراوية. وتمكّن السكان في سبعينيات القرن الماضي، ووفقًا لقوانين وشروط السلطات الإسرائيلية، من إثبات حقهم في ملكية 1250 دونمًا من أصل آلاف الدونمات من أراضيهم.
وبالإضافة إلى العراقيب، تواجه القرى العربية مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب مخططات الاقتلاع والتهجير بشكل يومي. ويدرك الفلسطينيون في النقب أن الهدف من التضييق والملاحقة، تحت غطاء القضاء الإسرائيلي وبذريعة "البناء غير المرخّص"، هو القضاء على دعاوى ملكيتهم لأراضيهم، وفرض السيطرة على الوجود العربي في النقب.
ثلث مليون فلسطيني في النقب يعانون من التمييز والعنصرية
يعيش نحو ثلث مليون عربي فلسطيني في منطقة النقب، ويعانون من تمييز صارخ في حقوقهم الأساسية في مجالات السكن، التربية والتعليم، الأجور، التوظيف، وغيرها.
وتشهد القرى العربية مسلوبة الاعتراف في النقب كارثة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى، إذ تُحرم هذه البلدات من أبسط مقومات الحياة، نتيجة سياسات الظلم والإجحاف والإهمال التي تمارسها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بحق السكان، فقط لأنهم عرب أصروا على التمسك بأرضهم ورفضوا مخططات الاقتلاع والتهجير.
ويُشكّل المجتمع العربي في النقب اليوم أكثر من ثلث سكان المنطقة، في وقت يشهد فيه المجتمع اليهودي ازديادًا كبيرًا نتيجة تنفيذ مخططات تهويد النقب.
وبحسب تقديرات مركز الإحصاء الإسرائيلي، فإن 28% من العرب في النقب يسكنون في قرى غير معترف بها رسميًا حتى اليوم. ورغم ذلك، فإنه من بين 144 بلدة قائمة في النقب (دون احتساب المزارع الفردية، التي يغلب عليها الطابع اليهودي)، لا يوجد سوى 18 قرية عربية، أي ما نسبته 15% فقط من مجمل البلدات.
ويُظهر الفصل شبه التام في السكن بين المجتمعين العربي واليهودي، إضافة إلى التمييز الواضح في أوضاع السكن والخدمات، حجم الفجوات بين القرى العربية، بمختلف أشكالها، والتجمعات اليهودية في النقب.
تصعيد في هدم المنازل العربية
تواصل السلطات الإسرائيلية تنفيذ عمليات هدم لمنازل ومحال تجارية وورش صناعية في مختلف البلدات العربية، بذريعة البناء غير المرخّص، كما حصل مؤخرًا في رهط، طوبا الزنغرية، جديدة المكر، يركا، الزرازير، عكا، الناصرة، أم الفحم، شفاعمرو، سخنين، عين ماهل، يافا، كفر قاسم، قلنسوة، كفر ياسيف، عرعرة، اللد، حرفيش، كفر قرع، وعدد من القرى العربية في النقب، وسط تنديد شعبي باعتبار هذه السياسة جزءًا من مخطط ممنهج لتضييق الخناق على المواطنين العرب.
المصدر: عرب 48