
خاص بـ"صدى نيوز": توقع خبير اقتصادي أن يستمر الوضع الاقتصادي الحالي في الأراضي الفلسطينية خلال العام المقبل 2026، أي استمرار الاتجاه نحو مزيد من الركود بسبب ضعف الطلب العام وارتفاع الأسعار وتراجع الإنفاق، وانعدام دخل الأسر بسبب تسريح العمالة من إسرائيل، وعدم دفع الرواتب كاملة لموظفي القطاع العام.
وقال الباحث الاقتصادي في معهد (ماس) مسيف مسيف إن الاقتصاد الفلسطيني يعتمد على المقاصة -الإنفاق الحكومي، والعمالة في اسرائيل، والقطاع الخاص، مشيراً إلى أن همّ الاقتصاد الفلسطيني في المرحلة القادمة ستيركز حول الحيلولة دون انهيار القطاع العام كما انهار قطاع العمل في إسرائيل، لأن انهيار القطاع العام يؤدي إلى ضرب القطاع الاجتماعي والصحي وله تداعيات أخرى.
ويضيف "سيبقى الاقتصاد في حالة مقاومة لمنع الانهيار، لا يوجد أية مقومات أو أدوات سياساتية اقتصادية لحل هذه المعضلات الناجمة عن خارج السياسات الاقتصادية الفلسطينية لأنها معضلات بسبب الاحتلال"، لافتاً إلى أن هذا يعني أنه مهما اجتهدت الحكومة وحتى لو أصبحت مثالية وقامت بإصلاح جوهري كامل لن يتحسن الوضع الاقتصادي ما لم تحل أزمة المقاصة والعمالة في إسرائيل".
ونوه إلى أن الأمل الوحيد للاقتصاد هو تماسك القطاع البنكي الفلسطيني الذي يبقيه في حالة ترقب وحذر باستمرار، بالإضافة إلى تمسك القطاع الخاص بجهوده ومحاولته النهوض المتواصل، مشيراً إلى أن ذلك سيكون على حساب الطبقة الوسطى من المجتمع، والتي سينحدر جزء منها إلى الطبقة الدنيا، ولكن يبقى الوضع الاقتصادي قائماً ومقاوماً إلى حد ما.
وحول توقعاته للعام 2026، يقول مسيف "يبقى الاقتصاد في حالة إدارة للأزمة وليس في حالة نمو، بمعنى أن الوظيفة الاقتصادية للنموذج الاقتصادي الذي يعتمد على الطلب والعرض والإنفاق الحكومي تخرج عن مسارها وتصبح في مساحة ضيقة مختزلة في النظام البنكي والقطاع الخاص".
وأكد أن المشكلة الاقتصادية الحالية سياسية وحلها سياسي فقط من خلال تحريك عجلة الاقتصاد المتمثلة بالرواتب والعمالة، وما لم يتم تحريك الوضع السياسي لحل هذه المشكلة سيكون هناك مزيد من التردي الاقتصادي الذي يوصل الاقتصاد الفلسطيني إلى مزيد من الركود.
وكان وزير المالية د. اسطيفان سلامة وصف في لقاء مع الصحفيين الأزمة المالية الحالية التي تمر بها السلطة الوطنية بأنا أزمة وجودية ولم تعد ّ أزمة عميقة فحسب، وهو وصف يصدر لأول مرة عن مسؤول في السلطة الفلسطينية، مشيراً إلى ارتفاع المديونية العامة إلى نحو (15) مليار دولار، واحتجاز إسرائيل لنحو (4) مليارات دولار من أموال المقاصة التي تشكل نحو 68% من إجمالي الإيرادات العامة للسلطة الفلسطينية، ما حال دون تمكينها من القيام بالتزاماتها كاملة سواء على صعيد الخدمات أو على صعيد تسديد مستحقات الموظفين، الأمر الذي يزيد المخاطر بشكل جدي حول إمكانية حصول انهيار في القطاع العام، إذا ما استمرت الظروف القائمة خلال الفترة المقبلة.
يذكر أن عدد العاملين في القطاع العام حسب أرقام وزارة المالية يصل إلى نحو 172 ألف موظف بين مدني وعسكري، فيما يستفيد نحو292 ألف فرد بمن فيهم الموظفون ومتلقو المساعدات الاجتماعية من المخصصات والرواتب التي تصرفها السلطة الفلسطينية والتي تصل فاتورتها الشهرية إلى نحو مليار وخمسين مليون شيقل.
وكانت سلطة النقد الفلسطينية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أشارا في تقريرين حول التنبؤات الاقتصادية للعام 2026، إلى أن الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها سيناريو الأساس لعام 2026 يرجح استمرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية القائمة دون حدوث تغيّرات جوهرية. ويفترض السيناريو بقاء القيود المشددة المفروضة على حركة الأفراد والبضائع والمعابر، مع استمرار محدودية النشاط الاقتصادي في قطاع غزة نتيجة الدمار الواسع الذي طال البنية الإنتاجية، واقتصار النشاط على نطاق ضيق مرتبط بالمساعدات الإنسانية وعمليات الإغاثة. كما يفترض السيناريو استمرار تعطل جزء كبير من العمالة الفلسطينية عن الوصول إلى سوق العمل داخل إسرائيل، بما ينعكس سلباً على مستويات الدخل والطلب المحلي.
وعلى صعيد المالية العامة، يفترض السيناريو استمرار الضغوط على الموازنة العامة للحكومة الفلسطينية، في ظل عدم انتظام تحويل إيرادات المقاصة واستمرار الاقتطاعات الإسرائيلية، إلى جانب تراجع الإيرادات المحلية بفعل ضعف النشاط الاقتصادي. كما يفترض السيناريو بقاء مستويات المنح والمساعدات الخارجية عند حدودها المتدنية الحالية، وفي القطاع الخارجي، يُتوقع أن يستمر الأداء متأثراً بالقيود والعراقيل الإسرائيلية المفروضة على حركة الأفراد والبضائع والمعابر.