الفدائي ، مفهوم تجسد لدى الفلسطيني منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية ، حين كان الانتماء لفلسطين وكان المقاتل الثائر يفتدي بروجه لاجل تحقيق الهدف الذي من اجله التحق بصفوف الثورة الفلسطينية ، تحرير الارض المغتصبة ورفع الظلم الذي لحق بابناء الشعب الفلسطيني ، وكما كان هناك رسائل من ذلك الفدائي الثائر المقاتل والمحارب ، حملها من خلال بندقيته ورصاصه ، كان لمنتخبنا الوطني الفلسطيني والذي لم يكن اطلاق كنية " الفدائي" عليه عبثا ، فلاعب كرة القدم والذي من خلال اقدامة وتمريراته وتسديداته والتي كان وقعها الى حد كبير ، اشبه بوقع مدافع الهاون والديكتريوف والآربي جي ، بصرف النظر عن الخصم ، ولكن كانت هناك رسائل عدة حملتها اقدامه من خلال المسابقات المختلفة التي شارك بها المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم ، واخرها كأس العرب الذي أقيم في دولة قطر الشقيقة ، رسائل حملت في سطورها معاني كثيرة وُجهت للعالمين العربي والغربي ، ومن قبل للشعب الفلسطيني وقياداته السياسية ، واهم عناوينها ان هناك ارض تُسمى فلسطين ، أُغتصبت منذ عقود طويلة ، وحل بأهلها نكبة تلو الاخرى ، ألا تستحق العمل الوحدوي لاجلها ؟!  

الرياضة وفي مقدمتها كرة القدم كانت احدى وسائل المقاومة الوطنية بكل امتياز ، جعلت من العلم الفلسطيني يرفرف خفاقا في جميع المحافل العربية والغربية ، فالفدائي حين كان يخوض مسابقاته كان يكتب اسم فلسطين بأقدامه في المشاهد العالمية ، ويلون سماء العالم بالوان العلم الفلسطيني المُقدس . 

وكما التف الشعب الفلسطيني من قبل حول الفدائي الثائر المُحارب وما زال ، التف جميع ابناء الشعب الفلسطيني بكل الوان طيفه ايضا حول الفدائي لاعب كرة القدم ، والذي بلمساته الكروية حقق الوحدة الوطنية ، بعيدا عن المصالح الفئوية او الذاتية او المكاسب الشخصية ، وهو ما عجزت عن تحقيقه ، ولا زالت القيادات السياسية والفصائل الوطنية ، التي لم تكن تسعى حتى اللحظة سوى خلف مكاسب ذاتية . 

الفدائي الفلسطيني الرياضي ، جسد الحضور الفلسطيني ، رغم كل محاولات طمس الهوية الوطنية ، ومحو الوجود الفلسطيني ، ديموغرافيا وجغرافيا من الخارطة العالمية ، ليؤكد ان هناك شعب ما زال يُكابد من ويلات الاحتلال ، ويسعى بكل السُبل والوسائل ، العيش بكرامة وسلام ، ويبني دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . 

الفدائي الفلسطيني ، بكل تسيديدة وتمريرة ، كان يُذكر العالم الحُر وأصحاب الضمائر الحية ، انه حتى الرياضة الفلسطينية لم تسلم من استهداف الاحتلال الاسرائيلي والعدوان المُستمر على الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة ، حين تعمد قتل عشرات الرياضيين الفلسطينيين ومنهم عناصر بالمنتخب الوطني في قطاع غزة . 

رسائل الفدائي الفلسطيني ، لم تكن موجهه فقط للعالمين العربي والغربي ، انما كان في سطورها كلمات  لقياداتنا السياسية المختلفة وأُولي الامر فينا ، تقول بكل وضوح ، ان اقدامنا استطاعت ان توحد ابناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ، فهل انتم قادرون على فعل ما فعلته اقدام الفدائيين ؟ هل تمتلكون الارادة الصلبة والعزيمة القوية التي تمتلكها اقدام فدائينا حين كانوا يواجهون بكل قوة وتحدي ويكونون ندا عنيدا امام الخصم ؟ رسائل فيها نداءات تقول لأولي الامر : " انظروا الى ابناء شعبكم كيف يتهافتون من كل صوب وحدب ، ويلتفون حول الفدائي الفلسطيني !! استمعوا الى هتافات وصرخات ابناء شعبكم ، التي كانت عناصر قوة للفدائي للاستبسال لاجل الفوز وتجسيد حلم فلسطيني يراود الكل الفلسطيني ! صرخات لم تخلو من حسرة واوجاع من استمرار الفرقة ! صرخات فيها لهفة للوحدة الوطنية ! " 

كرة القدم الفلسطينية لم تكن ابدا مجرد كرة يتناقلها 11 لاعبا بين اقدامهم ، فقد اصبحت رمزا للهوية الوطنية والصمود والتحدي والاصرار، والرياضة من خلال كرة القدم تحولت إلى منصة لإيصال صوت الشعب وإعادة اللحمة الوطنية رغم الظروف القاسية ، واصبحت برنامجا للوحدة الوطنية ، ورسالة وطنية بكل ما تعنيه الكلمة ، ونموذجا وحدويا بامتياز، يتوق اليه شعب تعرض لشتى اشكال المعاناة والقهر والذل ولا زال ، لكنه لم ولن يستكين ، وعازم بكل ما يؤتى من قوة على الاستمرار في كفاحه ونضاله حتى التحرير واقامة الدولة المستقلة .

فلم لا تحتذي قياداتنا لافدائي ، وتعمل بكل وطنية وتستغل ما انجزته الرياضة الفلسطينية من انتصارات على صعيد تحقيق الوحدة الوطنية ، خاصة ان العلاقة بين الرياضة والسياسة عميقة ومتشابكة ، خاصة اذا استخدمت الرياضة كأداة دبلوماسية لتقريب وجهات النظر بين ابناء الشعب الواحد ، كما هي بين ابناء ألأمة الواحدة ، وبناء الهوية الوطنية وتعزيز القيم ، بالتالي ومن دون شك ستساهم بالتالي في رفع الظلم وتحقيق ما يصبوا اليه ابناء الشعب الفلسطيني ؟! الا تستحق ما تكابده غزة منذ أكثر من سنتين من حرب ابادة وتجويع من وحدة بالموقف الوطني ؟ الا تستحق الضفة الغربية وما تواجهه من استيطان وتطهير عرقي من وحدة بالموقف الوطني الفلسطيني ؟! الا تستحق القدس العاصمة ، ودرتها المسجد الاقصى المبارك ، وكنيسة القيامة الحزينة وما يتعرضوا له من تهويد ، من وحدة بالموقف الوطني الفلسطيني ؟!