
خاص صدى نيوز: تظهر أرقاماً مصرفية أن حجم الودائع البنكية لمحافظة طولكرم بلغ مع نهاية الربع الثاني من العام الحالي (2025)، نحو 792 مليون دولار لتحتل المرتبة السادسة من بين محافظات الضفة الغربية من حيث حجم الودائع، إذ احتلت رام الله والبيرة حصة الأسد بودائع وصلت إلى نحو 6.73 مليار دولار بنسبة 41% من إجمالي الودائع في الضفة الغربية، تلتها محافظة نابلس بودائع بلغت قيمتها 2.61 مليار دولار، ثم الخليل بودائع قيمتها 1.73 مليار دولار، ثم بيت لحم بودائع قيمتها 1.42 مليار دولار، ثم جنين بودائع بلغت قيمتها 1.15 مليار دولار.
طولكرم استحوذت على قرابة 4.4 % من إجمالي الودائع في الضفة الغربية بينما يمثل سكان المحافظة البالغ عددهم 200 ألف نسمة نحو 5.88% من إجمالي سكان الضفة الغربية. لكن إذا ما تم استثناء محافظة رام الله والبيرة التي تشكل نحو 41% من إجمالي الودائع والتي يؤكد خبراء أن احتلالها المرتبة الأولى في صدارة الودائع ناجم عن كونها المركز الرئيسي للقطاعين العام والخاص، والعديد من المؤسسات مسجلة ودائعها في رام الله والبيرة، فإن نسبة الودائع في طولكرم سترتفع إلى نحو 7.5% من إجمالي الودائع بينما تبلغ مساهمة محافظة الخليل التي تعدّ مركزاً اقتصادياً وتجارياً مهما في أكبر محافظات الضفة من حيث السكان نحو 10.54 % من إجمالي الودائع، في وقت يشكل فيه سكان المحافظة نحو 23% من إجمالي سكان الضفة الغربية.
ومع تأكيد المراقبين أن الودائع المصرفية بهذا المفهوم لا تعكس بالضرورة القوة الاقتصادية لكل محافظة، فهناك أسباب ثقافية تمنع شرائح اجتماعية من إيداع أموالها في البنوك، خاصة في محافظة الخليل ذات القوة الاقتصادية الأكبر ربما على مستوى الضفة الغربية، غير أن هذه الأرقام تؤكد بأنه يوجد في محافظة طولكرم فرصاً استثمارية ضائعة، فعلى اعتبار أن هناك أموالا مخزنة خارج القطاع المصرفي لدى صرافين وغيرهم، فإن المحافظة تكون من الناحية الفعلية تمتلك قرابة مليار دولار تعدّ عبارة عن فرص ضائعة كونها خارج النطاق الاستثماري الذي يمكنه أن يغير واقع المحافظة تنمويا وحضريا، ويسهم في عمليات تشغيل واسعة من شأنها أن تحدّ من مشكلة البطالة وأن تسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي.
يؤكد سلام مرعي وهو رجل أعمال وأمين سر الغرفة التجارية والصناعية والزراعية في طولكرم لـ"صدى نيوز" أن المحافظة تتمتع بمزايا استثمارية عدة سواء في مجالات مثل السياحة والزراعة والصناعة، لكن وفق الظروف الأمنية والسياسية الحالية التي تتعرض لها المحافظة لا يمتلك أي رجل أعمال أو تاجر أو مستثمر الجرأة لافتتاح مشروع أو الدخول في استثمارات جديدة.
ويقول: "السنوات الثلاث الأخيرة وما شهدته المحافظة من اجتياحات من قبل الاحتلال وتدمير للبنية التحتية، كانت كفيلة أن تدفع تجاراً ورجال أعمال للبحث عن مصالحهم خارج المحافظة لأسباب تتعلق بالواقع الأمني والسياسي، وما نجم عنه تدمير للبنية التحتية وإغلاق للبوابات والمعابر، وتشييد للحواجز، وخلق بيئة ضاغطة على المحافظة وأهلها، ما أدى إلى فرض واقع جديد جعل من التنقل إلى طولكرم رحلة شاقة تستغرق ساعات".
ويشير مرعي إلى أن "رأس المال" معروف أنه لا يقبل على الاستثمار إلا في بيئة تتسم بالاستقرار، ولكن الظروف الحالية تدفع من يمتلكون مالاً إلى تفضيل إيداع أموالهم في البنوك انتظاراً لفرص استثمارية قادمة في حال توفرت البيئة الملائمة.
ويبين أن محافظة طولكرم إجمالا عرفت خلال السنوات الأخيرة بأنها تحتوي على منشآت سياحية وصناعية، ونجحت في استقطاب الزائرين من خارج المحافظة سواء من المدن والقرى القريبة في الضفة الغربية أو من أهالي مناطق 48، والذين كانوا يرتادون المحافظة للسياحة وللتزود باجتياجاتهم، لكن التراجع في الحركة التجارية والسياحية كان ملموساً بسبب الظروف الحالية.
ويقر مرعي بأن محافظة طولكرم تمتلك مزايا استثمارية عدة، فهناك أراض مزروعة وأخرى غير مزروعة، تسمح بالتمدد الحضري كما حصل خلال السنوات الأخيرة من نمو ملحوظ في القطاع العقاري، بالإضافة إلى إمكانية خلق استثمارات زراعية، وهناك مؤشر حول ذلك بانتشار البيوت البلاستيكية الخاصة بالزراعة بعد إغلاق إسرائيل الباب أمام عودة العمال إلى داخل الخط الأخضر ما دفعهم إلى البحث عن فرص بديلة، بالإضافة إلى إمكانية الاستثمار في المجال الصناعي، خاصة أن طولكرم مشهورة بوجود نحو (11) كسارة حجر، لذلك هناك إمكانية لتطوير قطاع الحجر والبناء.
ويضيف: "هناك امتداد سكاني وحضري كبير في طولكرم خلال السنوات الأخيرة، ويمكن استغلال المزايا الاستثمارية فيها بشكل يسهم في العملية التنموية، لكن الظروف الحالية التي يخلقها الاحتلال بمحاربة الوجود الفلسطيني أكبر مكبل لأية عملية تنموية".