
صدى نيوز -شهدت العاصمة المالية باماكو مبادرة فنية وإنسانية استثنائية تحت عنوان “أرسم من أجل غزة”، نظمتها جمعية اتحاد السفراء (UDA) بالشراكة مع سفارة دولة فلسطين والقنصلية الفخرية لسلوفاكيا، وبمشاركة واسعة قاربت ستين مشاركًا من مختلف الفئات: فنانين محترفين، هواة، أطفال، عائلات، إضافة إلى دبلوماسيين من دول عديدة.
أقيمت الورشة في أحد مقاهي باماكو، حيث تحولت القاعة إلى مساحة إبداعية نابضة بالحياة تحت إشراف فنانين ماليين، شاركوا الحاضرين في رسم لوحات تعبّر عن التضامن مع فلسطين ومع أطفال غزة بشكل خاص. وجاءت الأعمال محمّلة بالرموز التي تعكس قوة الذاكرة والمقاومة والأمل: مفتاح العودة، البطيخة، العلم الفلسطيني، الزيتون، الشاش، وألوان الوحدة بين مالي وفلسطين.

في كلمتها خلال الفعالية، أكدت السيدة ياسمين سيسي، نائبة رئيس اتحاد السفراء والقنصل الفخري لسلوفاكيا، أن هذا الحدث يجسد وجهًا راقيًا من وجوه التضامن الذي يعبر من خلاله الشعب المالي عن التزامه الأخلاقي تجاه فلسطين، معتبرة أن الفن لغة عالمية لصناعة السلام وحفظ الأمل وربط الشعوب. وأشارت إلى أن كل لوحة تحمل جزءًا من روح مالي وجزءًا من فلسطين وجزءًا من غزة، التي تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تشعر بأن العالم لا يتخلى عنها.

كما استعرضت السيدة سيسي رموزًا فنية اقترحتها الورشة لتكون مصدر إلهام للمشاركين، من بينها:
• المفتاح: رمز الذاكرة والعودة، الذي يحتفظ به كثير من الفلسطينيين بمن فيهم السفير حسان البلعاوي.
• البطيخة: الرمز الثقافي الخفي الذي مثّل العلم الفلسطيني في فترات المنع.
• الزيتون: شجرة الحياة والسلام والجذور العميقة.
• نصب السلم في مالي: تعبير عن توق مالي لسلام دائم.
• هند رجب ومريم سيسي: رمزَي الطفولة والبراءة التي انتهكتها المآسي في غزة ومالي على حدّ سواء.
من جانبه، عبّر سفير دولة فلسطين لدى مالي، حسّان البلعاوي، عن تقديره العميق لهذه المبادرة الإنسانية، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني سيراها بحب كبير وامتنان عميق. وأشار إلى أن الفن كان منذ منتصف الستينيات أحد أعمدة الثورة الفلسطينية، وأن العديد من الفنانين رسموا بدمائهم والشعراء دفعوا حياتهم ثمنًا لمواقفهم، خاصة في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة.
وأوضح السفير البلعاوي أن اللوحات ستُعرض أولًا في مقر السفارة في باماكو، ثم تُنقل إلى غزة عندما تسمح الظروف، بحيث تصل إلى الأطفال الفلسطينيين ومعها رسائل محبة وتضامن قادمة من مالي ومن عدد كبير من السفراء والدبلوماسيين الذين شاركوا بالرسم من دول مثل السعودية فنزويلا، كوبا، فرنسا، كندا، وتونس وغيرها بإلإضافة الى مدير ادارة اوروبا في وزارة الخارجية والتعاون الدولي المالية
هذه المبادرة لم تكن مجرد ورشة رسم، بل مساحة شفاء جماعية، إذ رأى المشاركون أن الفن يساعدهم على تحويل الألم إلى نور، والجرح إلى رسالة، والتضامن إلى فعل ملموس. وقد عبّر الأطفال والنساء والرجال والفنانون والدبلوماسيون جميعًا عن مشاعرهم بريشة واحدة تجاه غزة، لتؤكد باماكو مجددًا عمق ارتباطها الأخلاقي والإنساني بالقضية الفلسطينية.
وستحمل كل لوحة توقيع صاحبها والبلد الذي يمثله، في رسالة مباشرة إلى أطفال غزة بأنهم ليسوا وحدهم، وأن أطفال مالي يرسمون لهم كما سيرسم أطفال فلسطين لاحقًا لمالي، في تبادل فني وشعبي يجسد إحدى أرقى لغات الحوار والتضامن.
لقد أثبتت باماكو في هذه الأمسية أن الفن قادر على تجاوز الحدود، وعلى أن يكون فعل مقاومة وشفاء ومحبة، وأن مالي، بلد التضامن والشجاعة، يواصل فتح ذراعيه للعالم وقضاياه العادلة.
من باماكو إلى غزة… لوحاتٌ تسافر حيث لا تزال الخطوات عاجزة عن الوصول.



