خاص "صدى نيوز": إعداد قانون التأمين الجديد من قبل هيئة سوق رأس المال جاء استجابةً لحاجة ملحة لمعالجة الثغرات القانونية والتنظيمية التي يعاني منها القانون الساري حاليًا (رقم 20 لسنة 2005)، والتي باتت تشكّل عائقًا حقيقيًا أمام تطور قطاع التأمين في فلسطين، وتمنعه من مواكبة المعايير الدولية.

يقول أمجد قبها مدير عام الإدارة العامة للتأمين في الهيئة لـ"صدى نيوز" إن القانون الحالي يعاني من عدة ثغرات منها: تضارب في الصلاحيات الرقابية، وعدم انسجامه مع التشريعات الأخرى ذات العلاقة، وغياب واضح لمعايير الحوكمة والإفصاح، وافتقاره لتنظيم سليم لأنواع التأمين الحديثة كالتكافلي والزراعي، بالإضافة إلى غموض في الإجراءات المتعلقة بتصفية الشركات وخروجها من السوق.

وحول الفرق الجوهري بين القانونين الحالي والجديد، يقول قبها، "القانون الجديد يمثل نقلة نوعية على مستوى الهيكل والمحتوى، حيث يفصل بين المهام الرقابية والتنظيمية وبين أحكام عقد التأمين، ويعزز الحوكمة والشفافية وفق المعايير الدولية مثل تلك المعتمدة من الجمعية الدولية لمراقبي التأمين IAIS كما يهيئ بيئة قانونية متطورة تُسهم في تطوير منتجات التأمين، وتحسين تجربة المستهلك، وجذب الاستثمارات إلى السوق التأميني الفلسطيني".

أما عن أهم ملامح القانون الجديد، فيمكن تلخيصها بما يلي:

أولاً: تنظيم تصفية الشركات، إنشاء صندوق خاص يتولى تصفية شركات التأمين التي تخرج من السوق، بما يحفظ حقوق المؤمن لهم والمستفيدين.

ثانياً: تعزيز الحوكمة، فرض مؤهلات ومعايير لمُلاك ومديري الشركات، وتفعيل لجان الرقابة والمخاطر الداخلية، مع منح الهيئة صلاحيات لعزل الإدارات عند الحاجة.

ثالثًاً: عدالة التعويضات، اعتماد آليات ومعايير جديدة لاحتساب التعويضات بطريقة تراعي خصوصية كل حالة تأمينية، ما يقلل الفجوات ويعزز الثقة.

رابعاً: تنظيم التأمين التكافلي، إدراج فصل خاص ينظم التأمين التكافلي وفق الشريعة الإسلامية، ويحدد العلاقة بين حملة الوثائق والشركات.

خامساً:حل النزاعات، إنشاء لجنة مختصة لتسوية المنازعات التأمينية بطرق عادلة وسريعة.

وفي سؤال لـ"صدى نيوز" حول سبب اعتراض شركات التأمين على القانون الجديد، وكيفية معالجة الخلافات مع اتحاد شركات التأمين، أشار قبها إلى أن بعض شركات التأمين اعترضت على عدد من بنود مشروع قانون التأمين الجديد، وكان أبرزها ما يتعلق بمستقبل الاتحاد الفلسطيني لشركات التأمين، في ظل مقترحات تقضي بإمكانية إلغائه أو تعديل دوره، وهو ما اعتبرته الشركات مساسًا بمكانة الاتحاد ودوره التمثيلي في القطاع.

وأكدت هيئة سوق رأس المال أنها أولت هذه الاعتراضات أهمية خاصة، وتعاملت معها بجدّية خلال مراحل إعداد مشروع القانون، حيث تم فتح قنوات حوار واسعة مع جميع الأطراف المعنية، كالوزارات والمؤسسات العامة وشركات التأمين، وذلك عبر سلسلة من اللقاءات والمشاورات الفنية المتخصصة. كما تم إرسال مسودات القانون إلى ممثلي القطاع لمراجعتها وتقديم الملاحظات، وقد تم بالفعل إدخال تعديلات جوهرية استجابة للمقترحات المطروحة.

وشددت الهيئة على أن الغاية من مشروع القانون ليست فرض قيود أو التضييق على عمل الشركات، بل تأسيس إطار قانوني منظم، متوازن وشفاف، يُعزز الثقة بالقطاع ويخلق بيئة تنافسية صحية تدفع نحو تطوير السوق التأميني وتحقيق حماية أوسع لحقوق المؤمن لهم والمستفيدين.

ولفت قبها إلى أن القانون الجديد يهدف بالمجمل إلى إيجاد بيئة تنظيمية عادلة ومتوازنة، تحفز على الابتكار وترفع من كفاءة السوق، مع الحفاظ على حقوق جميع الأطراف، سواء الشركات أو المؤمن لهم، ضمن إطار قانوني أكثر نضجًا واستدامة، يعزز مساهمة قطاع التأمين في التنمية الاقتصادية وخدمة المواطن الفلسطيني بشكل أفضل.

وحاولت "صدى نيوز" الحصول على موقف اتحاد شركات التأمين من قانون التأمين الجديد، لكن الاتحاد لم يقدم إجابة على طلبنا بهذا الخصوص حتى الآن، وستقوم بنشر رأي الاتحاد في حالة توفره.

وكان رئيس مجلس إدارة هيئة سوق رأس المال عمار العكر أكد في وقت سابق خلال لقائه من صحفيين اقتصاديين أن قانون التأمين الجديد سيدخل حيز التنفيذ قبل نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل.

وأوضح العكر أن القانون الجديد يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في قطاع التأمين من خلال اعتماد نظام تسعير قائم على تقييم المخاطر وسجل المؤمن له، بدلاً من التسعيرة الموحّدة، بما يحقق عدالة أكبر في تحديد الأقساط التأمينية.

يذكر أن (13)  شركة تأمين تعمل في فلسطين تقدم خدماتها عبر مختلف الفروع التأمينية، بما في ذلك التأمين على المركبات، والتأمين الصحي، والتأمين على الحياة، وتأمين الممتلكات، والتأمين الزراعي.

وبلغ مجموع أرباح شركات التأمين المدرجة في بورصة فلسطين حوالي 9.5 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، بزيادة 13% عن العام السابق.