
صدى نيوز - تتبلور أمامنا الآن صورة أوضح لخطط بكين في تخفيف القيود المفروضة على صادرات المعادن الأرضية النادرة والمعادن الأساسية الأخرى بعد الاجتماع بين الرئيسين دونالد ترمب وشي جين بينغ في أكتوبر في مدينة بوسان الكورية الجنوبية.
يبدو أن الضغط قد زال حالياً بالنسبة لمستهلكي المعادن الأرضية النادرة الخاضعة لضوابط التصدير غير العسكريين، لكن الصورة أقل إشراقاً بالنسبة لمستهلكي قطاع الدفاع والمنتجين البديلين الجدد الذين سيواجهون مجدداً منافسةً من الواردات الصينية الرخيصة.
لقد علقت الصين لمدة عام أحدث جولة من ضوابط التصدير التي هددت بخنق إمدادات المعادن الأرضية النادرة والمغناطيس للمستخدمين الصناعيين. كما علقت أشد ضوابطها على الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون ومواد أخرى التي كانت سارية منذ ديسمبر 2024- وقد كانت تلك حظراً من حيث الأثر على صادرات هذه المنتجات إلى الولايات المتحدة.
وما تزال القيود المفروضة على المستخدمين النهائيين العسكريين والاستخدامات العسكرية الأميركية ساريةً.
جاء في تقارير إعلامية أن بكين تسعى إلى تبني نظام "المستخدم النهائي المعتمد" الذي من شأنه تسريع تراخيص التصدير للمواد الخاضعة للرقابة المخصصة للتطبيقات غير الدفاعية، على غرار التراخيص العامة المشار إليها في بيان البيت الأبيض.
برغم تأكيدات البيت الأبيض، لم تعفِ الصين أي معادن أو تقنيات ذات صلة من متطلبات ترخيص مراقبة الصادرات بما يفوق ما أعلنت تعليقه في 9 أكتوبر- ولم توافق على تخفيف آليات الموافقة على التراخيص وإنفاذ مراقبة الصادرات الأشد التي نشأت على مدى سنوات كثيرة مضت.
كما ستواصل بكين جمع البيانات حول المستخدمين النهائيين للمواد الخاضعة للرقابة المعمول بها منذ أبريل، التي يمكن استخدامها لتحقيق ميزة تجارية واستراتيجية.
زيادة الصادرات تجلب تخفيفاً عن الشركات الأميركية
يبقى أن نرى ما إذا كان هذا سيرضي واشنطن. إذا استمر هذا الوضع الراهن الجديد، فإننا نتوقع تغييراً طفيفاً في صادرات الصين من المعادن النادرة والمغناطيس، وزيادة في صادرات الغاليوم والمنتجات الأخرى التي حظرتها في ديسمبر.
انخفضت صادرات الصين العالمية من الغاليوم في أعقاب حظر التصدير الأميركي، لذا فهذه الزيادة بشارة لشركات صناعة السيارات الأميركية والمستهلكين الصناعيين الآخرين في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.
ومع ذلك، قد تؤدي الهدنة أيضاً إلى إبطاء الجهود المبذولة لتعزيز الطاقة الإنتاجية غير الصينية عبر مجموعة متنوعة من المعادن الخاضعة للرقابة، مع عودة الخيارات الصينية منخفضة السعر إلى السوق.
هل هذا رفع لقيود وضعتها الصين منذ 2023؟
بعد الاجتماع بين ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ، أصدر البيت الأبيض بياناً مفاده أن الصين ستتراجع عن موجة إعلانات ضوابط التصدير المعلنة في 9 أكتوبر وتصدر تراخيص تصدير عامة من شأنها أن تكون بمثابة "إزالة من حيث الأثر لضوابط (على الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والغرافيت) التي فرضتها الصين منذ عام 2023".
في 7 نوفمبر، أعلنت وزارة التجارة الصينية -وهي السلطة المسؤولة عن نظام مراقبة الصادرات في الصين- تعليقاً لمدة عام واحد لتنفيذ ضوابط التصدير التي أُعلنت في 9 أكتوبر. وهذا يؤكد الادعاء الأول ويتجنب ما كان يمكن أن يؤدي إلى حظر فعال على صادرات المغناطيسات إلى الولايات المتحدة.
بعد يومين، أعلنت وزارة التجارة أنها ستعلق أيضاً بعض القيود المفروضة على تصدير الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والمواد فائقة الصلابة (بما في ذلك بعض منتجات الغرافيت عالية النقاء) التي كانت سارية منذ ديسمبر. من شأن هذا أن ينهي ما كان حظراً فعالاً على صادرات هذه المواد إلى الولايات المتحدة. لكن القيود المفروضة على الاستخدامات العسكرية والمستخدمين النهائيين ظلت كما هي.
مع ذلك، لم تزل الصين هذه المواد من متطلبات الترخيص أو معالجة أي قيود أخرى أو تعزيز آليات التنفيذ التي تم تقديمها منذ عام 2023. وما تزال القواعد الحالية سارية على جميع العناصر الخاضعة للرقابة، بما في ذلك المواد التي أشار إليها البيت الأبيض.
يبدو أيضاً أن الصين ليس لديها خطط لتعليق جمع المعلومات التفصيلية حول المستخدمين النهائيين للمواد الخاضعة للرقابة إذا اندلعت التوترات التجارية مرة أخرى.
باختصار، لا يبدو أن بكين تعيد عقارب الساعة إلى عام 2023. قد نشهد تخفيفاً إضافياً من وزارة التجارة في الأيام المقبلة، لكن النطاق المحدود لإعلان 9 نوفمبر والتقارير التي تفيد بأن الصين قد تُدخل نظام "المستخدم النهائي المعتمد" الذي يسمح بإصدار تراخيص عامة للعملاء المُتحقق منهم يشير إلى أن بكين تعتقد أنها التزمت بروح اتفاقية كوريا.
ما يظهر بدلاً من ذلك هو نظام أقرب -نظرياً على الأقل- إلى نظام الولايات المتحدة: بحيث يكون حظراً على صادرات المعادن وغيرها من المدخلات المخصصة لتطبيقات الدفاع الأميركية وترخيص أكثر كفاءة للصادرات للأغراض التجارية.
الصين ما تزال في مقعد القيادة
ربما يكون تحدي تأمين مصادر بديلة للمعادن الحيوية أفضل مثال على المعضلة التي تواجه واشنطن وبروكسل والعواصم الحليفة. في حين خففت الصين بعض إجراءاتها، إلا أن سيطرتها على خط أنابيب المعادن الحيوي ما تزال قوية، ويمكن لبكين بسهولة تشديدها مجدداً.
في الوقت نفسه، قد يُضعف تخفيف بكين لتلك الإجراءات الإرادة السياسية التي تراكمت في الأشهر الأخيرة لتقليل الاعتماد على الصين.
يُرجح أن يتطلب الاعتماد على الصين إجراءات تجارية جادة أو دعماً اقتصادياً مكلفاً. قد يكون الدعم ممكناً في ظروف محدودة، لكن الإجراءات التجارية قد تُشعل فتيل التوترات من جديد.
مع تبلور نتائج التحقيق التجاري الأميركي ومبادرات مجموعة السبع خلال الأشهر القليلة المقبلة، سنحصل على بعض المؤشرات على رغبة الدول الغربية في اتخاذ خطوات سياسية جادة من شأنها أن تُمكّن من تخفيف المخاطر على المدى الطويل- وما إذا كانت بكين ستتخذ هذه الإجراءات دون تردد.