بمعدل 751 مليون دولار في العام الواحد..75%منها تمويل للموازنة العامة 

خاص صدى نيوز- أظهرت بيانات سلطة النقد "بيانات الماليّة العامة" الموثقة، أن  إجمالي الدعم الخارجي للسلطة الوطنية الفلسطينية عبر الموازنة العامة على الأساس النقدي بلغ (21.8) مليار دولار، منها (16.4) مليار دولار للخزينة العامة مباشرة، و(5.4) مليار دولار للمشاريع التطويرية، وذلك خلال السنوات 1996-2024 أي خلال 29 عاماً بمعدل دعم سنوي على أساس نقدي وصل إلى (751) مليون دولار في العام الواحد.

وأظهرت البيانات المالية أن (75%) من الدعم الخارجي للخزينة العامة مباشرة، و(25%) للمشاريع التطويرية المختلفة.

يشار إلى أن هذه البيانات تشمل فقط الدعم المباشر للخزينة العامة إن كان للموازنة العامة أو النفقات التطويرية، ولا تشمل الدعم المباشر للهيئات المحلية، او مؤسسات المجتمع المدني، أو القطاع الخاص، أو تنفيذ مباشر لمشاريع من خلال مؤسسات وسيطة، أو اتفاقيات ثنائية خاصة مع بعض مراكز المسؤولية.

وتظهر البيانات أن التمويل الخارجي بلغ ذروته في العام (2008) وبمبلغ وصل الى حوالي (2) مليار دولار، أما في السنوات العشر الأخيرة، فقد تراجع الدعم الخارجي بشكل كبير ودال، وبلغ في العام 2023 فقط (18%) عمّا كان عليه في العام 2008، رغم التباين الكبير في القيمة الزمنية للنقود، اما في العام 2024 فقد ارتفع الدعم بسبب حزمة الدعم الأوروبي الطارئة.

يقول الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة لــ"صدى نيوز" أنه على الرغم من أهمية الدعم الخارجي، إلا أن الإيرادات المحلية، وخاصة إيرادات المقاصة تبقى العنصر الحاكم في الموازنة العامة في فلسطين، وهي المكون الأكبر للإيرادات العامة.

ولفت إلى أن أي انفراجة للمالية العامة تتطلب بالضرورة انهاء أزمة احتجاز إسرائيل لإيرادات المقاصة. وذلك من خلال استثمار الدعم الدولي، وزخم مؤتمر نيويورك لحل الدولتين، ومخرجات مؤتمر المانحين بقيادة المملكة العربية السعودية وفرنسا، والذي تضمن الإعلان لأول مرة بالالتزام بالعمل على مراجعة بروتوكول باريس الاقتصادي الناظم للعلاقة المالية ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ووضع إطار جديد لتحويل أموال المقاصّة.

ودعا إلى البناء على هذا الإعلان والاستثمار في الزخم الدولي للعمل على حلول لقضية المقاصّة قبل فتوره، وعبر الدعوة لمراجعة بروتوكول باريس الاقتصادي ووضع إطار جديد للعلاقة الاقتصادية ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، من خلال مساري عمل:

•على الأمد القصير: تولّي دول/ دولة إدارة ملف المقاصّة، كلياً او جزئيا، من خلال متابعة إجراءاتها المختلفة، خاصة مع التحوّل الرقمي فيها، والعمل على ضمان تحويل المقاصة، والعمل مرحليا على إحالة جباية بعض الضرائب لوزارة المالية الفلسطينية بشكل مباشر مثل ضريبة "البلو" للمحروقات، وغيرها.

•على الأمد البعيد: نقل الصلاحيات الجمركية الى السلطة الفلسطينية من خلال "ميناء جاف"، وتولي وزارة المالية الفلسطينية ادارته واجراءاته الجمركية، ان كان في داخل المناطق الفلسطينية او بالتعاون مع دول الجوار، الأمر الذي بمنح السلطة الفلسطينية صلاحيات التخليص الجمركي بشكل مباشر.

أمّا على الصعيد المحلي، فيقول عفانة أنه  توجد ضرورة لتعزيز القاعدة الإنتاجية، وذلك من خلال حزمة تحفيزات للقطاع الخاص ولمنشأت الأعمال للتعافي من آثار الحرب، وخاصة منشآت الاعمال الصغيرة ومتناهية الصغر، والاستثمار في القطاعات الزراعية والصناعية من اجل إحلال الواردات الفلسطينية بدلاً من الإسرائيلية والمستوردة، لتعظيم الإيرادات المحلية والتخفيف من الإيرادات عبر المقاصة، عدا عن دور ذلك في التخفيف من نسبة البطالة، وإعادة البعث للدورة الاقتصادية، إضافة الى ضرورة الاستثمار في الاقتصاد الرقمي، والطاقة البديلة، والتي ستعزز أيضا من الانفكاك من قيود المقاصّة.

وزير التخطيط والتعاون الدولي د. اسطيفان سلامة أشار في لقاء مع الصحفيين قبل تكليفه بوزارة المالية خلفا للوزير المستقيل عمر بيطار إلى أن تجنيد الدعم الدولي للسلطة الوطنية شهد تحسناً ملموسا خلال آخر عامين، بعد عدة سنوات من التراجع لأسباب إما سياسية تجاه السلطة الوطنية أو مطالبات لها بإجراء إصلاحات. ويبين سلامة أن الجهد الذي بذلته الحكومة لإحداث اختراق في موضوع تجنيد الدعم المالي للسطة الوطنية تزامناً مع تنفيذها لجملة من إجراءات الإصلاح لا يقاس بالأرقام فحسب رغم أنها تشير إلى تحسن واضح مقارنة مع الدعم المقدم خلال السنوت الأخيرة، لكنه يعكس أهمية كبيرة كونه نجح في جذب دعم من دول لم سبق ان قدمت دعماً للخزينة العامة في السابق مثل ألمانيا.

وإذا ما تمعنّا في حجم المساعدات الدولية التي جندتها الحكومة خلال آخر عامين، يتضح بشكل جلي فعلاً أنها وصلت إلى مستويات حول المعدل العام لحجم المساعدات  أي قرابة 751 مليون دولار سنويا، لكن هذه المساعدات لم تترك أثراً ملموساً كون أن اسرائيل ما زالت تحتجز الايراد الرئيسي للسلطة الوطنية ممثلا بضريبة المقاصة والتي تشكل نحو68%من إجمالي الايرادات العامة. وتؤكد الحكومة ان الاموال التي يحتجزها الجانب الإسرائيلي من اموال المقاصة وصلت مؤخراً إلى نحو (13) مليار شيقل.

هل يمكن التعويل على المساعدات الخارجية مستقبلا أو السعي لرفع مساهمات المجتمع الدولي لرفد موازنة السلطة الوطنية؟ سؤال برسم الإجابة. يقول محافظ سلطة النقد يحيى شنار خلال لقاء مع الصحفيين إنه توصل إلى قناعة من خلال تواصله مع العديد من المسؤولين العرب والدوليين مفادها" لقد ولىّ عصر المنح، وجاء زمن الاستتثمارات"، مشيراً إلى أن توجهات معظم الجهات الدولية اليوم تتركز حول كيفية توجيه أموالها للاستثمار وليس الدفع بلا مقابل.